محمود أوفور - جريدة صباح
ترجمة وتحرير ترك برس
لسنوات عدة كنا نشكو دوماً من "هجرة العقول"، قلة الإمكانيات كانت السبب الرئيسي لهجرة الأدمغة المتميزة إلى خارج الوطن. هذه الهجرة ربما يَنظر إليها البعض بصورة إيجابية كونها أسست وطوّرت العلاقات التركية مع الدول الصناعية. لكن في الحقيقة لم يكن السبب الرئيسي لتلك الهجرة هو تطوير تلك العلاقات وإنما كان السبب عدم وجود أرضية تجذبهم للبقاء في تركيا.
لم تكن جامعاتنا ولا حتى مؤسساتنا الصناعية كافية لتلك العقول المتميزة. لذلك معظم المهاجرين غادروا ولم يعودوا. بعد عام 1960 أضيف إلى جانب هجرة العقول، هجرة الأيادي العاملة وهجرة رجال الأعمال وأصحاب المشاريع. هؤلاء برغم كل مخاطر العزلة الاجتماعية التي كانوا سيعانون منها خارج الوطن إلا أنهم اضطروا للذهاب إلى الغربة. ومعظمهم يعيش هناك حتى الآن .
لكن ما الوضع الحالي ؟
في السنوات الأخيرة انقلبت الآية وأصبحت الهجرة عكسية. سبب ذلك ما عاشته تركيا في السنوات الأخيرة من تغيرات جوهرية وتحسن في الأداء الاقتصادي شهد له القاصي والداني.
خلال السنوات القليلة الماضية انخفض عدد المهاجرين وازداد عدد العائدين. موقع eleman.net والذي يتصدر مجال "الياقات الزرقاء التركية والموارد البشرية" وحسب نتائج أبحاثه يقدم لنا معطيات مهمة. فمن خلال البحث الذي أجراه على أكثر من عشرين ألف من المغتربين يشير بوضوح إلى أن الهجرة أصبحت بخط أوروبا-تركيا وليس العكس.
من الطبيعي أن تكون ألمانيا على رأس الدول التي يجري منها الهجرة العكسية وذلك بنسبة 15.1% من مجموع أعداد العائدين. تأتي بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بـ 8.4%، أذربيجان بـ8.2%، ففرنسا بنسبة 7% ثم هولندا بنسبة 5.2%. ازدادت أعداد العائدين بنسبة 35% قياساً بالسنوات السابقة وكانت إسطنبول أكثر المدن التي احتوت العائدين والذين كانوا من قطاعات: السياحة، التعليم، تكنولوجيا المعلومات، البناء والمنسوجات، وأكثر حقيقة ملفتة هي أن 36% من العائدين هم من أصحاب الشهادات الجامعية المختلفة.
لماذا يعودون؟ يجيب عن ذلك المدير العام لموقع eleman.net بقوله: "بنظرة مستقبلية بالنسبة للعاملين، هناك انخفاض مستمر بمستوى الأمن في الدول التي يعيشون فيها، والذين يريدون العودة يفضلون تركيا لبناء خططهم المهنية والمستقبلية. يشير هذا التفكير إلى ارتقاء تركيا في السنوات الأخيرة على سلّم النمو، وإلى الإمكانيات التي توفرها حالياً المصانع سواء المحلية أو المصانع الأجنبية والتي تضخ أموالا طائلة للاستثمار في تركيا".
برغم أن أرقام الهجرة العكسية مرتفعة إلا أنها لا تشكل سوى بداية. ومع تثبيت الديمقراطية في تركيا بصورة أعمق ستزداد تلك الأرقام أكثر فأكثر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس