ترك برس
تشهد تركيا خلال الأشهر الأخيرة، جدلاً واسعاً حول أسعار الفائدة وسعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، حيث يؤكد الرئيس رجب طيب أردوغان على ضرورة تخفيضها، إلا أن المعارضة ترفض هذه الخطوة لاعتقادها بأنها تتسبب في انهيار الليرة وزيادة نسب التضخم.
وتتلخص وجهة نظر الرئيس التركي، في أن رفع سعر الفائدة أحد أسباب ارتفاع معدل التضخم في البلاد، كما يُعد سعر الفائدة عائقا أمام المستثمرين، لأن سعر الفائدة المرتفع، يزيد تكاليف الإنتاج.
وثمة حجة أخرى يسردها الرئيس التركي، وهي مقارنة سعر الفائدة في بلاده بباقي دول مجموعة العشرين، وخاصة تلك الدول التي تنتمي للاتحاد الأوروبي وأميركا، ففي تلك الدول تنخفض الفائدة إلى ما بين صفر و1%، وفي بلاده ترتفع إلى 19%.
وفي تصريحات أدلى بها، أمس الأحد، توجّه الرئيس التركي لمنتقدي سياسته لخفض الفائدة بالقول: "لا تنتظروا مني شيئا آخر"، لافتا إلى أنه سيواصل القيام بتخفيض نسب الفائدة، وجدد تأكيده على أن الفائدة المرتفعة تجعل الثري أكثر ثراء والفقير أكثر فقرا.
وفي تصريحات أخرى أدلى بها قبل أسبوعين، شدد أردوغان على أن بلاده تواجه مضاربات في أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الليرة التركية قائلا "كلما همت تركيا للخروج من نظام الفائدة المرتفعة تواجه ضغوطا بمثل هذه المضاربات."
وأوضح أن "هناك صناديق مالية عالمية قصيرة الأجل تدخل البلاد لتحقيق أرباح عالية من الفوائد"، لافتًا أن "هذه الأموال الساخنة يمكن أن تخفض سعر الصرف مؤقتًا، ولكن ليس وضعًا مثاليًا."
واستطرد قائلا "وقعنا في دوامة أسعار الصرف والفائدة والتضخم، لكننا لن نستمر في ذلك، ولن نسمح لهم بإعاقة الاستثمار والإنتاج، ولن نسمح لهم بزعزعة استقرار النمو وسنخرج من هذه الدوامة."
وفي هذا الإطار، نشرت شبكة الجزيرة القطرية، تقريراً حول مسار أسعار الفائدة في تركيا، والتي بلغت الذروة بـ 60% خلال التسعينات، فيما نزلت إلى مستوى الآحاد، خلال فترة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان.
وفيما يلي المسار التاريخي لأسعار الفائدة في تركيا:
في السبعينيات من القرن الماضي، كانت أرقام الفائدة الرسمية الصادرة عن البنك المركزي بمتوسط 10%.
وفي الثمانينيات ارتفعت تدريجيا لتصل إلى 50%.
وفي التسعينيات وصلت إلى أعلى نسبها رسميا عند 60%.
وعند استلام حزب العدالة والتنمية الحكم بحلول عام 2003 كانت نسب الفائدة 50%.
وفور تسلمه السلطة، بدأ أردوغان محاولات لخفض نسب الفائدة، وقد حافظ على معدلها بمتوسط 25% حتى عام 2008، ولاحقا إلى متوسط 15% حتى عام 2012، في حين نجح لأول مرة في إنزال سعر الفائدة لخانة الآحاد عام 2014 بفائدة 9%، وإلى 7.8% عام 2017، وهي أفضل سنوات الأداء والاستقرار الاقتصادي لحكومات العدالة والتنمية.
لكن محافظ المركزي السابق ناجي أغبال استمر برفع سعر الفائدة حتى 17% في الأشهر الأخيرة من 2020 ومن ثم إلى 19% في مارس/آذار العام الجاري، مما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عزله وتعيين شهاب قافجي أوغلو الذي قاد مشوار تخفيض الفائدة المستمر حتى اليوم.
هذا وقرر البنك المركزي التركي، الخميس، تخفيض معدل الفائدة الرئيسي إلى 14%، في رابع تخفيض منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وبهذا أصبح معدل الفائدة أقل بكثير من معدل التضخم، الذي ارتفع إلى 21.3% في نوفمبر/تشرين الثاني، مسجلا أسرع وتيرة في 3 سنوات.
في المقابل، تواصل الليرة التركية تأثرها السلبي من خفض أسعار الفائدة في البلاد، حيث بلغت عصر اليوم الاثنين، مستوى قياسياً جديداً أمام الدولار، وذلك بتراجعها إلى 17,86 ليرة للدولار الواحد.
ويأتي الانخفاض التاريخي لليرة التركية أمام الدولار، بالرغم من الزيادة المستمرة في حجم الصادرات، ونمو الاقتصاد في الربع الثالث من 2021، ورفع مؤسسات دولية من توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي نهاية العام الحالي.
ومن المقرر أن يترأس أردوغان اجتماعا لمجلس الوزراء، الاثنين، وليس من الواضح ما إذا كانت ستصدر عنه قرارات اقتصادية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!