علاء الصالح - خاص ترك برس
عاشت أمتنا قرنا من التيه وما زالت تحاول شق طريقها للخروج من حالة الضياع والانحطاط والتخلف الذي عاشته بسبب عوامل كثيرة أهمها وجود قادة مزيفين لها مرتهنين لعواصم الغرب والشرق لا يهمهم إلا توارث كرسي الحكم ونهب البلاد والعباد!
انتفضت الشعوب وثارت في محاولة لخلع العصابات الحاكمة لكنها ذبحت من الوريد إلى الوريد وما زالت تذبح في #سوريا وغيرها لإفشال محاولاتها الجريئة فتم الالتفاف على أحلامها وتغيير مساراتها بخطط خبيثة وبتحالفات عالمية وثورات مضادة شيطانية أرادت التجديد للحاكم العميل والقضاء على روح التغيير والثورة في بلداننا العربية المكلومة.
وحدها تركيا استطاعت أن تحافظ على كيانها وسفينتها رغم الأمواج العاتية وتصد المؤامرة تلو المؤامرة آخذة بأسباب القوة وبانية لنفسها نموذجا خاصا فريدا بين الدول لا يخلو من الأخطاء والثغرات وقد بدت قيادتها أحيانا مجرمة بنظر "موسى" كمن يقتل غلاما لينقذ والديه بفهم "الخضر"!
لم يتعلق عمل الرئيس رجب طيب اردوغان وفريقه بقصص خرافية أو أحلام يقظة بل بإيمان ويقين راسخ وبتخطيط دقيق وعمل دؤوب وفهم عميق وإخلاص كبير ومواصلة ليل بنهار وارتباط بتاريخ مجيد وفق رؤية مميزة وطريقة تفكير فريدة لم يدركها حتى الآن كثير من العرب والإسلاميين تحديدا !
إن المحطة المفصلية الجديدة التي تمر بها #تركيا اليوم من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة تمثل حلقة من حلقات العودة إلى المستقبل! حلقة تتآلف فيها جسور معلقة بأنفاق تحت الأرض بتسابيح وتكبيرات تصدع بها مآذن شامخة ترددها حناجر مؤمنة واثقة من أناس مجتهدين يعشقون العلم والعمل ومستعدون لتقديم أرواحهم رخيصة في سبيل فكرتهم كما فعلوا ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة.
سيحتج البعض على مصطلح المؤامرة وينفي حصولها بحق تركيا كما جرت العادة.. لكنني أسأل هنا: إن لم تكن أحداث ميدان تقسيم وما قبلها وما بعدها في إطار مؤامرة تستهدف تركيا وتريد تقسيمها فما هي المؤامرة؟ وهل كانت محاولة الانقلاب منتصف تموز يوليو ألفين وستة عشر سوى تتويجا لمحاولة القضاء على التجربة التركية وإعادة تركيا إلى طبقة دول العالم الثالث لحرمانها من التقدم والوصول إلى نادي دول العالم الأول؟! ألم يرد لتركيا العودة إلى حكم العسكر كما جرى في مصر الحزينة التي اختار شعبها أول رئيس مدني منتخب فتم الانقضاض عليه بدعم ومباركة دولية من عواصم "الديمقراطية" !
يحتج البعض هنا أيضا على ربط الإنجازات بشخص الرئيس التركي اردوغان وينسون أو يتناسون بأن الأمم بحاجة دائما لشخصيات استثنائية تجدد فيها الروح وتعيد بناء نهضتها بخلاف وجود دولة ونظام مستقر لا يحتاج إلا إلى حاكم "عادي" ومؤسسات منتظمة تسير شؤون الناس.. وهذا الأمر لا يتعلق بحب "تطبيل" منا لشخص معين بل بإعطائه حقه الطبيعي كباني لتركيا الحديثة مع شعورنا دائما بحسرة بسبب عدم وجود تجربة مشابهة في بلداننا نمارس فيها حقنا الطبيعي بانتخاب حاكمنا ومحاسبته و"التطبيل" له بل والغناء والرقص من أجله إن هو أنجز وأحسن! لقد هرمنا وما بلغنا هذا الحلم العربي الجميل !
إن وجود نموذج يحتذى به أمر يخيف الحكام الفاسدين ويهدد عروشهم.. هذا النموذج سيشكل محفزا للمستضعفين دائما للسير على دربه بل وتقديم ما هو أفضل منه.. إن النموذج التركي اليوم يشكل أملا للكثيرين ممن سئموا أوضاع بلادهم المزرية بل إن وجود المثال والقدوة لشبابنا أمر ضروري ملح يعالج مشكلة التيه والتخبط الفكري والنفسي لديهم! إن الشعور بالانتماء لأمة عزيزة متقدمة منتصرة مسألة مصيرية لشبابنا الذي سئم الهزائم وأنهكته الخسائر وأتعبه الشعور بالضياع!
يدرك التحالف المضاد لتركيا أن هذا النموذج يشكل خطرا عليه وقد أفصحت وسائل إعلام غربية وكتاب بهذا بل إن أحدهم كتب في صحيفة الغارديان اليوم بأن اردوغان يشكل تهديدا للعالم واصفا إياه بالبلطجي! وهذه دعوة صريحة أنه قد آن الأوان لإسقاط اردوغان.. لكن رد الشعب التركي سيكون اليوم في الصندوق وأن الجواب ما تراه لا ما تسمعه يا ابن الصحيفة الانكليزية!
يا الله بسم الله الله أكبر!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس