ميرا خالد خضر - خاص ترك برس
أكد المؤرخ والمترجم التركي، كمال خوجا أوغلو، أن العلاقات التركية القطرية "في عصرها الذهبي"، وذلك في أثناء استضافته لترك برس في منزله بمنطقة نورتيبي بمدينة إسطنبول، مشيرًا إلى أن هذه العلاقات "ضاربة في عمق التاريخ، ويظهر ذلك جليًا من خلال الوثائق الأرشيفية بما في ذلك الخطابات والمراسلات بين الدولتين، والتي ترجمتها من اللغة العثمانية إلى اللغة العربية"
ترجم خوجا أوغلو، الخبير في الأرشيف العثماني، أكثر من 50 ألف وثيقة عثمانية تاريخية إلى اللغتين التركية والعربية، وأكد من خلال اطلاعه أن العلاقات التركية القطرية "متينة وعميقة ومستمرة على مختلف المستويات والأصعدة".
وأشار إلى أن "تركيا وقفت مع دولة قطر، الأمر الذي وطّد العلاقات بينهما... لتستثمر قطر أموالها في تركيا وتساندها سياسيًا، وإن التقارب والتعاون بين البلدين لم يقتصر على الجوانب الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والدفاعية، بل إنه يظهر جليًا في الشارعين القطري والتركي وتبادل المشاعر الأخوية بين الشعبين".
وأكد خوجا أوغلو أن هذه العلاقات لها جذورها التاريخية، "فمنذ أن أصبحت قطر كيانًا سياسيًا واضح المعالم منتصف القرن التاسع عشر، ارتبطت بعلاقات جيدة مع العثمانيين، وهذا ما كشفه الأرشيف العثماني... وقد عقدت معاهدات واتفاقيات عدة آنذاك، كما أظهرت قطر ولاءها للدولة العثمانية".
"كان مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الموالى يؤمن بوحدة المسلمين"، حسب خوجا أوغلو، الذي يتابع قائلًا: "وكان يتمسك بمظلة الخلافة الإسلامية العثمانية، وكان مصرًا في الوقت ذاته على استقلال قراره السياسي، بينما كان بعض الولاة في الدولة العثمانية يميلون إلى الدمج الكامل لقطر في البنية الإدارية للدولة العثمانية... وهنا وقع سوء تفاهم بسبب الوالي العثماني في البصرة (حافظ باشا)، والذي عزله السلطان العثماني فورًا بعد الحادثة التي سببها ضد أبناء قطر، وعادت بعدها العلاقات الطيبة من جديد بين الطرفين".
أما في الوقت الحاضر، فقد أشار الدكتور كمال خوجا أوغلو إلى أن العلاقات الحديثة للجمهورية التركية بدولة قطر "تعيش عصرها الذهبي، وأن ما تعكسه أوجه الصداقة والتعاون والاضطلاع بالمسؤولية يسطر بأحرف من ذهب في سجل تاريخ هذه العلاقات"، مضيفًا أن هذه العلاقة "نموذج ناجح وراقي للعلاقات الثنائية بين دولتين على المستوى الإقليمي، ويصلح أن يحتذى بها، وهي فرصة أيضًا لإحياء الأرحام الدينية والتاريخية والثقافية والإنسانية بين الشعوب".
وأضاف أن "قطر ضخت استثمارات مهمة في تركيا"، معتبرًا أن تلك الاستثمارات "تعد انعكاسًا وامتدادًا طبيعيًا للعلاقات المميزة بين الجانبين، وأن هناك العديد من القطاعات الواعدة المشتركة مع تركيا مثل الصناعة والصحة والتعليم، على غرار العقارات والإنشاءات، والسياحة، والأغذية والزراعة والبنوك... وإن التميز الذي تشهده العلاقات السياسية بين الجانبين وحجم الاستثمارات الكبير في تركيا يعد استثنائيًا ومميزًا للغاية، حيث يقدّر بنحو 22 مليار دولار".
وفي ختام حديثه، أشار المؤرخ التركي إلى أن "دولة قطر لها سياستها المستقلة، كما نستطيع القول إن دولة قطر تتميز بسياسة توازن تقدر الدول التي حولها ولا تريد خلق أي نوع من المشكلات، وهي دولة ذات قرارات ذاتية لا ترضخ ولا تحب أن تكون تابعة لأي جهة كانت"، مضيفًا أن "تركيا وطدت علاقتها بقطر، وإنهما متفقتان في وجهات النظر تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة على مستوى منطقة الشرق الأوسط حيث يعتبر البلدان شريكان استراتيجيين يتعاونان في العديد من القضايا على عدة مستويات سواء كانت ثنائية أو إقليمية أو حتى دولية".
وتابع قائلًا: "إن الشعبين التركي والقطري بقيادتيهما الرشيدتين يتقدمان معًا يدًا بيد ويبذلان جهودًا مشتركة، مواصلين كتابة فصول أخوية في ظل التحديات القائمة في المنطقة لتحقيق السلام والاستقرار".
نبذة عن المؤرخ كمال أحمد خوجا أوغلو
هو من مواليد سوريا عام 1943، أكمل تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدارس السورية، ليتخرج من كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1975، وعمل مترجمًا وكاتبًا في العديد من الصحف والمجلات التركية، ومترجمًا في اللجنة العقارية التركية السورية، وعمل مذيعًا في إذاعة جدة لمدة ستة عشر عامًا ورئيسًا للقسم التركي فيها، وأسس القسم العربي في وكالة إخلاص للأنباء ووكالة جهان للأنباء التركيتين.
اختص خوجا أوغلو بترجمة الوثائق العثمانية القديمة والحديثة إلى اللغتين التركية والعربية، وبلغ عدد الوثائق التي ترجمها خمسين ألف وثيقة تاريخية. وترجم العديد من الكتب العثمانية إلى اللغتين التركية والعربية من أهمها:
- العالم الإسلامي (للعالم والرحالة التتاري عبد الرشيد إبراهيم) في مجلدين
- بلاد الحرمين في الوثائق العثمانية، في مجلدين
- فلسطين في الوثائق العثمانية
- مذكرات تحسين باشا
- مذكرات السلطان عبد الحميد السياسية
- الكويت في الوثائق العثمانية
- مدحت باشا من خلال الوثائق العثمانية
- وثائق الأشراف في الأرشيف العثماني
- مسائل مهمة
- من أجل الوطن (للأستاذ مصطفى ساطع الحصري)
- يهود الدونمة (للكاتب التركي أرطغرل أوزداغ)
- أسرار الانقلاب العثماني (لمصطفى طوران)
- مملكة النحل (للأديب التركي علي نار)، وهذه الترجمة حازت على الجائزة الأولى في مسابقة الأدب الإسلامي العالمية.
- مذكرات أمير عثماني
- ترجمة تاريخ أحمد جودت باشا (في اثني عشر مجلدًا)
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!