ياسر سعد الدين - خاص ترك برس
لأسباب عقدية عنوانها الأبرز الشعب المختار والأغيار وإسرائيل الكبرى، وأخرى غريزية في حب السيطرة والهيمنة، تسعى الدولة العبرية للسيطرة والهيمنة على المنطقة بوسائل وأشكال متباينة. منها الاحتلال العسكري والسيطرة المباشرة كما يحدث في فلسطين وكما حدث في التوسع الإسرائيلي الأخير في الجولان بعد سقوط نظام الأسد. وما عملية السلام وما يسمى باتفاقيات إبراهيم إلا وسيلة من وسائل الاستعلاء والهيمنة والسيطرة على العقول والقلوب والغرائز.
ولإن إسرائيل لا تمتلك القوة البشرية والتي تؤهلها للسيطرة المباشرة، فإنها تلجأ أيضا للسيطرة غير المباشرة من خلال وكلاء يعملون معها طوعا وكرها، ومن أهمهم على الإطلاق دولة عربية تتفوق على الجميع في شبق التطبيع والتهافت عليه، ولنسميها مجازا "الدمية". وتزين إسرائيل لتلك "الدمية" ولقيادتها بأنها لاعب عالمي وقائد دولي وهي أي الدولة "الدمية" حاضرة في كل الملفات الإقليمية في السودان وليبيا وسوريا وغيرهم. وما هي في حقيقة الأمر إلى أداة طيعة تدخل وتتدخل وتدمر وتزرع في بلاد العرب المسلمين الفتن والفساد والدمار، حيث لا يستطيع الإسرائيلي الدخول المباشر لتجنب استفزاز المواطنين العرب والمسلمين ولنقص القدرات البشرية، ويكون ذلك بأساليب متنوعة لا تتوقف عن التدمير العسكري وإفساد الذمم المالية وشراء الولاءات، بل وتتعداها إلى ما يتدثر بالمساعدات الإنسانية عبر الإغاثة والهلال الأحمر، وربما هو أحمر هنا من غزارة ما سفكوا من دماء عربية وإسلامية بريئة.
تدخل "الدمية" في دول ليست فيها حروب باسم الاستثمار والخصخصة وتشتري مؤسسات عامة ومرافق حيوية كالمطارات والموانئ أبخس الأسعار من خلال رشوة حكام البلد نيابة عن الرأس المال الصهيوني الذي هو المشتري الحقيقي. لتنتهي البلد وقد سيطرت عليها إسرائيل وانتهى المطاف بمواطنيها أنهم يعملون في السخرة في بلادهم عند اليهود.
وتفتح إسرائيل للدمية ومن خلال علاقاتها الدولية المتنفذة الأبواب والسبل حتى يظن المراقب بأن للدمية قدرات كبيرة على التأثير وربما رفع العقوبات وجلب الاعتراف الدولي للأنظمة الانقلابية والجديدة، وهذا بالضبط ما حصل في مصر بعد انقلاب السيسي على السلطة المنتخبة.
على أعلى مستوى في سوريا تم استقبال رجال أعمال سوريين يستثمرون ويعملون في "الدمية"، الدولة البوليسية والتي يخضع كل شيء فيها للرقابة الشديدة والتي تحصى فيها الأنفاس. رجال أعمال سوريون قد يكونوا على ارتباط مباشر بأنظمة "الدمية" الأمنية، والتي تعمل من خلال توجيهات وتعليمات إسرائيلية.
هناك خشية من أن تستغل إسرائيل الانفتاح الاقتصادي في سوريا والتوجه نحو الخصخصة، لتهيمن على مقدرات سوريا ولتخترقها حتى العظم من خلال استثمارات الدولة الشقيقة أو بالأحرى الشقية "الدمية". وهكذا قد تصبح سوريا الحرة الجديدة تحت الهيمنة العسكرية الإسرائيلية والتي تقف قواتها على اعتاب دمشق بعد أن دمرت المقدرات العسكرية لسوريا بعد سقوط النظام، وإذا اشترى المال الخبيث المؤسسات السورية إن خصصت، فقد ينتهي المطاف بنا بأن نكون تحت الاحتلال الإسرائيلي الاقتصادي، وليعمل شبابنا في السخرة عند المحتل.
على السلطة الحاكمة في سوريا الانتباه إلى ما يحاك لسوريا، نحن في عالم متوحش لا يرحم. والكلمات الطيبة والمبادرات الاقتصادية قد تكون فخاخا وألغاما وسموما مهلكة.
إن أقوى درع تحتمي فيه سوريا الجديدة، هو جبهة وطنية موحدة ومشاركة المخلصين العبء والحمل الوطني الكبير من دون أن يستفرد فيه لا فصيل ولا تنظيم. سوريا تحتاج إلى اتخاذ القرارات بناء على دراسات متأنية وعميقة وتأخد جميع الاعتبارات في الحسبان، وتستفيد من الخبرات والكفاءات السورية المخلصة البعيدة عن شبكات أمنية من الدمية ومن غيرها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس