د. ياسر سعد الدين - خاص ترك برس
حملات شرسة إعلامية عالمية طالت المعلق الرياضي محمد ابو تريكة لمجرد تعليقه وإبداء رأيه في مسألة إشاعة الشذود ونشر ثقافته أمام الأطفال وفي البيوت المسلمة والعربية والمحافظة. وإذا غضضنا الطرف (وما لنا أن نفعل ذلك) عن حكم شرعي ليس إسلامي بل في كل الديانات السماوية عن مسألة الشذوذ وتحريمها بشدة وتجريمها بجلاء، فإن كلام ابو تريكة يمكن وبكل بساطة أن يندرج في حرية التعبير، تلك الحرية المزعومة في الغرب والتي تسمح لعاهات ومرضى موتورون بالنيل من الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم ويشترك فيها الرئيس الفرنسي تشجيعا وترويجا، فيما لا تسمح لمسلم أن يعبر عن رأيه في ظاهرة يحاولون فرضها علينا بالقوة والمكيدة.
شارك في الحملة الآثمة والظالمة على ابو تريكة فنانون وكتاب عرب او من المحسوبين على العرب وما هم إلا أدوات لفرض الهيمنة الغربية علينا ثقافيا ودينيا لتتمم هيمنة غربية عسكرية وسياسية وإقتصادية على بلادنا وأمتنا. زعموا أن خطاب ابو تريكة هو خطاب كراهية في الوقت الذي صبوا على الرجل كل أنواع الكراهية والتحريض. نفس المنطق الغربي والصهيوني والإستعماري والذي يسرق وطنك وينهب ثرواتك ويقترف المجازر في بلادك، فإذا حاولت أن تدافع عن نفسك أو حتى أن تئن من الألم إتهموك بالإرهاب، وإذا ما أردت أن تسعف يتيما أو مكلوما أو ثكالى من نتاج أعمالهم وحروبهم حاصروك بتهم تمويل الإرهاب.
يتحدثون عن الحريات ويريدون أن يفرضوا علينا ثقافة الشذوذ ونشره وتعميمه بل وتدريسه في مناهجنا الدراسية كما فعلت الكثير من الدول الغربية، يقمعوننا ويحاصروننا فإن أردنا أن نقيم عليهم الحجة حاصرونا بهجمات شرسة تتهمنا بما يفعلوه لنا وبنا ويشاركهم في هذا القصف والإرهاب الفكري طابور خامس من "المشاهير" من الفنانيين والإعلاميين والكتاب ممن تفتح لهم سلطات الإستبداد منابر الإعلام وأبواب الشهرة فيما تفتح أبواب السجون للمفكريين والعلماء والمخترعين والنوابغ.
إنه الغرب والذي يجرم من يناقش –مجرد مناقشة- علمية أو تاريخية للهولوكست اليهودي ويقاضيه ويحاكمه، في الوقت الذي يسمح لمن شاء متى ما شاء بالهجوم على الإسلام والنيل من مقدساته وثوابته وقرآنه ونبيه صلى الله عليه وسلم. وفي حين يقدم لذكرى الهولوكست الحصانة من النقاش، يقدم الدعم والسلاح والرعاية لحكام مستبدين مسلمين وعرب مقايضة بسيادة دولهم وثرواتها والصفقات المشبوهة كصفقة طائرات رافال، ويفتح بنوكه مشرعة لإولئك المستبدين يكنزون مليارات نهبوها من أفواه شعوب يموت من ابنائها وأطفالها وشيوخها جوعا وبردا ومرضا نتيجة فقر وفاقة أفرزتها تلك السرقات. لم نرى تعاطفا أعلاميا غربيا مع ضحايا الهولوكست الأسدي في سوريا وضحاياه بالملايين، ولو نسبة العشر من التعاطف مع الشاذين ومشاعرهم والتي خدشتها تصريحات تذكر بموقف الأديان والفطرة السليمة من أفعالهم وأعمالهم.
وإذا تحدثنا منطقيا عن موضوع الشذوذ الجنسي والذي إن عم وأنتشر بين البشر لإنقرضت البشرية، فما لا يمكن ولا يصح تعميمه أمر لا يصلح تخصيصه فما بالك بالدعاية المحمومة والترويج الشديد والهستيري له. إن الغرب وخصوصا أوربا يشتكون من قلة المواليد والإنجاب وهرم مجتمعاتهم، هم أشد ما يحتاجون للتكاثر والتناسل والذي يكون من خلال تكوين إسر طبيعية كما خلق الله سبحانه وتعالى وفطر الإنسان عليه. الشذوذ سبب رئيسي لكثير من الأمراض المهلكة مثل الإيدز وسرطان الشرج وإضطرابات في الأمعاء والخروج اللإرادي للغائط وأمور كثيرة، بطبيعة الحال تُمًول كثير من الدراسات النفسية والتي تريد أن تثبت بهتانا وزورا أن الشذوذ أمر يولد مع الإنسان، مما يخالف سنة وحكمة الخلق وهو بالضبط كمن يريد أن يقنعك بأن الليل لا يختلف عن النهار ضياءا ونورا.
لكن أغرب ما في مسألة الشذوذ الجنسي وترويجها وأكثر ما يثبت بعدها عن المنطقية أو الحقوق الشخصية هو في أن السلوك الجنسي أمر خاص وشخصي جدا، ومكانه البيوت وغرف النوم المغلقة. فلماذا الإصرار على الإعلان عن الشذوذ والمجاهرة فيه في الشوارع والساحات العامة والملاعب والجامعات والمدارس. الأمر الطريف أن الغرب غير الألقاب التي تطلق على النساء والتي تميز بين العزباء والمتزوجة ابتعادا عن التفرقة، فلماذا لا ينطبق الأمر على الإنسان السوي والشاذ؟ هل يأتي المتزوج للعمل أو المدرسة ليخبر الناس أنه مارس الجنس مع زوجته هذا الصباح مثلا؟؟!! بالتأكيد لا، فلماذا يصر الشاذون على التعريف بأنفسهم في كل مكان، في العمل وفي المدرسة وغيرهم.
إن الأمر أكبر من حرية زائفة، أن المطلوب تحطيم المجتمعات والأسر الإسلامية، الهدف الأستخاف بالمحرمات ونشر الفاحشة وتجاوز ما هو معلوم بالدين بالضرورة. تم تجريم الجهاد والآن يريدون نشر الفاحشة علنا في مجتمعاتنا وتحويلها لقطعان تبجل جلاديها وتتبع الغرب إلى جحور الضب وهو الذي استعمرها وما زال يدعم الإحتلال والأستبداد في بلادها وينهب ثرواتها ويريد أن يصادر ويحطم عقيدتنا وتحويلنا لجوييم يخدمون الصهاينة ويندمجون في مشروع الشرق الأوسط الجديد بحكام مطبعين لا يفقهون ولا يعقلون، وبشعوب مطواعة تتبع لهم في كل شيء وإن خالف الدين والثقافة والمنطق والأخلاق والصحة العامة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس