محمود الرنتيسي – خاص ترك برس
لعله في مثل هذا اليوم من العام 1948 كانت الترتيبات في بلادنا فلسطين جارية على قدم وساق من قبل الصهاينة بقيادة بن غوريون من أجل إعلان قيام دولة اسرائيل على الأرض الفلسطينية ، ولعل ما يؤلم قلوب الأتراك اليوم قبل العرب أن تركيا كانت أول دولة ذات شعب مسلم تعترف باسرائيل في 28 مارس 1949 ولعل ذلك التاريخ الذي أعلن فيه قيام هذه الدولة كانت ظروفه مختلفة تماما عن الوضع الحالي فقد حدثت أمور كثيرة في فلسطين وتركيا والكيان.
لقد كنا نتألم في السابق عندما كنا نرى دولا عربية واسلامية تقوي علاقاتها باسرائيل وتصمت عن الجرائم التي ترتكبها ولكن منذ مجئ حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا في 2002 وتمكنه نسبيا في 2009 بدأنا نلحظ تغيرا في السياسة التركية لتكون أكثر تصالحا مع الحقوق و مع ارداة الشعوب وتحديدا الشعب الفلسطيني
لكن من أهم ما يشرح القلب أن القضية الفلسطينية التي لم تغادر الوجدان الشعبي يوما ما زالت حاضرة في الخطاب الرسمي التركي وعلى لسان عدد من القادة الأتراك وخاصة في أحاديث وتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو .
في يوليو و أغسطس من العام الماضي كانت جراح العدوان على غزة لم تندمل بعد فلم يخل أي خطاب تركي من ذكر القضية الفلسطينية و خلال لقاءات الرئيس في المهرجانات الشعبية للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها أردوغان ليصبح أول رئيس منتخب في تاريخ تركيا .
قبل أيام قليلة كنت أستمع لخطاب مباشر لرئيس الوزراء داود أوغلو في مدينة كارس على الراديو فإذا بالرجل يرد على تساؤلات زعيم المعارضة الذي سأل لماذا لا يتواجد السفير الاسرائيلي في أنقرة حيث قال له : هل يمكن ان يكون صديقنا من قتل 9 من مواطنينا هل يمكن أن يكون صديقنا من أسال دم اخوتنا في غزة.
قبل هذا بأشهر قليلة أعلن وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو رفضه المشاركة في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ، بسبب مشاركة الوفد الإسرائيلي. وقال أوغلو: "كنت ذاهبا للمشاركة في المؤتمر، ولكن قررنا عدم القيام بذلك بعد أن أضاف المنظمون، في اللحظة الأخيرة، إلى المشاركين في الاجتماع حول الشرق الأوسط، ممثلي الوفد الإسرائيلي".
وفي هذا السياق أيضا وفي قضية انضمام فلسطين للجنائية الدولية قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أن قرار دولة فلسطين المتعلّق بالانضمام رسمياً للمحكمة الجنائية الدولية ، اعتباراً من 1 نيسان / ابريل ، يجب ان يتّم تقييمه من خلال مبدأ السيادة الوطنية لتلك الدولة ، ويجب أن يلقى القرار كلّ الترحيب.
ما زالت تركيا من وجهة نظري واحدة من أكثر الدول تطبيقا للسياسة الأخلاقية قدر استطاعتها مع حرصها أيضا على تحقيق مصالحها ، ولعل القضية الفلسطينية هي واحدة من أهم معايير قياس السياسات الأخلاقية للسياسات الخارجية للدول جميعها وعلى الأقل فإن الحرص التركي على ابقاء القضية الفلسطينية حاضرة في كل المحافل فضلا عن الدعم الانساني الذي تقدمه يحافظ على عالمية القضية ومركزيتها في نطاقات أوسع العالم الاسلامي والعربي أيضا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس