ترك برس-الأناضول
في العام 2013، زار الشاب محمد الحديدي، تركيا، برفقة شقيقته، ومكث هناك فترة قصيرة؛ لكنها تركت انطباعا جميلا لديه.
وكان أكثر الأشياء التي لفتت انتباهه، هي مدى حب الأتراك، لفلسطين، وللقدس، ولقطاع غزة.
ورغم عدم المعرفة المسبقة للكثير من الأتراك به، إلا أنهم قدّموا له الكثير من الاحترام والتقدير، وكذلك الهدايا له، ولأطفاله المقيمين في غزة.
وعقب عودته لغزة، بدأ الحديدي يحدث زوجته وأطفاله (صهيب "13 عاما" ويحيى "11 عاما" وعبد الرحمن "8 سنوات" وأسامة "6 سنوات")، عن "تركيا"، وعن طيبة شعبها، وحبهم الكبير لفلسطين.
ومنذ ذلك الوقت، تسرّب حب "تركيا" لأطفال الحديدي وزوجته.
ورويدا رويدا، بدأت العائلة تميل لفكرة السفر لتركيا والعيش هناك.
وفي هذا المجال، أخذ الشاب الحديدي دورة تدريبية في اللغة التركية، واستخرج جوازات سفر له ولزوجته ولجميع أطفاله.
ورغم صغر سنهم، إلا أن أطفال "الحديدي"، أصبحوا "يحلمون" باليوم الذي يسافرون فيه لزيارة تركيا.
ومع اقتراب تنفيذ هذا الحلم، خاصة بأن أن استخرج "الحديدي" الأب، لنفسه تأشيرة سفر لتركيا، ارتكبت إسرائيل مجزرة بشعة، بحق العائلة، حيث قتلت أطفاله الأربعة، ووالدتهم.
ونجا من القصف طفله الرضيع عمر (4 شهور).
كما قُتل كذلك في نفس المجزرة، أم أخرى وأطفالها الأربعة، من أقاربهم.
ووقعت هذه المجزرة يوم 15 مايو/ أيار، ثالث أيام عيد الفطر، في مخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة.
يقول الحديدي الأب، لوكالة الأناضول "أولادنا كانوا يريدون أن يعيشوا حياة عادية، مثل بقية البشر، لكن إسرائيل حرمتهم إياها".
ويضيف "كان ابني صهيب، يمارس الألعاب الالكترونية عبر الإنترنت، وكان يقول إن أطفالا من تركيا يلعبون معه عن بُعد، ويقول لي: أتمنى أن أذهب إلى هناك، إلى تركيا.. لكن يد الغدر الصهيونية كانت لهم بالمرصاد".
ويتابع "كان الأطفال يقولون لي إنهم يريدون أن نذهب لتركيا ونعيش هنا ونستقر، وانا قلت لهم: ان شاء الله، لكن يجب أن نؤسس أنفسنا، وأخذتهم إلى مركز (هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات) IHH في غزة، وكان من ضمن الدورات التدريبية التي يقدمها المركز، دورات اللغة التركية، لكنهم أولا أخذوا دورات في تلاوة القرآن الكريم".
وأردف "أنا أخذت دورة في المستوى الأول باللغة التركية، وبدأتُ تجهيز الأوراق اللازمة للذهب لتركيا، وكان الأولاد يعشقوا كثيرا اسم تركيا".
ويشير إلى أن ابنه عبد الرحمن "كان يقول دائما: نريد أن نسافر إلى تركيا".
أما ابنه الكبير صهيب، فسأل والده، قبل يوم واحد من المجزرة: هل يمكن أن نسافر اليوم؟ فأجبته إن المعبر (رفح) مغلق، سنسافر إن شاء الله بعد العيد (الفطر)".
ويعرض الحديدي الأب، جوازات سفر أولاده، التي أصدرها كي يسافر بهم إلى تركيا، ويقول "هذا جواز أسامة، وهذا جواز صهيب، وهذا جوار عبد الرحمن، وهذا جواز يحيى، وهذا جواز (زوجته) أم صهيب".
ويؤكد أنه كان ينوي السفر مع أسرته بعد انقضاء إجازة عيد الفطر، لكنه فوجئ بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي انتهى بفقدانه 4 من أبنائه الخمسة.
ووجّه "الحديدي"، الشكر لتركيا، لاهتمامها بدعم القضية الفلسطينية، حيث قال "أبعث بالتحية للشعب التركي والحكومة التركية وللرئاسة التركية لاهتماها بالجانب الفلسطيني، تركيا الدولة الوحيدة التي أهم قضية عندها هي القضية الفلسطينية وهذا يدل على ترابط الشعبين الفلسطيني والتركي".
**هوايات أطفاله
ويستعرض الأب المكلوم، هواياته أولاده، حيث يقول "صهيب يحب تربية الطيور وكان هو القائم بأعمال البيت نيابة عن والده".
ويضيف "كان يربي عصفور من نوع كوكتيل، وكان يطمح أن يسافر للعيش في تركيا".
ويتابع "أما يحيي، فرغم صغر سنه، لكنه كان يهوى التكنولوجيا كثيرا، فكان مثلا حينما لا أستطيع إصلاح أي خلل في جهاز إلكتروني، مثل الجوال أو شاشة التلفاز، يبادر لإصلاحه وينجح في ذلك".
ويكمل "كان يقول إنه يطمح لأن يصبح طيارا حينما يكبر".
أما عبد الرحمن ابن الثمانية أعوام، فكانت شخصيته "هادئة جدا، يتحدث بهدوء، ويبدو غامضا، يضحك مع أسرته كثيرا، وشخصيته مميزة للغاية ومثيرة للانطباع لكل من يراه، وكان ايضا يهوى تربية الطيور".
ويشير إلى أن طفله الشهيد أسامة (6 سنوات)، كان جريئا ويبدو أكبر من سنه، حيث لم يكن يخشى الحديث مع الكبار.
ويختم الأب حديثه قائلا "رحمهم الله.. ونسأل الله القبول وأن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس ومحاولات بسط السيادة الكاملة عليها، بانتقال التوتر إلى قطاع غزة، حيث بدأ عدوان إسرائيلي واسع بدأ في 10 مايو/أيار واستمر 11 يوما.
وتسبب العدوان باستشهاد 254 شخصا، من بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنا إضافة إلى 1948 جريحا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!