ترك برس
افتتحت تركيا أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا، وتقع على بعد كيلومترين جنوب العاصمة الصومالية، مقديشو، وتبلغ مساحتها نحو 400 هكتار، وتضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، وتبلغ تكلفتها المالية 50 مليون دولار تقريبًا.
أُنشئت هذه القاعدة العسكرية التركية في مقديشو بموجب اتفاقية عسكرية تم إبرامها بين البلدين في ديسمبر/كانون الأول 2012، تعهدت تركيا من خلالها بالمشاركة في إعادة تأهيل الجيش الصومالي، بحسب تقرير صادر عن مركز الجزيرة للدراسات.
ولا شك في أن القاعدة العسكرية التركية التي تم افتتاحها في مقديشو، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2017، بحضور قائد أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، ورئيس الوزراء الصومالي، حسن علي خيري، ومسؤولين آخرين من الجانبين، ستمنح تركيا امتيازات كبيرة على خليج عدن الاستراتيجي.
كما ستكون القاعدة محطة لتوسيع النفوذ التركي في القارة الإفريقية، وذلك بعد أن وضعت تركيا قدمًا لها على الخليج العربي من خلال إنشاء قاعدة عسكرية في قطر.
ويشير موقع (خبر7)، التركي، إلى أن القاعدة التركية في الصومال تأتي في إطار سياسة فتح أسواق جديدة للأسلحة التركية والبحث عن أسواق جديدة لبيع الأسلحة التي تنتجها أنقرة، مضيفة أن تركيا تبدأ أعمالها في هذا الإطار من خلال تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويأتي اختيارها لقطر والصومال للأهمية الاستراتيجية لهاتين الدولتين، إلى جانب أسباب أخرى.
يشرف الجيش التركي على تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في هذه القاعدة، وستفتح القاعدة أبوابًا واسعة لبيع وتصدير السلاح التركي وفق بعض التقارير؛ حيث تسعى أنقرة منذ سنوات إلى تطوير صناعاتها الدفاعية بشكل كبير ورفع نسب تصديرها للخارج.
وتدرك تركيا جيدًا أهمية الصومال بالنظر إلى موقعه الجغرافي الذي يربط بين القارات وباعتباره ممرًّا مهمًّا للطاقة في العالم، إضافة إلى الثروات الكثيرة التي يمتلكها الصومال والمخزون النفطي به، وبالتالي فإن الصومال يدخل ضمن سياسة عامة تنتهجها تركيا للتأثير على المستويين الإقليمي والدولي.
الأبعاد الاستراتيجية:
رسميًّا، لم تزد تركيا على التذكير بأن الهدف من تأسيس هذه القاعدة ما هو إلا تدريب وتأهيل الجيش الصومالي والتعاون العسكري مع مقديشو، غير أن المراقبين يعتقدون أن الأمر يتجاوز ذلك ليصل إلى نوع من التمدد الاستراتيجي في هذه المنطقة المهمة جغرافيًّا، وهو ما سيمكِّن أنقرة من تعزيز وتقوية أوراقها في بعض الملفات الإقليمية. ويمكننا أن نقسم هذا التصور إلى ثلاثة أقسام:
أولًا: مواجهة تنامي نفوذ بعض القوى الإقليمية والدولية، مثل: إيران، وإسرائيل، والصين، ومحاولة تطويق ومحاصرة تحركات بعض القوى الأخرى، مثل: الإمارات، ومصر، في إطار التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في المنطقة، إضافة إلى السعي نحو تقديم نفسها كبديل إقليمي جاهز لتحقيق وحماية مصالح وأهداف القوى الغربية والولايات المتحدة في المنطقة، في إطار استراتيجيتها الرامية إلى بناء قوة ونفوذ، يخلق منها قوة عظمى سياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا.
ثانيًا: تعزيز الحضور التركي في منطقة القرن الإفريقي، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية، لاسيما في الصومال، لكونه يقع في قلب مسرح الأحداث الإقليمية، بما يجعله بمنزلة العمق الاستراتيجي للأمن القومي العربي، ولقربه الجغرافي من منطقة الخليج العربي، ومنطقة الشرق الأوسط، كما أن الصومال يطل على البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والذي تسعى تركيا -كما يبدو- لإثبات وجودها ونفوذها في هذه الممرات المائية.
ثالثًا: حماية المصالح الاقتصادية التركية في القارة الإفريقية، والبحث عن المزيد من الاستثمارات في منطقة شرق إفريقيا، والقرن الإفريقي؛ حيث يمنح الوجود في هذه المنطقة تركيا العديد من المميزات على جميع المستويات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية. ففي الوقت الذي يبلغ فيه حجم الاستثمارات التركية المباشرة في إفريقيا نحو ستة مليارات دولار، تستحوذ منطقة شرق إفريقيا على نصفها تقريبًا، ويبلغ نصيب الصومال منها نحو مئة مليون دولار.
ووصلت تركيا إلى الصومال في وقت انشغل فيه العالم أجمع عن المجاعة والمأساة الإنسانية التي يعيشها الصومال، وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول زعيم، يشغل منصب رئيس دولة، يزور الصومال، في أغسطس/آب 2011، فاتحًا الباب أمام مساعدات إنسانية واقتصادية وتنموية تركية غير محدودة للصومال، وصلت ذروتها، بالتوقيع على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!