ترك برس
تباينت آراء المحللين حول مستقبل العلاقات بين أنقرة وواشنطن على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، وتعيين رئيس وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، خلفًا له.
الخبير في الشؤون الدولية "علي حسين باكير"، رأى أن تيلرسون لعب دوراً مهماً في لقاء الجبر أو الكسر بين تركيا والولايات المتّحدة بعد أن كانت العلاقات التركية – الأميركية قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الشامل، لا سيما في ما يتعلق بالموقف من التطورات في سوريا واستمرارا واشنطن في دعم الميليشيات الكردية (YPG).
وقال باكير، في تقرير بصحيفة "القبس" الكويتية، إن تيلرسون قضى حوالي 3 ساعات ونصف الساعة في اجتماعه الأخير الشهر الماضي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو، واستطاع التوصل في نهايته الى إقرار آلية لحل المشاكل المشتركة.
التعقيب الأول للجانب التركي على قرار إقالة تيلرسون جاء من قبل رئيس الوزراء بن علي يلدريم الذي اعتبر انّ العلاقات التركية – الأميركية لا تقوم على الأشخاص في إشارة الى الاعتماد على المؤسسات بين الطرفين.
لكنّ سرعان ما أشار وزير الخارجية تشاويش أوغلو الى أنّ الاجتماع الذي كان مقرراً في وقت سابق بين بينه وبين تيلرسون في 19 مارس الجاري قد يتم تأجيله على الأرجح الان بعد التطورات الداخلية الأخيرة في الولايات المتّحدة.
واعتبر باكير أن هذا التطور سيلقي بظلاله من دون شك على اللجان المشتركة التي تمّ انشاؤها مؤخراً بين الطرفين فضلاً عن مصير التفاهمات الأوليّة في الملف السوري والعراقي.
وأضاف أن ما يؤكّد هذا التصور أيضاً انّ مايك بومبيو، بديل تيلرسون، لا يتمتع بسمعة حسنة في ما يتعلق بمواقفه السياسية، إذ يعرف عنه انّه يميني متطرّف، ولا ينسحب ذلك على المواقف الداخلية فقط، اذ انّ له مواقف معروفة في معاداة الإسلام.
فضلا عن ذلك، فقد قام بومبيو عندما كان عضو كونغرس، بدعم مشروع تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية وربطهم مع حماس بمجلس العلاقات الأميركية – الإسلامية (كاير)، كما وصف تركيا بأنها دكتاتوريّة إسلامية شمولية.
وبالرغم من انّ تركيا كانت اوّل محطة خارجية لـ"بومبيو" كمدير للاستخبارات الأميركية، إلا انّ ذلك ليس كافيا للقول بأنّ الجانب التركي مرتاح تماما لقرار تعيينه وزيرا للخارجية او انّ ذلك لن ينعكس بشكل سلبي على التفاهمات السابقة التي تمت مع تيلرسون.
وتابع باكير: "لا شك انّ المسؤولين الاتراك سينتظرون بعض الوقت قبل ان يقيّموا التوجهات الحقيقية له في وزارة الخارجية".
من جهته، رأى الكاتب التركي "بيرجان توتار"، في مقال نشرته صحيفة "صباح"، أنه مع تعيين بومبيو تبرز على طاولة ترامب أربع خيارات بخصوص تركيا، وعلى الأخص بشأن تنظيم "فتح الله غولن" و"وحدات حماية الشعب" (YPG).
وقال توتار إن الخيار الأول هو العمل مع أنقرة بانسجام تام، وهذا يتطلب تسليم فتح الله غولن والتخلي تمامًا عن سياسة دعم وحدات حماية الشعب. وبناء عليه فإن هذا الخيار يبدو مستبعدًا حاليًّا.
الخيار الثاني، بحسب الكاتب، هو مشروع وضع تركيا تحت الوصاية مجددًا، وهذا سيناريو أصبح مستحيل التحقيق تقريبًا، لأن هذا المخطط الرامي إلى إخضاع تركيا للسيطرة الإمبريالية اصطدم بالشعب التركي في 15 يوليو وتحطم. وتكراره صعب جدًّا.
وأوضح توتار أن الخيار الثالث هو تحقيق التوافق على قواسم مشتركة عن طريق المباحثات فيما يتعلق ببعض المسائل الإقليمية كسوريا والعراق، وفي العلاقات مع روسيا وسياسة عزل إيران. وبسبب أزمة الثقة القائمة بين الطرفين يبدو أن هذا الخيار بعيد المنال.
أمّا الخيار الرابع والأكثر منطقية هو "التنافس المسؤول"، بمعنى تبني الطرفين نوعًا من التنافس مبني على الاحترام، ولا يؤدي إلى حرب بينهما، وفقًا للكاتب التركي.
توتار، رأى أيضًا أن استراتيجية التنافس المسؤول تعني أولًا تقبل الولايات المتحدة وضع تركيا الجديد، ودفاعها بشكل مستقل عن مصالحها القومية بصفتها قوة إقليمية. وستضمنُ واشنطن عبر هذا الخيار عدم فقدان لاعب فاعل بمثل أهمية تركيا لصالح روسيا والصين وإيران.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!