ترك برس
تتميّز العلاقات التجارية بين تركيا ومصر، بأنها متجذرة وتعود إلى العصور القديمة، فضلاً عن محافظتها على استقرارها خلال سنوات القطيعة السياسية التي تلت الانقلاب العسكري في القاهرة.
ويعود تاريخ الشراكة التجارية والاستراتيجية بين مصر ومنطقة الأناضول (تركيا حالياً) إلى العصور القديمة، فكانت مصر دائماً واحدة من أهم الأسواق لمنتجات الأناضول خلال الحقب الرومانية والبيزنطية والعثمانية، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."
وتعتبر القاهرة أحد أهم الشركاء التجاريين لأنقرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتمثّل تركيا بدورها مركزاً اقتصادياً مهماً لمصر. وشهدت الفترة الماضية نمو حجم التبادل التجاري والشراكات والاستثمارات الصناعية بين البلدين المحوريين بالمنطقة، وسط تكهنات بتضاعف الأرقام المعلنة خلال الفترة المقبلة.
وفي الوقت الذي تمتلك فيه تركيا اقتصاداً آخذاً في النمو في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، تُعد مصر واحدة من أكثر الاقتصادات أهمية في المنطقة.
وتمتلك مصر الحصة الأكبر من التبادل التجاري بين تركيا والدول الإفريقية جمعاء، كما تعتبر مصر ثاني أكبر بلد عربي يصدّر منتجاته إلى تركيا، وثالث أكبر دولة عربية تستورد من تركيا، وتعتبر هذه المرتبة من العلامات المميزة للعلاقة التجارية بين البلدين.
ووفقاً لبيانات وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركيين، فإن حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة اتسم بنشاط كبير خلال الأعوام القليلة الماضية. فقد جرى بين عامي 2014 و2020 تصدير بضائع ومنتجات تركية إلى مصر بقيمة تصل إلى 21.9 مليار دولار، بينما بلغت الواردات الأخيرة إلى تركيا نحو 12.1 مليار دولار خلال الفترة المذكورة، فيما شهد العام الحالي وحده ارتفاع لحجم التبادل التجاري متجاوزاً 6 مليارات دولار.
ويعتبر ميزان التبادل التجاري بين البلدين ثرياً ومتنوّعاً، حيث يأتي الحديد والصلب، والبلاستيك، والمنتجات والزيوت البترولية، والسيارات والجرارات، في مقدمة المنتجات التركية المُصدَّرة إلى مصر. فيما تحتل المواد الكيميائية العضوية، والأسمدة، والألياف والمنتجات النسيجية، والمشتقات النفطية، والذهب، صدارة واردات تركيا من الأسواق المصرية.
وفي هذا الصدد، أفاد رئيس جمعية رجال الأعمال التركية-المصرية، أتيلا أتاسون، أن الجمعية التي يترأسها صدّرت "منتجات تركيّة إلى مصر بقيمة 3 مليارات دولار، علماً بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 5 مليارات دولار (سنوياً)".
وتابع أتاسون: "هذه الأرقام غير كافية ولا تعكس الإمكانيات التجارية للبلدين. نعتقد أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سوف يرتفع إلى 3-4 أضعاف خلال المرحلة المقبلة".
وأوضح أتاسون أن جمعيته، التي تأسست قبل 18 عاماً في القاهرة وتمثّل 733 شركة معظمها مصرية، تسعى لتعزيز التجارة الثنائية بين البلدين، واستطرد قائلاً: "نتوقع تسارعاً في حركة التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع التطورات السياسية الإيجابية التي تشهدها العلاقات الدبلوماسية".
وتمتلك الشركات التركية استثمارات مباشرة في مصر في العديد من المجالات، ويأتي من أهمها قطاع السيارات، وصناعة الزجاج، والبناء، والطاقة، ما يسهم في توفير فرص العمل لمئات الآلاف من الشباب المصريين، حسب الجمعية ذاتها.
كما تتيح الإمكانات الجغرافية الخاصة بمصر ميزات فريدة لها ولشركائها الاقتصاديين، تمتلك مصر أيضاً إمكانية فتح أبواب جديدة للمصدّرين الأتراك للانفتاح على أسواق إفريقيا والدول العربية الأخرى بفضل موقعها الاستراتيجي، في حين ستستفيد القاهرة من علاقتها بتركيا في الدخول إلى أسواق منطقة القوقاز والبلقان وتحفيز المستثمرين الأوروبيين للاستثمار في مصر.
ويرى اقتصاديون أنه بالنظر إلى اكتشاف احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى الاستثمارات والمشاريع المصرية في خطوط نقل الطاقة المختلفة، يمكن اعتبار أن الشراكة المصرية-التركية ستحمل فرصاً ومكاسباً ضخمة للبلدين، إذ يمكنهما التعاون في مشاريع البنية التحتية المختلفة، والتي ستشكّل تكاملاً صحياً في الأدوار بين بلدين يتمتعان بقدرات وإمكانات ضخمة.
ويرى متين أرول، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة "أرتوكلو" التركية، أن التقارب المصري-التركي الأخير "سيساهم برفع مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، وتطبيق المزيد من البنود المشجعة للاستثمار، وتقليل حدة التوتر والتنافس".
وأردف أستاذ الاقتصاد، أنه يتوقَّع فتح آفاق وفرص جديدة من التعاون في العديد من المجالات والقطاعات بين البلدين الشقيقين، وذلك "بالتزامن مع تواصل أعمال التنقيب عن احتياطيات الغاز شرق المتوسط"، على حد وصفه.
وأفاد محمد يوسف، المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين التي تضم تحت مظلتها مجلس الأعمال المصري-التركي، أن "الاستثمارات التركية تواصل عملها بشكل منتظم وتشهد توسعات مدفوعة بمعدلات الربحية التي تحققها في السوق المصرية".
وأكّد يوسف أن الحكومة المصرية تحرص حرصاً بالغاً على "حماية الاستثمارات التركية والحفاظ عليها (..) وعلى حرية تدفق الاستثمارات وانتقال الأفراد"، وهو ما دفع رجال الأعمال في البلدين نحو التحرّك بحرية كبيرة، وأسهم في ازدهار حركة التجارة بين البلدين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!