ترك برس
كشف الدكتور مصطفى بولند داداش، نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية في تركيا، أسباب تراجع ظاهرة "الوقف" في العالم الإسلامي.
وعرّف العالم والفقيه التركي الوقف لغويا بأنه الحبس والسكون والمنع، ومن الناحية الشرعية هناك اختلاف بين الفقهاء في تعريف الوقف، مؤكدا أن تعريف المصطلح عموما يعني "حبس العين في حكم ملك الله تعالى وصرف منفعتها إلى من أحب الواقف".
وقال في حديثه لبرنامج "الشريعة والحياة في رمضان" على شاشة الجزيرة القطرية، إن هناك فرقا كبيرا جدا بين الزكاة والوقف، فالزكاة هي فرض وركن من أركان الإسلام الخمسة، ولها شروطها المعروفة، في حين أن الوقف ليس واجبا على الناس، ويجزى عليه الشخص إذا قام به، لكنه لا يعاقب إذا لم يقم به. وقد يكون الوقف أحيانا مكروها وحراما إذا كان في سبيل المعاصي.
وأشار إلى أن للوقف شروطا وضوابط أفاض الفقهاء والعلماء في تناولها من خلال كتب ملأت المكتبة الإسلامية.
وترجع فكرة الوقف إلى ما قبل الإسلام، والدليل أن الإمام أبا حنيفة قال بعدم جواز بيع أراضي مكة لأن سيدنا إبراهيم أوقفها. واكتسب الوقف معناه الحقيقي في الإسلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من قام بالوقف، حيث يعد مسجد قباء الذي أسسه في المدينة المنورة أول مسجد تم وقفه في الإسلام، كما يعد المسجد النبوي وقفا.
ووفق الدكتور مصطفى بولند داداش، فقد كان الصحابة يتسابقون إلى فعل الخيرات لما سمعوه من الرسول الكريم، ومنهم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أصاب أرضا في خيبر وذهب للرسول الكريم ليخبره أنه يريد أن يتصدق بهذه الأرض طالما أن الله عز وجل يأمر المسلمين بالتصدق وفعل الخيرات، لكن الرسول أرشده إلى أن يجعلها وقفا.
تراجع دور الوقف
وأشار إلى أن للوقف دورا كبيرا جدا في تطوير المجتمع ونشر العلوم الشريعة وغيرها، وقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على نشر العلم وأسست مدارس لهذا الغرض، واستمر الأسلاف في أداء نفس المهمة، وأشار ضيف حلقة برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" إلى دور الدولة العثمانية والسلاطين وزوجاتهم في إقامة أوقاف من أجل مساعدة الفقراء مثل المدارس والمصانع.
وكانت أوقاف الناس قديما يتولاها المتولي الذي يختاره صاحب الوقف، غير أنه في العصور التي تلت -كما يؤكد العالم والفقيه التركي- أوكلت المهمة لمؤسسة الوقف التي تديرها المؤسسات الرسمية، وكان الغرض هو حفظ الوقف.
وعن تراجع دور الوقف في حياة المسلمين في العصور الأخيرة، تأسف نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية في تركيا لهذا الواقع، وقال إن الأوقاف التي كانت في السابق في الدول الإسلامية نهبت واغتصبت ولم يعد منها إلا القليل، ودعا إلى ضرورة استرداد هذه الأوقاف عن طريق إجراء بحوث ودراسات ميدانية عن الأوقاف السابقة. وناشد الباحثين والمختصين ودكاترة الجامعات الاهتمامَ بهذه المسألة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!