حمزة تكين - أخبار تركيا
أجرى مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون اليوم الثلاثاء زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة للقاء المسؤولين الأتراك ومحاولة فرض أجندة أمريكية على تركيا في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب في مناطق شرقي الفرات.
أتى بولتون إلى تركيا وهو يظن أنه سيقابل مسؤولين خانعين سيعطونه ما يريد وما يصب في مصلحة التنظيمات الإرهابية التي تدعمها بلاده أو ما يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي المعارض الأول للانسحاب الأمريكي من سوريا، خاصة وأن هذا الانسحاب أتى بعد ضغط دبلوماسي سياسي تركي هائل على أمريكا ورئيسها دونالد ترامب.
وعندما اكتشف بولتون خلال لقاءاته أن متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن مصمم على مواقف تركيا ضد الإرهاب عامة وخاصة تنظيم PYD/PKK، طلب لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "علني أستطيع الضغط عليه وكي أخرج من تركيا محققا نصرا لإسرائيل وأمريكا".
ولكن الصدمة لبولتون كانت أن الطيب أردوغان رفض استقباله وأوصل له رسالة أن إبراهيم قالن هو من يستقبله في تركيا فقط لا غير، فما كان من بولتون إلا أن غادر تركيا خائبا خاسرا عاجزا عن فرض الإرادة الأمريكية على تركيا والشعوب التي تناصرها اليوم.
لم تكن زيارة بولتون بريئة على الإطلاق بل إنه حاول أن يفرض "سايكس بيكو" جديدة على تركيا، تؤمن الحماية المطلقة لحلفاء إسرائيل المدللينPYD/PKK الإرهابي، وترسم خريطة جديدة لسوريا ليس فيها مكان لشعبها الأصلي، وتضع حدودا ومحاذير أمام تركيا الجديدة.
ولكن لم يجد بولتون مبتغاه في تركيا، حيث سمع كلاما واحدا باللغة التركية وباللغة الإنكليزية كي تكون الصوة أوضح عنده أن "الأمن القومي التركي ليس محل تفاوض على الإطلاق مع أي جهة في هذا العالم".
وسمع بولتون أيضا توضيحا وربما زجرا على تصريحاته التي أدلى بها في "إسرائيل" واتهم فيها تركيا بمحاربة الشعب الكردي في سوريا، في تصريح متعمّد مقصود غير بريء يسيء لتركيا التي لم ولن ولا تحارب الأكراد على الإطلاق، كيف ذلك وهي تستقبل اليوم 250 ألف مواطن سوري كردي هربوا من مناطق شمالي سوريا بسبب إجرام وإرهاب PYD/PKK؟!
كيف تحارب تركيا الشعب الكردي والكثير من مسؤوليها السياسيين والأمنيين والعسكريين من الأكراد؟! فهل تعلم ذلك يا بولتون أم أن حميتك للدفاع عن الإرهابيين والاحتلال الإسرائيلي جعلتك تتعامى عن الحقيقة؟!
كيف تحارب تركيا الشعب الكردي وهي تقدم اليوم الخدمات لعشرات آلاف الأكراد في عفرين المحررة من الإرهاب؟! فهل سمعت بذلك يا بولتون أم أن علاقتك الوثيقة بالإرهاب و"إسرائيل" دفعتك لتحريف الحقيقة، ولمحاولة تشويه صورة تركيا؟!
لن تسمح تركيا لا لأمريكا ولا لغيرها بتهديد الأمن القومي التركي الذي هو خط أحمر بالنسبة لكل الشعب في تركيا بمختلف توجهاته وانتماءاته، وبالتالي مهما كان الثمن ستضرب تركيا الإرهاب وكل جهة تموله في الخفاء... وإن غدا لناظره قريب.
نعم "سواء كنتَ بولتون أو دالتون" كما قال اليوم زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت باهتشلي، لن تستطيع أن تحمي الإرهابيين ولن تستطيع أن تهدد الأمن القومي التركي ولن تستطيع أن تسيء لتركيا الدولة المستقلة القوية، ولن تستطيع أن تعمي الأعين المبصرة والبصائر عن حقيقة من يريد الخراب لمنطقة الشرق الأوسط من تنظيمات وأنظمة ودول.
مستهزئا قالها باهتشلي"سواء كنتَ بولتون أو دالتون" لا يهمنا ولن ترهبنا بتهديداتك... وترجمها أردوغان بموقفه الحازم الذي يؤيده فيه 81 مليون مواطن تركي وبالتأكيد عشرات الملايين من أبناء هذه الأمة الذين يرفضون الخنوع والخضوع لواشنطن ورغباتها التي لا تتوافق مع رغباتنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس