خاص ترك برس
يُعدّ عدم القدرة على تحقيق تنمية متوازنة بين المناطق والمحافظات من ناحية التطور الاقتصادي والاجتماعي واحداً من أهم المشاكل التي واجهت تركيا على امتداد تاريخها.
وبالرغم من القيام بخطط لتقليل فروق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بين المحافظات والمناطق عن طريق خطط التنمية التي بدأ تطبيقها اعتباراً من الستينيات، إلا أنّه لم يتم إحراز أي تطورات يستحق التقدير في هذه المجالات خلال تلك الفترة.
لذلك كان حرمان المواطنين المقيمين في المناطق الريفية من خدمات البنية التحتية مثل الطرق ومياه الشرب، والوصول المحدود للخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وكذلك ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدن بسبب مشكلة الإرهاب التي تعيشها مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، تسبب كل هذا في ظهور مشاكل إجتماعية تُوجب السيطرة عليها.
في هذا الإطار تم في السنوات الأخيرة دفع عجلة الاستثمارات الاقتصادية بشكل أساسي في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، وقد تجاوز مجموع الاستثمارات الحكومية التي أجريت في محافظات مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول خلال السنوات الأخيرة ما يزيد عن 37 مليار ليرة تركية.
إن الإصلاحات التي حققتها تركيا في السنوات الأخيرة في مجال إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان، قد أُنجزت بالتزامن مع المؤشرات الإقتصادية الكبرى الإيجابية والتنمية الاجتماعية.
كانت تركيا قبل عام 2002م عبارة عن دولة أوشكت أن تتوقف فيها الإستثمارات الداخلية والخارجية تماماً، وهربت منها رؤوس الأموال للخارج، وازدادت فيها البطالة.
أما في عام 2002م فقد تحول الاقتصاد التركي تحولاً ضخماً بسبب الإصلاحات البنيوية التي شملت مجالات كثيرة، وفي هذا الإطار خضعت مالية الدولة إلى الرقابة، وأصبح الاقتصاد التركي أكثر ثباتاً أمام الإضرابات التي يمكن أن تحدث في الأسواق العالمية، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسات مستقلة، كما أُعيد تنظيم أسوق المال بما يلائم العصر الحديث، وأُلغيت الكثير من من العوائق البيروقراطية، كما أزيلت ستة أصفار من الليرة التركية عام 2005م حتى يسهل الحساب في تعاملات البنوك وفي النفقات اليومية للمواطنين، وأصبحت بذلك وحدة العملة المحلية أكثر قيمة ومكانة.
بدأ الاقتصاد التركي بالنمو والتعافي اعتباراً من عام 2002م بعدما انخفض بنسبة 5.7 % في عام 2001م بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك، وقد بلغ متوسط نسبة النمو السنوي في الإقتصاد التركي 5.2% في الفترة ما بين عامي 2002م – 2011م.
كما حقق الإقتصاد التركي سرعة نمو في عامي 2010م و 2011م تقدر على التوالي بنسبة 9.2% و8.8% فأصبح بذلك ثاني أكبر اقتصاد من حيث سرعة النمو بعد الصين، وأسرع اقتصاد في أوروبا من حيث النمو، كما واصل الاقتصاد التركي نموه بنسبة 202% أيضاً في عام 2012م الذي شهدت فيه العديد من الدول الأوروبية أزمة اقتصادية طاحنة.
انعكس أداء هذا النمو على حجم الدخل القومي للفرد أيضاً، حيث كان يقدر ب 3500 دولار عام 2002م، وارتفع في نهاية عام 2012م إلى 10504 دولار.
واعتباراً من عام 2012م، بلغت نسبة التضخم السنوي 6.16% في "مؤشر أسعار المستهلكين" و 2.45% في "مؤشر أسعار المنتجين"، وذلك بعدما كانت هذه النسبة تتجاوز 30% في عام 2002.
كما انخفض معدل فائدة الاقتراض لليلة الواحدة في البنك المركزي من 44% عام 2002م إلى حوالي 5% عام 2012م.
من الجدير بالذكر أنّ تركيا قامت في أعوام 2000م و2001م و2002م بأكبر عملية اقتراض في تاريخها، وقد تسبب هذا الوضع في جعل تركيا ضمن أكثر الدول استدانة من صندوق النقد الدولي، ونتيجة للاستقرار الاقتصادي والانضباط في مالية الدولة خلال السنوات الأخيرة تم الانتهاء تماماً من سداد القرض الائتماني لصندوق النقد الدولي منذ مايو/ أيار عام 2013م.
كما قفز التصدير في السنوات الأخيرة نتيجة لتوسع جغرافية تركيا الإقتصادية من خلال السهولة التي يؤديها الدخول إلى 63 دولة بدون تأشيرة دخول، فوصل التصدير إلى 152 مليار دولار عام 2012م.
اعتباراً من عام 2012م أصبحت تركيا تحتل المركز الثاني في قطاع المقاولات بعد الصين بـ33 شركة لها ضمن 225 أكبر شركة مقاولات في العالم.
بهذا أصبح الاقتصاد التركي يحتل المركز السابع عشر على مستوى العالم والمركز السادس على مستوى أوروبا، كما احتلت مكانة مهمة بين دول مجموعة العشرين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس