ترك برس
تناولت وسائل الإعلام على نطاق واسع انسحاب تركيا من المؤتمر الدولي حول ليبيا، والذي احتضنته مدينة "باليرمو" الإيطالية، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.
وقالت وكالة الأناضول التركية إن المؤتمر اختُتم بمخرجات لم تُصغ على شكل اتفاق، وإنما جاءت في شكل "استنتاجات" ببيان ختامي لم يخرج في مجمله عما انتهى إليه مؤتمر باريس قبل أشهر، مع فارق في التواريخ فقط.
والثلاثاء، أعلن فؤاد أوقطاي، نائب الرئيس التركي، انسحاب الوفد من المؤتمر، معربًا عن أسفه من عدم اتحاد المجتمع الدولي، وقيام البعض "باستغلال استضافة إيطاليا للمؤتمر ليتدخل من جانب واحد في مسار الأزمة".
وأكد أوقطاي، أنه "لن يتم تحقيق استقرار في ليبيا ما دام هناك دول تواصل جهودها لتعطيل المسار وفقًا لمصالحها".
وصرّح حزب "العدالة والتنمية" التركي (الحاكم)، بأن قرار الانسحاب الذي اتخذه وفد بلاده، الثلاثاء، من المؤتمر الدولي حول ليبيا بمدينة "باليرمو" الإيطالية، جاء اعتراضًا على المعاملة التي تلقاها.
وكانت تركيا من بين المدعوين لحضور المؤتمر الهادف إلى إيجاد صيغة توافقية بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، المدعوم دوليا، وخليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب في طبرق شرقي ليبيا.
رغم وصول حفتر، إلى باليرمو، مساء الإثنين، إلا أنه لم يشارك بالجلسات الرسمية للمؤتمر، واكتفى بلقاء السراج، على هامش أعماله، ما صدّر رسالة سلبية عن الاجتماعات، حسب تقرير للأناضول.
ويرى مراقبون أنّ تخلّف حفتر، عن الاجتماعات أحرج روما من جهة، وهي التي سافر رئيس وزرائها، جوزيبي كونتي، بشكل غير معلن مسبقا (نفت ذلك فيما بعد)، الأحد، إلى مدينة بنغازي شرقي ليبيا، للقاء حفتر وإقناعه بالمشاركة بالمؤتمر.
الموقف نفسه أظهر، من جهة أخرى، نوعا من الانحياز الإيطالي لحفتر، وهو ذات السبب الذي دفع تركيا للانسحاب من أعمال المؤتمر، عقب إقصائها وقطر من "اجتماع مصغر" على هامش المؤتمر، مراعاة لموقف "الجنرال الانقلابي" من أنقرة والدوحة.
الاجتماع شارك فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، ورئيس المجلس الرئاسي الأعلى فائز السراج، إلى جانب خليفة حفتر، قائد القوات المسيطرة على معظم الشرق الليبي، والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ورئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيدف، ورئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
الكاتب الصحفي الليبي، عبدالله الكبير، توقع أن "كلا من السيسي وحفتر اشترطًا عدم حضور تركيا"، وأن "دعوة أنقرة سيثير غضبهم كون تركيا دولة مهمة في المنطقة ولها مصالح مشتركة مع ليبيا".
وأوضح في تصريحات لصحيفة "عربي21" الإلكترونية، أن "علاقات تركيا مع طرابلس لن تتأثر بهذا الموقف، كون السراج لا يستطيع أن يفرض حضور أحد أو يطلب عدم حضور أحد، وإنما تلام الحكومة الإيطالية على هذا الموقف"، حسب كلامه.
لكن الناشط السياسي الليبي المقيم في الدوحة، محمد خليل أشار إلى أن "التداعيات المحتملة لهذا التصرف هو تقليص تركيا لدورها في المشهد الليبي في مقابل زيادة الدور المصري الإماراتي التخريبي، فلا يمكن تجاهل دولة محورية مثل تركيا قدمت الكثير لليبيا".
وحول أسباب هذا الاستبعاد، قال خليل: "كان هناك ضغط تحديدا من السيسي وحفتر ووزير الخارجية الفرنسي لتهميش الوفد التركي المشارك، وربما يتسبب الأمر في تآكل ثقة الأتراك في حكومة الوفاق الوطني التي دعموها وكانوا حريصين على الاستقرار ودعم المشاريع الاقتصادية في البلاد"، حسب تقديره.
وقال الباحث الليبي ومدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش إن "تركيا دولة مركزية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأمر يتعلق بأجندة المؤتمر وليس بتجاهل تركيا فهناك اجتماع لم يكن موضوعا على أجندة المؤتمر وغير رسمي يتعلق بالدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط".
وتابع:"دبلوماسيا اعتراض تركيا مفهوم وصحيح خاصة وأن الدولة أقامت رباعية لمدارسة الشأن السوري وهي تسعى لأن تكون هذه الرباعية مستمرة في التشاور حتى في الشأن"، وفق رأيه.
وأشار الباحث المقيم في إسطنبول إلى أنه "لا يتوقع خروج بعض الأطراف بسبب تركيا، فهذا غير منطقي لأنهم يعرفون كل المدعوين ولاتوجد تسوية في المنطقة بدون تركيا هذا منطق الاستراتيجية"، كما قال.
الكاتب والباحث الليبي، علي أبو زيد أشار إلى أن "انسحاب تركيا يؤكد على أنها ترفض تفرد مصر بإدارة ملف توحيد المؤسسة العسكرية، ولا أستبعد أن استبعادها تم بناءً على طلب النظام المصري وحفتر، ويبدو أن هذا الطلب جاء ردا على زيارة وزير الدفاع التركي مؤخرا إلى طرابلس".
وحول تأثير هذا الأمر على العلاقة بين طرابلس وأنقرة، قال: "لا أعتقد أنه سيؤثر، بل سيعيد التوازن لملف المؤسسة العسكرية بمحاولة تركيا الدخول فيه، بعد أن جعلته إيطاليا جائزة ترضية لمصر مقابل دعم الأخيرة لمؤتمر "باليرمو".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!