محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس
زار رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم فضيلة الرئيس ستار جبار الحلو تركيا مؤخرا، وقد شملت زيارته عدة مدن تركية ومن ضمنها العاصمة أنقرة للقاء مع أبناء الطائفة المندائية المقيمين في تركيا والذين تركوا ديارهم في العراق طمعا في الأمن والأمان في الأراضي التركية.
فخلال تواجده في العاصمة التركية أنقرة، زار فضيلته ضريح مؤسس الجمهورية التركية كمال مصطفى أتاتورك والمتحف الخاص بمقتنياته ذي الطراز العمراني الخاص، كما زار قلعة أنقرة وبعض ما يحيطها من مناطق آثرية مبديًا إعجابه بالطراز العمراني والجهود المبذولة في الحفاظ عليه.
كما استثمر تواجده في تركيا بزيارة سعادة سفير جمهورية العراق لدى تركيا د. حسين محمود الخطيب وذلك في مبنى السفارة بتاريخ 25 شباط/ فبراير 2019 بحضور السكرتير الأول بشرى رجب مديرة القسم الإعلامي في السفارة، والسكرتير ثانٍ عدي أسعد خماس مدير القسم السياسي.
كان لنا نحن مجموعة من الإعلاميين لقاء مع فضيلته في محل إقامته لتحيته والترحيب به والتحدث معه حول الكثير من الأمور التي تخص أبناء طائفة الصابئة المندائيين في العراق على وجه الخصوص وغيرهم المتواجدين في شتى بقاع العالم إضافة إلى وضع العراقيين بصورة عامة.
لم اتحدث معه كإعلامي وهذا كان شغلي الشاغل فلم أحاول أن يكون هناك حديث صحفي خاص يخصني به بل أردت أن تفي نقاشاتنا أنا وزملائي الحضور من الإعلاميين معه لتكوين صورة واضحة وصريحة عن ما يعانيه إخواننا من أبناء تلك الطائفة من هواجس وصعوبات نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن العراقي بكل طوائفه في كل أنحاء العراق.
ورغم أن المناقشات الواضحة والصريحة أعطت صورة متكاملة عن أوضاع إخواننا العراقيين من طائفة الصابئة إلا أني أثرت أن أخصص جزءا من اللقاء لبعض الأسئلة والاستفسارات الحيوية بصورة مباشرة لتعريف قرائنا في ترك برس.
لم تكن الهموم المثقلة التي يحملها منفصلة عن هموم العراقيين بل كانت ممزوجة ومتحدة مع هموم العراقيين إدراكا منه أن ما يصيب العراقيين هو ما يصيب الصابئة ولذا كان حديثه يرتقي إلى مستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية من طراز خاص مملوء بالإخلاص والمحبة للعراقيين جميعا وكأنه يمثل طبقة سياسية فكرية وطنية.
سؤال: لنتعرف على طائفة الصابئة المندائين من هم وأين يقيمون وماهي دياناتهم؟
الصائبة المندائيون عاشوا في العراق منذ القدم وتعتبر الديانة المندائية أقدم الديانات التوحيدية في العراق الآن، وترجع تعاليمهم الأولى إلى سيدنا آدم وشيت ابن آدم وسام بن نوح وإدريس عليه السلام ويحيى بن زكريا عليه وعلى كل الأنبياء السلام، وصحيفتهم التي تسمى الكنز العظيم وهي تدعو للتوحيد والوصايا وأمور أخرى، نحن نعيش بمحبة ووئأم مع كل مكونات الشعب العراقي دائما.
عانى الصابئة الكثير من الظلم والكثير من عدم فهم حقيقة اعتقادهم، فالكثير من المؤرخين كانوا غير دقيقين في وصف دينهم وتوحيدهم وكانوا يذيلون أوصافهم بعبارات (على ما أظن وعلى ما أعتقد بأنهم موحدون)، ولذا فإننا ندعو الباحثين إلى التعرف على حقيقة ديانة للصابئة قبل نشر كتاباتهم عن الديانة، لأن الفتاوى التي صدرت بشأنهم اعتمدت على القراءات الجزئية غير الدقيقة ضدنا والتي أدت إلى حدوث الكثير من التجاوزات ضدنا في الفترات السابقة.
نحن جزء من الشعب العراقي الذي نزف الكثير من الدماء في أثناء الحرب الطائفية نتيجة أجندات خارجية لأن الدول الطامعة تحاول حتما الحصول على موطئ قدم في الأراضي العراقية طمعا في خيراتها، ولتحويل الاراضي العراقية إلى ساحة صراع دولي.
لهذه الاسباب هاجر الكثير من الصابئة من العراق بعد الأحداث الطائفية إلى خارج العراق بحثا عن الأمان كباقي العراقيين.
تم تمثيل الصابئة المندائين في البرلمان العراقي من خلال نائب ضمن قائمة أخرى ولكنه وكما عبر عنه رئيس الطائفة (أعطونا باليمين وأخذوا باليسار) فالواجب على النائب أن يعبر عن تطلعات الطائفة وفي الوقت نفسه ينقل مشاكلنا وتطلعاتنا إلى الجهات المسؤولة، ولأن المرشح كان ضمن قائمة أخرى دعمته ماديا ومعنويا عن طريق إعطائه الأصوات الكافية للفوز فإن ذلك العضو أصبح أسيرا لتلك القائمة، ورغم ذلك فإن النائب دائما ما يحاول التواصل معنا ويضعنا في الصورة حول مناقشات البرلمان.
سؤال: من الطبيعي أن النظرة الضيقة القومية والمذهبية تمنع بروز الآليات الحقيقية العلمية والعملية المشروعة لاستمرارية حركة البلد وتطورها من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ووصول الكفاءات المقتدرة إلى المراكز المهمة التي تسهم في حركة الحياة حيث أن الكثير من هذه الكفاءات استبعدت بسبب انتمائها الطائفي والعرقي، ومنهم الصابئة والتركمان، خاصةً منهم من يشار إليهم بالكفاءة والإخلاص والنزاهة – سؤالنا ماذا عن أبناء الطائفة؟
للطائفة المندائية إمكانات كبيرة حيث يحمل الكثير منهم شهادات جامعية وقسم كبير من هؤلاء حاصلون على شهادات عليا، الماجستير والدكتوراه، في مختلف العلوم والثقافة والفنون.
والحديث عن الكفاءات العلمية من الطائفة المندائية وما يملكونه من إمكانات عالية سابقا وحاليا هو فخر لكل عراقي، بدءًا من الدكتور عبد الجبار عبد الله أول مؤسس لجامعة عراقية وهي جامعة بغداد وكان عضو المجمع العلمي العراقي وغيرهم من العلماء في بحوث الفلك، إضافة إلى الميادين الثقافية والأدبية فالشاعر عبد الرزاق عبد الواحد شاعر العراق الكبير والشاعر العربي المرموق هو من الطائفة المندائية، والشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة هي أيضا من طائفة الصابئة المندائيين، ومن هنا نرى أن أبناء الطائفة دائما من المتفوقين شأنهم شأن المكافحين والجادين من العراقيين، لكن التوزيع الطائفي والقومي في البلد قد منع الكثير من الكفاءات من الوصول إلى استحقاقهم من الدرجات الوظيفية السيادية ومنهم أبناء الصابئة والذين يملكون كفاءات عالية في مختلف الحقول العلمية والعملية كما أسلفنا.
وفي نهاية اللقاء الأخوي والجميل شكرناه على حفاوة الاستقبال وتخصيص جزء من وقته لنا نحن الإعلاميين مع تمنياتنا له بطيب الإقامة في تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس