ترك برس
نشرت وكالة الأناضول التركية تقريرًا موسعًا يستعرض آراء عدد من الخبراء الأتراك حول القمة التي تنعقد اليوم الثلاثاء عبر دائرة تلفزيونية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لبحث ملفي "إدلب" واللاجئين.
ووفقًا للوكالة، يجمع أكاديميون أتراك على أن قادة أوروبا أدركوا أن أمن القارة يبدأ من محافظة إدلب السورية، لذا سيعملون على المساهمة في إيجاد حل لإنهاء الحرب السورية، وتقاسم أعباء اللاجئين.
وعلى مدار أشهر، شنت قوات النظام السوري، بدعم من روسيا ومليشيات مدعومة من إيران، هجمات دموية على إدلب، في خرق لاتفاق "منطقة خفض التصعيد"، قبل أن تتوصل أنقرة وموسكو إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ في 6 مارس/ آذار الجاري.
ومنذ 27 فبراير/شباط الماضي، بدأ تدفق طالبي لجوء إلى الحدود الغربية لتركيا مع اليونان، عقب إعلان أنقرة أنها لن تعيق تحركهم باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، الذي لم يف بالتزاماته في اتفاق اللاجئين، الموقع مع تركيا في 18 مارس/ آذار 2016.
ولليوم العشرين على التوالي، يواصل طالبو اللجوء الانتظار على الحدود التركية- اليونانية، على أمل الوصول إلى دول أوروبا الغربية، رغم مرارة ما يصيبهم، بدءًا من الطقس السيئ إلى عنف قوات الأمن اليونانية والأسلاك الشائكة، التي تقف سدًا أمام آمالهم.
ووفق عضو هيئة التدريس في جامعة بيلغي بإسطنبول، بروفيسور إلتر طوران، فإن دول الاتحاد الأوروبي غير الراغبة باستضافة لاجئين ستضطر إلى اتخاذ خطوات لإيجاد حل للأزمة المسببة للجوء.
ويضيف طوران: "الاتحاد متردد للغاية بشأن مساعدة اللاجئين ماليًا، فالدول الأوروبية غير كريمة في هذا الشأن، والقمة الثلاثية ستبحث هذا الموضوع بالتأكيد، لكن يجب عدم رفع سقف التوقعات، فميركل وماكرون مضطران لإقناع بقية دول الاتحاد".
ويتابع أن انتهاج تركيا لسياسة الحدود المفتوحة أمام اللاجئين الفارين من الحرب في جارتها سوريا، دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني موقف داعم لليونان، لمنع طالبي اللجوء من اجتياز الحدود اليونانية.
ويردف طوران قائلًا إن أوروبا تبحث حاليًا سبل إبقاء طالبي اللجوء داخل حدود تركيا، "وبالتالي قد تشهد القمة الثلاثية تقديم وعود جديدة؛ لأن أمن أوروبا يمر بأمن تركيا".
عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة يدي تبه، بروفيسور مسعود حقي جاشن، يقول إن تركيا لديها مطالب من أوروبا تتمثل بدعمها لوقف موجة اللجوء الجديدة (من إدلب)، وإنهاء الحرب الداخلية في سوريا، وضمان أمن حدود تركيا الجنوبية، ورفع التأشيرة (الأوروبية) عن المواطنين الأتراك، وتقاسم أعباء اللاجئين، وتحديث اتفاق الاتحاد الجمركي".
ويعرب جاشن، في حديث للأناضول، عن اعتقاده أن القمة ستتناول العلاقات الاقتصادية، وأن ماكرون قد ينتقد أنقرة، مع إمكانية أن تقدم ميركل إسهامات أكبر في مساعدة اللاجئين.
ويتابع: "أظن أن الأطراف (الثلاثة) إذا عجزت عن تحصيل ما تريده بشكل كامل على الطاولة، فإن العلاقات التركية الأوروبية ستكسب زخمًا مجددًا".
ويستطرد: "48 بالمئة من التجارة الخارجية لتركيا هي مع الاتحاد الأوروبي، وقسم كبير من الاستثمارات الاقتصادية في تركيا مصدرها دول الاتحاد، ولذلك ستتبع الأطراف نهج الدبلوماسية الوسط، دون إحراج بعضها البعض."
ويرى أن الأزمة الأخيرة في إدلب أظهرت أن حدود أوروبا تبدأ من إدلب، مضيفًا أنه "ليست فقط مصالح تركيا، وإنما أيضًا مصالح الاتحاد الأوروبي، هي التي تجمع الجانبين. وربما تكون هذه أهم ركيزة في التقارب بين أنقرة وبروكسل".
ويشدد على أنه من دون تركيا لا تستطيع أوروبا أن تكون آمنة، لذا فمن مصلحة أوروبا مساعدة تركيا، التي أثبتت في الأزمة الأخيرة أنها دولة كبيرة لا يمكن إغفالها.
من جهته، يرى عضو هيئة التدريس بجامعة إسطنبول الثقافية، بروفيسور حسن كوني، أن الاتحاد الأوروبي يريد أن تسود التهدئة في المنطقة، وأن احتمال الخروج بنتائج إيجابية من القمة مرتفع جدًا.
ويضيف كوني للأناضول: "ألمانيا وفرنسا كانتا تفكران بتخصيص تمويل للتوطين (اللاجئين)، لكنهما كانتا تنتظران أن يسود الهدوء في المنطقة، فسوريا تحت وطأة حرب معقدة للغاية، وتوجد مليشيات شيعية، وقوى تدعمها الولايات المتحدة، ومعارضة مدعومة من تركيا".
ويكمل: "لذلك هم (الأوروبيون) ينتظرون من تركيا وروسيا إنهاء حرب الوكالة في سوريا، وبناء عليه يضعون خارطة طريق تتعلق بطالبي اللجوء، وسيسعون من خلال هذا البرنامج إلى إيقاف الهجرة، وهذا ما تأمله أوروبا والغرب".
ويرجح كوني أن التوصل إلى مقترح حل في القمة الثلاثية سيؤدي إلى توقف طالبي اللجوء عن التوجه إلى الحدود.
ويعرب عن اعتقاده بأن ميركل وماكرون سيجتهدان للبحث عن صيغة حل سياسي ينهي الحرب في سوريا.
ويستدرك: "هما يعرفان أيضًا أنه ما دامت إيران وإسرائيل في سوريا، وطالما أن الولايات المتحدة تحت إمرة إسرائيل، فإنه لن يتم التوصل إلى حل شامل في سوريا، وهذا الموضوع سيكون ضمن جدول أعمال القمة".
ويردف: "ألمانيا وفرنسا تركزان الآن على موجة الهجرة الجديدة التي ستأتي من إدلب، في حال استمر التوتر بين تركيا وروسيا"، وميركل وماكرون سيبحثان عن اتفاق مع تركيا لإيقاف تلك الموجة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!