محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
مضى عدة أيام على انطلاق عملية عفرين. من المعروف أن العملية لن تكون سهلة، وستزداد صعوبة مع مرور الوقت.. لكن أنقرة ستتجاوز هذه المصاعب بطريقة ما لأنها أجرت تحضيرات جدية، ووضعت في الحسبان ردود الأفعال الواردة من الداخل والخارج.
القضية المهمة هي العملية التي ستبدأ لاحقًا في منبج وشرق الفرات. تركيا اتخذت قرارها في هذا الخصوص. والبلد الذي يُترقب رد فعله هو الولايات المتحدة..
هل ستحدث مواجهة خطيرة بين تركيا والولايات المتحدة؟ أم أن إحداهما ستقدم على خطوة إلى الوراء؟ هذا هو السؤال الذي يبحث الجميع، من الشارع حتى الأوساط السياسية، عن إجابة عنه..
ليس سرًّا اتباع واشنطن سياسة خبيثة منذ اندلاع الحرب الداخلية السورية. علاقتها مع داعش، وتمهيدها الطريق أمام حزب الاتحاد الديمقراطي، وتسليحها إياه مع حزب العمال الكردستاني، هي من نتائج هذه السياسة.
من المعروف أن الإدراة الأمريكية لديها مخطط، يعد استكمالًا لسياستها في سوريا، من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة، وأنها تسعى لصيد عدة عصافير بحجر واحد، باستخدام الورقة الكردية والصراع الطائفي.
طبقت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية على مراحل منذ عام 2003، حين احتلت العراق. أضعفت الحكومات المركزية، وقسّمت المنطقة من خلال إثارة الصراعات العرقية والطائفية.. جزأت العراق إلى ثلاث مناطق، وتسعى إلى تقسيم سوريا إلى ثلاث دويلات، علوية وسنية وكردية.
ولا شك أن تغطية بلدان المنطقة على المشاكل وتغاضيها عنها كان لهما تأثير في هذه النتيجة، ولكن الأهم من ذلك هو تدخل النظام العالمي. فهذا النظام وعلى رأسه الولايات المتحدة، لم يرغب في أي وقت بأن تُحل المشكلة الكردية أو الصراع الطائفي عبر الديناميات الداخلية في بلدان المنطقة. بل إنه بذل جهودًا خاصة لعرقلة الحل.
وأبرز مثال على ذلك تركيا..
فمنذ عهد الرئيس الراحل تورغوت أوزال (في الثمانينات) عرقل النظام العالمي جميع الخطوات الرامية لحل المشكلة الكردية. الغاية واضحة تمامًا وهي "عدم إبقاء أي حكومة مركزية أو عاصمة قادرة على تحدي النظام العالمي لا الآن ولا في المستقبل" بحسب قول الكاتب رسول سردار أتاش.
ولهذا وضعت الولايات المتحدة تركيا نصب عينيها في الآونة الأخيرة. لكن أنقرة مصممة على إحباط هذه الألعوبة. ولهذا فإن عفرين مجرد بداية، والمواجهة الحقيقية ستقع في منبج وشرق الفرات.
سنرى إن كانت الولايات المتحدة ستقوم بحملة تشعل النار من خلالها في المنطقة وحتى في العالم بأسره، وهل ستصطدم بتركيا حليفتها على مدى 60 عامًا، أم أنها ستتمكن من إيجاد صيغة جديدة؟
بالنظر إلى السياسة المتبعة يبدو أنه لا مفر من الصدام، ومع ذلك فإن مهمة الولايات المتحدة ليست سهلة على الإطلاق، ويتوجب عليها إيجاد صيغة مناسبة للحل.
ففي ظل النزيف الحاد المستمر على صعيد السياسة الداخلية، من الصعب على الإدارة الأمريكية توضيح ما تفعله في المنطقة، للعالم وحتى للرأي العام الداخلي في الولايات المتحدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس