ترك برس
هو عنوان لكتاب بحثي يتناول مرحلة حكم السلطان عبد الحميد الثاني نهاية الحقبة العثمانية، تعكف مجموعة من اﻷكاديميين والباحثين في الشؤون التاريخية على إصداره، ويتزامن إعداده مع مرور مئة عام على وفاة السلطان العثماني في 10 شباط/ فبراير 1918.
يأتي هذا الاهتمام العربي بإحياء سيرة السلطان في ظل تحولات عميقة تشهدها العلاقات العربية التركية، تزامنًا مع حالة تصالح ورد اعتبار تعيشها تركيا مع سيرته، حيث أحيا اﻷتراك ذكراه خلال فبراير الماضي، بكثير من الفعاليات التي تمجده وتذكر مناقبه ومواقفه تجاه قضايا تركية والمنطقة والعالم اﻹسلامي الذي خضع لحكم العثمانيين لخمسة قرون.
ولم تنسَ تركيا أحفاده الذين تم نفيهم إلى الخارج وحرمانهم من الجنسية التركية، فقد تمت استضافتهم خلال تلك الفعاليات وجلبهم من عدة دول، ومنح الجنسية التركية لمن لم يستردها منهم.
ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في أيلول/ سبتمبر المقبل عن "مجلس التعاون اﻵفروآسيوي" برعاية من بلدية بهتشلي إيفلر في إسطنبول التي تكفلت بطباعته وترجمته إلى عدة لغات.
ويُعد الكتاب جزءًا من عملية بحثية عربية تشمل عقد مؤتمر علمي لدراسة الفترة الحرجة التي مثلت آخر مراحل التعاون العربي التركي قبل بدء القطيعة بين الجانبين.
وفي حديث للجزيرة نت، يؤكد الباحث في التاريخ والحضارة اﻹسلامية محمد إلهامي، الباحث بالمعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية المقيم في إسطنبول أنّ "فهم مرحلة السلطان عبد الحميد و استيعابها بعمق، جهد لا بد من بذله على أبواب المحاولات الحثيثة لإعادة الاتصال اﻷخوي بين العرب واﻷتراك".
ويقول إلهامي: "إن التحديات التي يواجهها العرب واﻷتراك معا تحتم عليهم جميعا الالتحام في مواجهتها صفا واحدا، متسلحين بالمعرفة العلمية اللازمة لتلك المرحلة"، مشيرًا إلى أهمية دراسة مرحلة السلطان عبد الحميد الثاني للتعرف على اﻷثر الكبير للآلة الدعائية الجبارة التي عملت طوال القرن الفائت على غرس صورة ذهنية عن العرب لدى اﻷتراك وغرس صورة أخرى عن اﻷتراك لدى العرب.
ويعتقد إلهامي أن اﻷثر الذي تركته حالة التحريض يتطلب مجهودا جبارا ﻹزالته وإعادة تصحيح الصورة، بشرط أن تبنى الجهود على أساس علمي ثابت وصورة تاريخية واضحة.
وأضاف الباحث المصري "إن أهمية التركيز على مرحلته لدراسة العلاقات العربية العثمانية تعود إلى أنه اﻷكثر شهرة في سلسلة السلاطين المتأخرين من الدولة العثمانية".
فقد حكم عبد الحميد الثاني 33 سنة، حفلت بالعديد من السياسات واﻹجراءات والتغيرات المحلية والدولية، كما شهدت ولادة المشروع الصهيوني وغيرها من المشاريع التي لا تزال فعالة في الواقع اﻹسلامي المعاصر.
كما يشير إلهامي إلى أهمية الانتباه إلى النهاية الدرامية والمأساوية التي ختمت بها تجربة السلطان، وأسست لتغيرات هائلة على مستوى العالم اﻹسلامي أجمع.
القيمة العلمية
ويشارك في إعداد الكتاب باحثون يقدمون أوراقهم العلمية للنشر فيه بعد خضوعها للتحكيم من قبل لجنة من العرب واﻷتراك المتخصصين في تاريخ الدولة العثمانية.
ولا يشترط في المتقدمين حيازة مناصب أكاديمية كأن يكونوا محاضرين بالجامعات، لكن لجنة التحكيم لن تتعامل إلا مع اﻷوراق غير المنشورة من قبل، بحيث يمثل الكتاب إضافة علمية لهذا الباب من تاريخ الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد.
وقد حدّد معدّو الكتاب عشرة محاور ليتناولها الباحثون فيه كي تقدم صورة شاملة عن السلطان عبد الحميد وعلاقته بالبلاد العربية.
وتشمل محاور الكتاب الوضع السياسي والحياة الاقتصادية للبلاد العربية بعهد السلطان عبد الحميد، وعلاقات السلطنة مع قوى الاستعمار في البلاد العربية، وعلاقات السلطان بحركات المقاومة العربية ضد الاحتلال اﻷجنبي.
كما تتطرق المحاور إلى الشخصيات العربية في بلاط عبد الحميد الثاني، وتعامله مع مشروع الجامعة اﻹسلامية، وإخفاقات السلطان وانتقادات تجربته.
ومن ضمن محاور الكتاب صورة السلطان عبد الحميد لدى العلماء والمؤرخين العرب، وكيف تعامل مع قضية فلسطين، وموقف النخب العربية من الانقلاب على السلطان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!