ترك برس - ديلي صباح
مع أمل ضئيل بحلول السلام في بلادهم، استقبل ما يقرب من مليوني لاجئ سوري في تركيا العام الجديد بصورة حلوة ومُرّة في آن واحد، بسبب ما يعيشونه من الحنين إلى الوطن ووجود مأوى بعيد عن العُنف الذي يخفف من أثر ذلك الحنين. تصارع سوريا في اشتباكات بين النظام والمعارضة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وحالات أخرى من الاشتباكات. وفي الوقت الذي يستقبل فيه الأتراك العام الجديد بالاحتفالات التي تعمّ الشوارع، فقد كان هذا اليوم مجرّد يوم آخر على روزنامة الأيام للسوريين الجالسين في مخيمات اللاجئين، وفي الخيام المؤقّتة، وفي الحدائق أو المساكن في المدن الكبيرة. هذا مجرّد يوم آخر بعيداً عن البيت الذي لم يره السوريون منذ أربع سنوات، أو في بعض الحالات منذ سنة واحدة.
يعيش معظم السوريين خارج مخيمات اللاجئين في المدن الجنوبية على حدود سوريا. تضمّ 10 محافظات تركية جنوبية 22 مخيماً للاجئين و”مدن منازل جاهزة” حيث تمّ تحويل حاويات الشّحن إلى وحدات سكنيّة، وتستضيف هذه المرافق 221,447 مواطن سوري.
فرّ حازم قدير ذو الاثنين وأربعين عاماً من مدينة عين العرب (كوباني) في سوريا، والتي هاجمها تنظيم الدولة الإسلامية منذ ثلاثة أشهر، متسبّباً بتدفّق آخر للاجئين إلى تركيا. يعيش قدير في مخيم للاجئين تديره إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”. قال قدير في حديث له لوكالة الأناضول إنّه لم يكن يتوقع أن تستمر الحرب طيلة هذه الفترة، مشيراً إلى أنّ “عام 2014 كان مليئاً بالآلام لنا وللعالم”. وأفاد مواطن سوري آخر فرّ من كوباني يدعى بكير بأنّه لم يعد يحتمل الوضع الحالي، مضيفاً: “ أتمنّى من كل قلبي أن تنتهي هذه المعاناة… كل ما نريده هو العودة إلى بيوتنا”. لا يعني عام 2015 إلا بضعة أرقام بالنّسبة لبكير ولعدد كبير من السوريين.
يمثّل قدوم العام الجديد بداية للجو الصّعب، الذي يتسبب بمشاكل للسوريين الذين يعيشون خارج المخيمات. تعمل مؤسسات الإغاثة التركية على توزيع الألبسة للسوريين الذين فروا من بلادهم ولم يحملوا معهم إلا جزءاً قليلاً من ممتلكاتهم. كما توفّر الفحم والأغطية للسوريين الذين يعيشون في منازل بحالة بحالة متداعية، كما تسعى إلى استيعاب من يعيش منهم خارج البيوت.
ولا تزال تركيا الوجهة المفضّلة للسوريين الفارين من الحرب الأهلية حيث أنّها تعاملهم كأنّهم “ضيوف” وتوفر لهم أقصى مستويات الرعاية. وتتفوق تركيا على الدول الأخرى من حيث توفير الدعم للاجئين السوريين حيث بلغت قيمة هذا الدعم 4,5 مليار دولار حتى الآن.
ومن جهتها، أعلنت السلطات التركية أنّه سيتم خلال الشهر الجاري افتتاح مخيم للاجئين السوريين الأكراد الذين فروا إلى مدينة شانلي أورفة جنوب البلاد. وكان من المخطط أن يستضيف المخيم 20,000 لاجئ، وتمّت توسعته ليستوعب 32,000 لاجئ، ولا تزال أعمال البناء مستمرة في مدينة سوروج في ولاية شانلي أورفة، حيث يسكن 200,000 لاجئ سوري كردي فروا من مدينة عين العرب (كوباني).
وفي وجه التدفّق الهائل للاجئين السوريين، تضع تركيا على رأس سياستها تجاه سوريا دعوة المجتمع الدولي إلى تأسيس منطقة آمنة بداخل سوريا قرب الحدود التركية السورية. إلا أنّ التقدّمات المفاجئة لتنظيم الدولة الإسلامية وقوات نظام الأسد في المناطق القريبة من الحدود تمثّل خطراً على مثل هذه الخطة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!