د. علي حسين باكير - العرب القطرية
مع انقضاء العام 2019، تنتظر تركيا في العام 2020 مجموعة من التحديات الداخلية السياسية والاقتصادية والأمنية، في وقت لا تقلّ فيه الاستحقاقات الخارجية أهمية عنها.
على الصعيد السياسي، سيخلق إنشاء الأحزاب السياسية الجديدة، كحزب المستقبل الذي أعلن عنه أحمد داود أوغلو، والحزب الذي سيُعلن عنه علي باباجان قريباً، واقعاً جديداً بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، استناداً إلى التقديرات المتعلقة بأحجام الأحزاب الجديدة التي وُلدت نتيجة خلافات جسيمة مع الدائرة الضيقة التي باتت تحكم توجهات حزب العدالة والتنمية، قد يضطر حزب العدالة إلى إعلان انتخابات مبكّرة لقطع الطريق عليها، ومنعها من التحضير بشكل جيد لاستقطاب الأصوات.
على الصعيد الاقتصادي، وبالرغم من أن الأشهر الأخيرة من العام 2019 كانت قد شهدت تحسناً طفيفاً في المؤشرات الرئيسية للاقتصاد التركي، فإنه لم يتم تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ظهرت منتصف العام 2018 بشكل تام، الوضع الاقتصادي سيشكّل تحدياً رئيسياً لحزب العدالة والتنمية ولتركيا في العام 2020، سيما إذا تم الاكتفاء بآلية تخفيض سعر الفائدة، وتجاهل الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية جذرية للتعافي من الأزمة وتداعياتها.
فيما يتعلق بالأمن الداخلي، وبالرغم من أن أنقرة كانت قد أظهرت تقدماً مميّزاً في تحصين الأمن الداخلي خلال الأعوام القليلة الماضية، فإن استمرار الأزمة السورية وحالة عدم الاستقرار في العراق من شأنها أن تؤدي إلى ازدياد الضغوط على الأمن الداخلي التركي عام 2020.
على الصعيد العسكري، يمكن ملاحظة ازدياد اعتماد تركيا على القوة الصلبة في الحصول على نتائج سياسية مناسبة، في ظل التنافس الإقليمي والدولي الجاري في المنطقة، لكن التمدد العسكري التركي يضع بدوره ضغوطاً متزايدة على الوضع السياسي والاقتصادي، وكذلك على علاقات تركيا مع القوى الغربية، الأزمة الليبية ستكون أول اختبارات أنقرة في هذا المجال للعام 2020.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية للبلاد، فإن المشاكل المتفاقمة مع عدد غير قليل من الدول آخذة في التراكم كقنبلة موقوتة، بما يهدّد بانفجارها في أي وقت العام المقبل، هناك عدة استحقاقات إقليمية ودولية خلال العام الجديد، لعلّ أبرزها الخلاف مع الولايات المتحدة حول مقاتلات «أف-35» متعددة المهام، وشراء منظومة «أس-400» الروسية، الفشل في التوصل إلى اتفاق حول هذه المواضيع مع حلول مارس-أبريل من العام 2020 قد يعرّض تركيا لعقوبات أميركية تستجلب معها تدهوراً غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.
في المقابل، فإن اعتماد أنقرة على روسيا آخذ في الازدياد بشكل خطير، سيما مع غياب التوافقات القاطعة لتحقيق تقدم ملموس في الملفات التي ينخرط فيها الطرفان، وأبرزها ملف سوريا ومؤخراً ملف ليبيا، أما العلاقة مع أوروبا، فهي في حالة توتر دائم، وإذا ما استثنينا بريطانيا، فمن المتوقع أن يكون العام 202 استكمالاً لشكل العلاقة التركية-الأوروبية في العام 2019.
ومن المنتظر أن يبرز ملف الثروات «الغاز والنفط» شرق البحر المتوسط، والنزاع حول استثمار هذه الثروات مع دول المنطقة بشكل كبير في العام 2020، سيما مع اليونان وقبرص اليونانية، ويتصل هذا الملف بشكل مباشر مع عدد من الملفات الأخرى ذات الطبيعة الثنائية ومتعددة الأطراف، وهو ما يجعله قابلاً للاشتعال في وقت تزداد فيه عسكرة التنافس شرق حوض المتوسط بشكل غير مسبوق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس