محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
مع أن انتخابات إسطنبول تبدو سباقًا للفوز برئاسة البلدية بين مرشحي حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، إلا أن هناك تصفية حسابات عالمية في خلفيتها، تمامًا كما حدث في انتخابات 31 مارس وما قبلها.
لنلقِ نظرة حولنا..
هناك أكثر من 200 سفينة حربية من عشرات البلدان في البحر المتوسط.
مدينة إدلب السورية مشتعلة.
لم تنسحب الولايات المتحدة من شرق الفرات، وتواصل حشد الأسلحة هناك.
تشدد واشنطن العقوبات والحصار على إيران.
يجري تنفيذ مخططات خبيثة في قبرص خطوة تلو الأخرى، سوف تلقي بالمنطقة إلى أتون مشتعل.
يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا بخصوص منظومة إس-400 ومقاتلات إف-35.
كل ذلك على علاقة وثيقة بانتخابات إسطنبول، التي تجري في الداخل، إلى درجة أن القوى العالمية المتابعة لسير الانتخابات لا تكتفي بالتهديدات الخارجية فحسب، بل تضبط جرعة التهديدات وفق حسابات السياسة الداخلية.
الأمر الخطير بالنسبة لتركيا في هذا الخصوص هو أن حزب الشعب الجمهوري والمعارضة المتحالفة معه يقفان موقف راضيًا إزاء هذا المشهد، بل إن هناك منهم من يطلق صيحات الفرح.
لا توجد على أجندة المعارضة حسابات القوى العالمية التي تحاصر المنطقة. ولا يكترث من يتحدثون بلسان الولايات المتحدة في مسألة إس-400 لما يحدث في المتوسط وقبرص.
قبل يومين، أرسلت أنقرة سفينة "ياووز" للتنقيب عن النفط والغاز في المتوسط، وهي السفينة التركية الثانية، بيد أن المعارضة لا تدرك المعنى التاريخي لوجود تركيا هناك.
لماذا لا أحد يسأل عن سبب تسليح الولايات المتحدة تنظيم "ي ب ك/ بي كي كي" علنًا؟
من خرجوا بالأمس آملين بوقوع أزمة حتى ينهار الاقتصاد، يدعون الله اليوم كي تضيق الولايات المتحدة الخناق على تركيا.
في الواقع، يشعر المرء بالرعب إزاء المستقبل ووجود معارضة تمتلك مثل هذه العقلية. يتوجب التفكير بإمعان في مسألة ظهور لاعبين سياسيين جدد يعتمدون على "الكذب" بنسبة عالية.
هذا ما لا يمكن تفسيره بفشل ديناميات السياسة الداخلية فقط. هناك دور كبير للعلاقة القذرة التي أقامتها تركيا مع الولايات المتحدة عام 1947.
يقول الدكتور بارش دوستر، في تحليل حول العلاقات التركية الأمريكية:
"علينا أن نتقبل هذه الحقيقة: الولايات المتحدة تمتلك نفوذًا واسع النطاق في تركيا، ليس على صعيد السياسة الخارجية فحسب، بل يصل إلى السياسة الداخلية والاقتصاد والحياة الأكاديمية والنقابات والتعليم والإعلام وعالم الأعمال والجماعات الدينية. وهذا ما يزيد من صعوبة البحث في العلاقات التركية الأمريكية، واتخاذ مقاربة ناقدة منها".
الإجابة عن السؤال التالي في غاية الأهمية:
كيف تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الواسع هذا اليوم؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس