د. علي حسين باكير - العرب القظرية
أطلق علي باباجان، يوم الأربعاء الماضي، حزبه الجديد تحت مسمى «الديمقراطية والتقدّم»، ويعرف اختصاراً باسم (DEVA)، وتأتي بمعنى العلاج أو الترياق. سبق لباباجان أن شغل عدّة مناصب حكومية بارزة منذ مشاركته في تأسيس حزب العدالة والتنمية، أبرزها منصب وزير الاقتصاد بين ٢٠٠٢ و٢٠٠٧، ووزير الخارجية بين ٢٠٠٧ و٢٠٠٩، ونائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بين ٢٠٠٩ و٢٠١٥.
الإعلان عن الحزب الجديد يأتي بُعيد استقالة باباجان من حزب العدالة والتنمية العام الماضي، إثر خلافات حول التغيّر الحاصل في توجّهات الحزب والسياسيات المعتمدة في السنوات الأخيرة. ويعتبر هذا الحزب بمثابة ثاني حزب يؤسّسه منشق عن حزب العدالة التنمية، بعد أن أطلق أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء التركي الأسبق، حزبه الجديد «المستقبل» في ديسمبر من العام الماضي.
بلغ عدد أعضاء اللجنة التأسيسية لحزب «دوا» ٩٠ عضواً، بينهم ٢٧ امرأة و١٦ وجهاً شاباً جديداً، بالإضافة إلى عدد من الوزراء السابقين والمسؤولين ممّن عملوا جنباً إلى جنب مع باباجان، كوزير الصناعة والتجارة السابق نهاد إرجون، ووزير العدل السابق سعدالله إرجن، ووزيرة الدولة لشؤون المرأة والعائلات سلمى عليّة قاواف.
أصغر عضو في اللجنة التأسيسية يبلغ عمره ٢١ سنة تقريباً، أمّا الجنرال المتقاعد الوحيد الذي ورد فيها فهو محمد شانور الذي انتشر اسمه كالنار في الهشيم، بعدما انقضّ الانقلابيون عام ٢٠١٧ على عرس ابنته، واقتادوه مع عدد من الجنرالات أسيراً إلى قاعدة أكنجي الجوية. يشدّد الحزب على أنّه حزب ديمقراطي ليبرالي، تشاركي، وتعدّدي يسعى إلى تصحيح الأخطاء التي تمّ ارتكابها خلال العقد الماضي، وإلى حماية حقوق وحريات الفرد في مواجهة الدولة. يرى الحزب أن جوهر المشكلة الاقتصادية في البلاد يكمن في الهيكلة غير المستقرة للنظام القضائي، وأنّه ما إن يتم توفير البيئة المستقرّة التي تتمتّع بحكم القانون، حتى تتم إزالة حالة الغموض، مما يساعد على اتخاذ قرارات تتعلق بزيادة الإنتاج والاستثمار بثقة عالية.
يركّز الحزب أيضاً على استقلالية عمل أجهزة الرقابة والتنظيم والمؤسسات في الدولة، بما في ذلك البنك المركزي وجهاز الإحصاء، ويشدّد على الصدق والفضيلة والحرية وأمن المجتمع والعدالة الاجتماعية وفصل السلطات. وفي الوقت الذي يعتبر فيه العنصر الاقتصادي الأقوى في أجندة حزب «دوا»، فإنّ مهمّته في جذب الأصوات من خارج نطاق اليمين الوسط التقليدي لن تكون سهلة.
وبخلاف حزب «المستقبل» الذي لا يطمح -على ما يبدو- إلى استقطاب من هم خارج دائرة النخبة المحافظة، وتحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القوميّة، يسعى حزب «دوا» إلى جمع أكبر قدر ممكن من الأصوات من خارج هذه الدائرة أيضاً.
يخاطب الحزب الشريحة الكردية، من خلال التأكيد على اعتبارهم مواطنين على قدر المساواة مع باقي المواطنين، مع فصله أيضاً بينهم وبين التزامه بمحاربة حزب العمّال الكردستاني. لكن هناك من يشير إلى أنّ الوجود الكردي في اللجنة التأسيسية للحزب ضعيف، ولا يتخطى الرقم (٢)، فيما لا يوجد تمثيل علوي بتاتاً، وهو ما يعتبره البعض عقبة ربما أمام قدرته على جذب المؤيدين لاحقاً.
وبخلاف داوود أوغلو، فإن باباجان لم ينخرط في أي منازلة علنية مع أردوغان، ويرى البعض أنّه فضّل هذا الأسلوب للتركيز على عمل الحزب، ولحرمان رئيس حزب العدالة والتنمية من الأدوات المفضّلة لديه. يدعم الرئيس السابق عبدالله غول بابان وحزبه الجديد من الخلف، لكن هناك بعض المعلومات التي تشير إلى إمكانية وجود تباين حول الاستراتيجيات القادمة، بدليل غياب بعض الأسماء القوية التي كانت مرشّحة للحضور في اللجنة التأسيسية، كوزير الداخلية السابق بشير أتلاي. بغض النظر عن هذا الموضوع، لا يزال الحزبان الجديدان في بداية الطريق، ولا يزال من المبكّر جداً رسم أية استنتاجات فيما يتعلّق بقدرة هذه الأحزاب على جذب الأصوات، أو منافسة حزب العدالة، أو حتى تعقيد مهمّته القادمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس