ترك برس
نشر موقع EurActiv المعني بأخبار الاتحاد الأوروبي مقالا للباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، فيصل اليافعي، رأى فيه أن قبول انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي أو رفضها، سوف يحدد الاتجاه الذي يسير فيه الاتحاد.
وكتب اليافعي أن الاتحاد الأوروبي أصدر في 29 أيار/ مايو تقريره الأخير عن تقدم تركيا نحو عضوية الاتحاد الأوروبي، الذي لم يكن فيه ما يسر، حيث تحدث التقرير عن تحقيق تقدم محدود أو تراجع خطير في بعض الملفات. ولم يعجب التقرير أنقرة، إذ رد فاروق قايماقجي، نائب وزير الخارجية التركي، بأن المزاعم بأن تركيا "تبتعد عن القيم الأوروبية غير متناسقة وباطلة".
ويشير إلى أن "التقدم في مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد كان متقطعا، ويرجع ذلك جزئيا إلى قرارات أنقرة السياسية، ولكنه يرجع أيضا إلى وجود فجوة في فلسفة الاتحاد الأوروبي: عدم الوضوح حول سبب اعتبار تركيا العملاقة الواقعة على حافة القارة تستحق العضوية. وما تزال أوروبا لا تملك إجابة واضحة تحدد اتجاه الكتلة بأكملها."
ويقول الباحث إن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، تحركت أولًا نحو أوروبا ثم ابتعدت تدريجيا على مدار العقد الماضي. ومع ذلك، كانت هناك الكثير من الفرص التي يوضح بعضها تقرير الاتحاد الأوروبي، عندما كان بإمكان تركيا أن تقترب من بروتوكولات أوروبا، في الوقت الذي كانت تواجه فيه تحديات خطيرة، مثل محاولة الانقلاب العسكري الفاشل.
ووفقا للباحث، فإن التشكيك المتكرر في قرارات تركيا السياسية، وحتى فيما يتعلق بتهديد خطير مثل محاولة الانقلاب الساقط في يوليو 2016، أو الخلافات العامة حول ما إذا كانت تركيا يمكن أن تكون عضوًا، يشير إلى دوافع مختلفة.
وأوضح أن السماح بانضمام تركيا سوف يستلزم اتخاذ قرار بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي وهو قرار لا يبدو أن أحدًا مستعد الآن لاتخاذه.
وأضاف أن السماح لتركيا بالانضمام إلى نادي الاتحاد الأوروبي محفوف بالصعوبات، لأن تركيا بلد كبير من حيث الكثافة السكانية يمتد بين أوروبا وآسيا، وغالبية الأتراك لا يعيشون في القارة الأوروبية، كما أن لديها تاريخا فريدا، وكانت على مدى عدة قرون معارضا نشطا لسياسة أوروبا. وهي علاوة على ذلك دولة ذات غالبية إسلامية ومقر سابق للخلافة السنية.
ويرى الباحث أن أيا من هذه الأمور لا ينبغي أن يمنع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن ذلك يعتمد على كيفية تصور ما هو الاتحاد الأوروبي.
ويوضح أنه منذ عقدين تتردد الانتقادات بأن القادة الأوروبيون ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي على أنه "نادي مسيحي" لكن السؤال الحقيقي هو، ما هو الاتحاد الأوروبي؟
ويجيب بأن الاتحاد إذا كان وسيلة مؤسسية لمجموعة من الأفكار حول أوروبا، ومكانتها في العالم، وحتى فلسفتها، فقد يكون من المعقول التساؤل عما إذا كانت بعض الدول على الأطراف وليس فقط تركيا يمكن أن تأمل في الانضمام.
أما إذا كان الاتحاد بناء بيروقراطيا لتحقيق الأهداف السياسية البحتة للأمن والازدهار الاقتصادي، فلا يوجد سبب لعدم انضمام تركيا، بل وفي الواقع كثير من البلدان الأخرى خارج أوروبا.
ويقول الباحث إن هذا السؤال لم يحل قط، وفي هذا تكمن جذورجميع المشكلات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي حول التكامل الأعمق.
ويرى أن هذه المسالة في بعض جوانبها غير قابلة للحل، على الأقل من خلال الهياكل الحالية للاتحاد الأوروبي. وبسبب الحاجة إلى إنشاء منظمة فوق وطنية مع الحفاظ على السيادة الوطنية، يتم تهميش هذه الأسئلة الفلسفية لصالح الأعمال البيروقراطية.
وعلاوة على ذلك لا يوجد شخص داخل هياكل الاتحاد الأوروبي لديه التفويض الديمقراطي للتعبير عن فلسفة سياسية وقيادة الكتلة في هذا الاتجاه؛ لأن ذلك ينتزع دور القادة الوطنيين.
ويخلص الباحث إلى أن انضمام تركيا أو رفض انضمامها سوف يجيب على هذا السؤال بطريقة أو بأخرى، إذ إن السماح بانضمامها سوف يأخذ الاتحاد الأوروبي في اتجاه واحد، كما أن عدم السماح لها بالانضمام، سواء بالتصريح المباشر أو الضمني يجعل الاتحاد في اتجاه مختلف.
ويختم بالقول: "أيًا كان الاتجاه الذي يتخذه الاتحاد الأوروبي بشأن تركيا، فإنه سيحدد طبيعة مشروع الاتحاد الأوروبي. وبعبارة أخرى، يرتبط مستقبل الاتحاد الأوروبي ارتباطا وثيقا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!