ترك برس
وسط فشل السياسة الأمريكية ومصداقيتها وتراجع دور الاتحاد الأوروبي في الشؤون الدولية والعلاقات مع الولايات المتحدة ، يسارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تشكيل واقع جيوسياسي جديد، من خلال بناء تحالف عريض من الدول التركية في آسيا الوسطى، وهو ما يشكل تهديدا لروسيا في مناطق الاتحاد السوفيتي السابق، كما يقول المحلل الروسي فلاديمير أودينتسوف.
وكتب أودينتسوف في مقال نشره موقع " نيو إيسترن أوت لوك" أن الزعيم التركي بدأ في الترويج لآرائه بنشاط في إطار الحضارة التركية بدلاً من الأيديولوجية السوفيتية التي وحدت شمال ووسط أوراسيا في الماضي القريب.
وقد لعبت المواجهة بين الديانتين المسيحية والإسلام التي تركزت حولها الرموز والقيم الثقافية الرئيسية للهجوم التركي ، دورًا أساسيًا في هذا التحول.
اليوم ، تعمل تركيا بنشاط على إخضاع دول العالم التركي والإمبراطورية العثمانية السابقة لسيطرتها من خلال "القوة الناعمة" وحصص التعليم في الجامعات التركية. وكان من المظاهر العلنية لهذه العملية الاحتفال طوال شهر أغسطس الماضي في تركيا بالذكرى الثلاثين لاستقلال دول العالم التركي: أوزبكستان وقيرغيزستان وكازاخستان وأذربيجان.
وعلى الرغم من أن تركمانستان ما يزال بلدا محايدًا وليس جزءًا من المجلس التركي، فقد شهد الاحتفالات التي أقامتها المنظمة الدولية للثقافة التركية ، TÜRKSOY ، ومقرها في أنقرة. كما أقيمت فعاليات في رومانيا والمجراللتين حصلت على صفة مراقب في المجلس التركي.
وإظهارًا لنية دول المجلس التركي للعب دور حاسم في السياسة والأحداث في المنطقة ، ناقشت دول المجلس التركي الوضع في أفغانستان في 27 أيلول / سبتمبر في اسطنبول بمبادرة من تركيا.
وشارك في الاجتماع ممثلون عن البعثات الدبلوماسية لتركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان والمجر لحضور الاجتماع.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في اجتماع لوزراء خارجية المجلس التركي: "حقيقة أن هناك ملايين من الأتراك يعيشون في أفغانستان تهمنا مباشرة ...".
ويلفت المحلل الروسي إلى أن تطور الوضع في أفغانستان مهم لدول المنطقة ، من حيث الأمن ومنع تغلغل العناصر الإرهابية المدمرة وتهريب المخدرات وتهريب الأسلحة والمهاجرين غير الشرعيين. وهو مهم أيضا لاسيما لدول آسيا الوسطى المتاخمة لأفغانستان ، ولا سيما أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان. خاصة وأن هناك العديد من الأوزبك والتركمان والطاجيك يعيشون في أفغانستان ، والحدود المشتركة في الوضع المضطرب الحالي في هذا البلد قد تسبب في أي وقت مخاطر عديدة لدول الجوار.
ويزعم المحلل الروسي أن الدافع وراء التحركات التركية هو نية تركيا السيطرة على احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في أفغانستان، وخصوصا معدن الليثيوم، وهو عنصر أساسي في ازدهار إنتاج البطاريات ، وكذلك الذهب والنحاس وخام الحديد وحتى النفط.
عمال آخر يدفع تركيا للاهتمام بأفغانستان، كما يقول المحلل الروسي، هو الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأفغانستان على مفترق طرق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والشرق الأقصى والمنطقة الهندية الباكستانية. وهذا العامل الاستراتيجي هو الذي يثير اهتمام الرئيس التركي الطموح والذي ينشر النفوذ التركي بنشاط في البلقان وإفريقيا وما وراء القوقاز وآسيا الوسطى.
ويضيف أن رغبة تركيا النشطة في أن يكون لها حضور قوي في أفغانستان ليس بمفردها، ولكن بمساعدة المجلس التركي ، حيث تحاول أنقرة جاهدة نقل الاهتمام بأفغانستان من منظمة معاهدة الأمن الجماعي ، ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها إلى المجلس التركي الذي أنشأته في عام 2009 .
ووفقا للمحلل الروسي، فإن دول العالم التركي أصبحت نشطة بشكل متزايد في إبعاد نفسها عن الماضي السوفيتي الحديث، ففي أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان ، بدأ العامل الإسلامي مؤخرًا يلعب دورًا مهمًا في تعزيز المشاعرالإسلامية في وسائل التواصل الاجتماعي ، وذلك بفضل الآراء السياسية للرئيس التركي.
وخلص أودينتسوف إلى أن ظهورنفوذ تركيا المتزايد في المنطقة ، أصبح يشكل تهديدًا أيديولوجيًا واضحًا للمنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!