ترك برس
زعم بشير عبدالفتاح، الأكاديمي المصري والكاتب في صحيفة "الحياة"، أن الوجود العسكري التركي في الصومال لا يحظى بترحيب عام، وأن هناك رفض شعبي لتحول العلاقات مع تركيا "مِن دائرة المساعدات المرحب بها إلى غياهب تمركز عسكري مقلق وطويل الأمد"، على حد تعبيره.
وقال الكاتب في مقال تحليلي بالصحيفة، إنه "مثلما فجَّرت القاعدة التركية في قطر غضباً مكتوماً لدى بعض الأوساط القطرية، وألقت بظلال سلبية على علاقات أنقرة مع بقية دول الخليج العربية وواشنطن، لم تسلم قاعدة الصومال من نذر تداعيات قد تكون أشد وطأة".
وأشار إلى أن حركة "الشباب" لم تتورع عن التهديد باستهداف القوات التركية ومعداتها، وأن ثلاثة أقاليم صومالية هي جلمدج وبلاد بنط وهرشبيلي، آثرت أن تنأى بنفسها عن موقف مقديشو المنحاز إلى قطر وتركيا بمجرد اندلاع الأزمة بين قطر والدول الأربع "الداعمة لمكافحة الإرهاب".
وأضاف أن تلك الأقاليم أعلنت وقوفها إلى جانب الدول الأربع، إذ تحصل على دعم سعودي وإماراتي ضخم في مجال الطاقة، كما أطلقت شركة موانئ دبي العالمية مشروعاً مطلع هذا العام لتطوير ميناء بربرة التجاري وفق عقد تجاوزت قيمته 440 مليون دولار.
ولم يستبعد الكاتب "أن تصطدم تطلعات أنقرة لاتخاذ قاعدتها في الصومال منصة لدور تركي استراتيجي في القرن الأفريقي مستقبلاً، بتموضع موغل في القدم، لقوى دولية كبرى كالولايات المتحدة والصين وفرنسا، إلى جانب أطراف إقليمية.
ولعل مهمة أنقرة ستكون صعبة للغاية إذا أرادت اللحاق بتلك القوى التي لم تعتمد فحسب في مساعيها لتقوية أواصر العلاقة مع الصومال ودول القرن الأفريقي على المساعدات الاقتصادية والمنح الدراسية وإنعاش التجارة البينية مثلما تفعل تركيا، وإنما تجاوزت تلك المجالات بمراحل".
واستدرك: "حتى أن دولة الإمارات، مثلاً، نجحت في أن تسبق تركيا إلى الصومال، حين شرعت في الاستثمار في الموانئ البحرية الحيوية هناك، كما أقامت منذ العام 2015 قاعدة عسكرية مهمة على مسافة أميال عدة من أبرز تلك الموانئ..
وأنشأت كذلك مؤسسة للتدريب العسكري في مقديشو، تمكنت من تخريج آلاف الجنود من القوات الصومالية، شهد لهم القاصي والداني بأنهم الأكثر كفاءة وجهوزية في صفوف الجيش الصومالي، الأمر الذي دفع الحكومة الصومالية إلى تحميلهم مسؤولية تأمين العاصمة مقديشو".
واعتبر أن "النزوع التركي المتصاعد" إلى التمدد العسكري سواء من خلال عمليات في سورية والعراق بتفويض متجدد من البرلمان، أو عبر إقامة قواعد عسكرية في الخليج والقرن الإفريقي، يحرك مخاوف مراقبين مِن التداعيات السلبية المحتملة لذلك التمدد الطموح، في ظل ظروف إقليمية بالغة الحساسية في المنطقة.
كما زعم أن الاقتصاد التركي "يعاني انكماشاً واضحاً وتراجعاً مربكاً ينذر بتقويض قدرته على تحمل أعباء أي طموحات وتحركات استراتيجية من هذا القبيل".
وختم بالقول: "لم يبرأ كثير من الأتراك بعد من آثار التجربة التوسعية المريرة للأتراك العثمانيين، حين انتهى بهم تمدد عسكري جامح وغير مبرر ولا محسوب بدقة كافية، إلى انهيار الإمبراطورية العثمانية وتقسيمها وتفرق ضحايا مغامراتها العسكرية في مشارق الأرض ومغاربها"، حسب قوله.
من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين، أن الدور الإماراتي في الصومال يؤثِّر سلبًا على مسيرة إعادة إعمار الصومال وتطوره؛ حيث بدأت الإمارات تتعامل مع الولايات الفيدرالية الصومالية بصورة غير قانونية ودون تنسيق مع الحكومة، إلى جانب رشاوى هائلة تقدمها الإمارات لبعض الولايات لتكون ورقة ضغط على الحكومة الصومالية في تمرير المشاريع الإماراتية داخل الصومال.
وهذه السياسات التي تنتهجها الإمارات هي ما ترفضه مقديشو، خاصة أن التدخل الإماراتي السافر ضاقت الحكومة به ذرعًا وبات أمرًا مطروحًا أمام البرلمان الصومالي للمناقشة عليه؛ الأمر الذي يبرهن على أن الوجود الإماراتي في الصومال غير مرغوب فيه، وبالتالي لن يبقى كثيرًا على الساحة.
افتتحت تركيا أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا، وتقع على بعد كيلومترين جنوب العاصمة الصومالية، مقديشو، وتبلغ مساحتها نحو 400 هكتار، وتضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، وتبلغ تكلفتها المالية 50 مليون دولار تقريبًا.
أُنشئت هذه القاعدة العسكرية التركية في مقديشو بموجب اتفاقية عسكرية تم إبرامها بين البلدين في ديسمبر/كانون الأول 2012، تعهدت تركيا من خلالها بالمشاركة في إعادة تأهيل الجيش الصومالي، وفق تقرير صادر عن مركز الجزيرة للدراسات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!