محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تدخل العلاقات التركية الأمريكية مرحلة جديدة، سوف تحدد اتجاهها التطورات المتعلقة بعفرين وشرق الفرات. أو على الأصح موقف الولايات المتحدة من قطع علاقاته مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تنظيمًا إرهابيًّا..
صدور تصريحات متناقضة عن الولايات المتحدة في هذا الخصوص يثير إشارة استفهام. هل تصدر الإدارة الأمريكية هذه التصريحات قصدًا من أجل كسب الوقت؟ أم أنها تداعيات صراع السلطات في واشنطن؟
كلا الأمرين صحيح في الواقع.. فهناك توتر كبير بين المعينين والمنتخبين، ترامب وطاقمه يقول شيئًا، ومسؤولو الخارجية أو الدفاع يقولون شيئًا آخر. لكن هناك نقطة يشترك فيها الجميع، وهي عرقلة تركيا. هذا الموقف ظهر جليًّا مع عملية عفرين التي غيرت التوازنات الميدانية.
وفي هذا السياق، عند النظر إلى مسألة "المنطقة الآمنة"، التي اقترحها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، على نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، يبدو أن المقترح لا ينسجم مع الواقع الميداني.
قبول الولايات المتحدة مقترح المنطقة الآمنة، الذي طرحته أنقرة منذ البداية، خطوة هامة في إظهار أن تركيا على حق، لكنني لا أعتقد أنه سيكون مفيدًا، لأن هناك مدن هامة مثل كوباني والقامشلي يتمركز فيها حزب العمال الكردستاني في عمق 30 كم.
فكوباني تبعد عن الحدود أقل حتى من كيلومتر واحد، وهناك مناطق أخرى مشابهة. هل ستطلب الولايات المتحدة من حزب العمال الانسحاب من هذه المناطق؟ لا يبدو هذا مقنعًا على الإطلاق.
وعلاوة على صعوبة تطبيق هذا المقترح على الأرض، فهو يحتوي على تناقض آخر. ماذا تفكر الولايات المتحدة بشأن المناطق الأخرى خارج منطقة 30 كم؟ ما الذي سيتغير إذا واصلت تسليح حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق؟ هذا أيضًا غير واضح..
يتبين أن الإدارة الأمريكية طرحت هذا المقترح حاليًّا من أجل الحيلولة دون قطع العلاقات مع تركيا، لكن المقترح لا يلبي مطالب تركيا من جهة، ولا يتماشى مع الواقع الميداني من جهة أخرى.
كما أنه يفرغ تصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت من معناه. فما قالته نويرت مؤشر على أن بلادها لن تتخلى بسهولة عن حزب العمال: "تركيا تركت داعش وبدأت بملاحقة بي كا كا".
إما أن الإدارة الأمريكية لا تعي ما تفعل، أو أنها تعتبر الجميع حمقى. فهي تعتقد أن ذريعة "داعش" ما زالت سارية حتى الآن. مع أن العالم بأسره رأى أن التنظيم أداة في يدها، عندما خرج مقاتلوه بكل بساطة من الرقة.
وهمها الآن إضفاء المشروعية على مطيتها الأخرى، حزب العمال الكردستاني، لدى الرأي العام العالمي.. ولهذا دعت المتحدثة الأمريكية بكل صراحة إلى التخلي عن ملاحقة الحزب.
هذا الوضع يشير إلى العجز الذي تعانيه الولايات المتحدة أو إلى خطة جديدة ستجر المنطقة إلى فوضى عارمة جديدة. ويبدو أن لا مفر من وقوع مواجهة بين تركيا والولايات المتحدة في منبج وشرق الفرات، إن لم تقدم الإدارة الأمريكية على خطوة نحو الوراء في اللحظة الأخيرة..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس