ترك برس

قال وزير الداخلية الماليزي حمزة زين الدين، إن بلاده لديها الكثير لتتعلمه من طريقة تركيا في إدارتها لحدودها، والأنظمة التي طورتها أنقرة على مر السنين لضمان أمنها الداخلي.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، تحدث الوزير الماليزي عن زيارته لتركيا، التي استغرقت أسبوعا كاملا، زار خلالها المناطق الحدودية لتركيا مع سوريا والعراق واليونان.

وأضاف زين الدين، أن ماليزيا "تود التعلم من تجربة تركيا بشأن وسائل السيطرة على تدفق اللاجئين، وتبادل الخبرات في مجالات السياحة والحفاظ على المواقع التاريخية، إلى جانب تعزيز التبادلات الثقافية الشعبية بين البلدين".

** التجربة الحدودية

وأردف زين الدين، أنه "في بداية زيارته الرسمية إلى أنقرة، أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأطلعه خلالها على مشاكلهم المتعلقة بإدارة الحدود".

وتنقل الوزير، جوا، خلال زيارته إلى المناطق الحدودية التركية مع سوريا والعراق، كما أبحر لمشاهدة كيفية إدارة تركيا لحدودها البحرية مع اليونان.

وقال زين الدين، إن المسؤولين الأتراك هناك "أطلعوه على كيفية تخطيطهم وإدارتهم للحدود، ليس فقط عن طريق المراقبة الفعلية؛ بل من خلال استخدام التقنيات التكنولوجية أيضا".

وأضاف: "لقد بنوا جدراناً إسمنتية، وبنوا طرقاً، ووفروا الإنارة على طول الحدود، وغيرها من الخدمات"، مؤكدا على "أهمية وجود إدارة مناسبة لمراقبة الحدود".

** الحدود مع اليونان

وحول زيارته للمناطق الحدودية التركية مع اليونان وبلغاريا قال الوزير، إن المسؤولين الأتراك اصطحبوه على متن قارب "ليذهب بالفعل إلى الحدود بين اليونان وتركيا".

وقال: "هذا هو المكان الذي رأيت فيه كيف أن تركيا تعاملت بجدية كبيرة بشأن السيطرة على الحدود".

وفي ضوء الوضع الجيوسياسي لهذه المنطقة، قال وزير الداخلية الماليزي إن هناك "العديد من الأطراف أو الدول المهتمة التي ترغب في أن يكون لها قاعدة في هذه المنطقة".

وأضاف: "بسبب ذلك توصلت تركيا إلى سياسة لتعزيز الوضع الأمني ​​والدفاعي في تلك المنطقة".

وأوضح زين الدين، أن "تعزيز الوضع الأمني يتطلب امتلاك التقنيات والمقومات المناسبة، مؤكدا أن تركيا طورت هذا النوع من التقنيات والصناعات للتأكد من امتلاكها آلية دفاع مستدامة في المستقبل".

وهنأ الوزير تركيا على اتباع "سياسة بعيدة النظر" فيما يتعلق بالدفاع عن البلاد والحفاظ على سيادتها وأمنها.

وقال زين الدين، إنه ناقش مع نظيره التركي سليمان صويلو، العديد من الأمور، مؤكدا أن هناك الكثير من الأشياء التي يجب أن تتعلمها ماليزيا من تركيا.

وفي هذا الإطار زار زين الدين في مدينة إسطنبول مركز الاتصال الذي تديره الحكومة، والذي يضم 7 إدارات من بينها الصحة والغابات وإدارة الحرائق، والتي "تستخدم رقما واحدا فقط، هو 112"، مبديا إعجابه الشديد بكل ما شاهده.

** العلاقات الثنائية

وفي معرض إشادته بالعلاقة الوثيقة بين تركيا وماليزيا قال زين الدين إنهما "دولتان مسلمتان تعملان معا في العديد من القطاعات"، مشيرا إلى أن ، العلاقات الدبلوماسية الرسمية التي أقيمت بين البلدين في عام 1964 وصلت إلى "مستوى آخر" من التفاهم بين البلدين.

ولفت إلى التاريخ المشترك مع مالاقا (شبه جزيرة في ماليزيا) الذي يمتد إلى 500 عام".

وقال زين الدين، إن مالاقا كانت دولة تجارية منذ القدم، وكانت تركيا (الدولة العثمانية) قوة عظمى".

وأضاف: "في الوضع الحالي الذي يتميز باقتصاد عالمي متغير، تلعب فيه القوى العظمى حسب أجندتها الخاصة، نشعر في ماليزيا أننا بحاجة أيضا إلى العمل عن كثب -ليس فقط مع البلدان الأخرى- ولكن أيضا مع تركيا، حيث يعمل البلدان الشقيقان منذ 500 عام".

وأردف أن تركيا وماليزيا لديهما "تفاهم طبيعي"، مضيفا أنه "سيعمل للتوصل إلى اتفاق شامل بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالأمن وكيفية إدارة الحدود في بلاده".

وأشار زين الدين، إلى أن البلدين من المتوقع أن "يوقعا على مثل هذا الاتفاق في الأشهر القليلة المقبلة".

** مذكرات تفاهم

وأشار الوزير الماليزي بأن وباء كورونا أدى إلى "إبطاء تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بين تركيا وماليزيا في قطاع الدفاع".

في عام 2019، وقعت تركيا وماليزيا حوالي 14 مذكرة تفاهم موقعة بين شركات تركية وماليزية خاصة في مجالات الدفاع.

وقال زين الدين، إن جائحة كورونا "تسببت بالتأكيد في الكثير من المشاكل"، مؤكدا أن "سبب مجيئه إلى تركيا هو "تفعيل تلك الاتفاقيات مرة أخرى".

وأضاف: "بالنظر إلى الجوانب الجيدة والإيجابية، فإننا نخطط لما يجب القيام به فورا بعد حل مشكلة الوباء، ويمكننا الآن البدء في التحرك".

كما زار الوزير الماليزي شركة تركيا لصناعات الطيران.

وتحدث زين الدين، عن التقدم الذي أحرزته تركيا في قطاع الدفاع خلال العقدين الماضيين قائلاً: "أنا معجب حقا بما فعلوه في العشرين عاما الماضية".

وأشار إلى أنه في عام 1996، "تم إرسال مجموعة من المهنيين من تركيا إلى ماليزيا لتعلم كيفية صنع المواد المركبة المستخدمة في صناعة الطيران".

وأضاف: "كان ذلك في عام 1996، أعتقد أنهم استلهموا ما كان لدينا في ذلك الوقت. وبعد 20 عاما، تمكنت من رؤية أنهم تحركوا أسرع بكثير مما كان لدينا من قبل".

واقترح زين الدين، أن "تستفيد تركيا من انضمام ماليزيا إلى أكبر تحالف تجاري في العالم المعروف باسم الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP)".

وقال: "مع العديد من الاتفاقيات الأخرى التي لدينا، يجب أن تنتهز تركيا هذه الفرصة للعمل معنا بشكل وثيق، فهناك سوق كبير جدا".

وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاقليمية الشاملة اتفاقية تجارة حرة إقليمية بين 14 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

** آيا صوفيا

وفي زيارته لمسجد آيا صوفيا الذي افتتح للصلاة في عام 2020، قال الوزير الماليزي إن الجميع كانوا "سعداء للغاية"، حين فتحت تركيا هذا المسجد لأداء الصلاة.

وتابع: "أدرك أن الشعب التركي ليس فقط من يأتي ويصلّي هنا فهناك الكثير من الناس يأتون من أجزاء أخرى من العالم، ليصلوا في المسجد".

وأكد زين الدين أن القيم التاريخية "مهمة جدا للبشر، فالتاريخ هو الحضارة".

وفي 24 يوليو/ تموز 2020، أقيمت صلاة الجمعة في جامع "آيا صوفيا الكبير" لأول مرة بعد 86 عاما من تحويله إلى متحف، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونائبه فؤاد أوقطاي، ورئيس البرلمان مصطفى شنطوب، ووزراء ومسؤولين آخرين ورؤساء أحزاب.

ويقع "آيا صوفيا" في منطقة السلطان أحمد بمدينة إسطنبول، واستخدم مسجدا 481 عاما، وتم تحويله إلى متحف عام 1934، ويعد من أهم المعالم المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.

** الروهينغا وصراع الهوية

وفيما يتعلق بحل مشكلة تدفق لاجئي "الروهينغا" قال الوزير الماليزي، إن بلاده "ليست من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين".

وأضاف: "لأسباب إنسانية نسمح لهم بالتواجد في ماليزيا".

وأكد زين الدين، أنه "لا يمكن لأحد دخول ماليزيا دون اتباع القوانين".

وأوضح: "المشكلة الحقيقية التي نواجهها لا تتعلق بالذين يخالفون كل تلك القوانين، المشكلة الحقيقية التي نواجهها هي في الأشخاص غير المسجلين".

ووفقا للأمم المتحدة، يعد مجتمع "الروهينغا" أكثر المجتمعات تعرضا للاضطهاد، حيث أجبروا على الفرار من وطنهم، ميانمار، ويعيش الآلاف منهم في ماليزيا.

وقال الوزير الماليزي: "نود التأكد من أن هؤلاء الأشخاص الذين يقيمون في بلادنا لديهم هويتهم الخاصة، حتى نفهم مكان وجودهم، وأين يقيمون، وأين يعملون، وما إلى ذلك".

وأكد أن "كل أفراد الروهينغا المتواجدين في ماليزيا ليسوا مسجلين".

وقال: "عندما تمكنت قوات خفر السواحل من القبض على بعض القوارب (التي تقل أشخاص من الروهينغا)، اكتشفنا أنهم حاصلين على بطاقة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

وتساءل زين الدين قائلا: "هل هذا عادل؟! أن يعطى أحدهم البطاقة قبل أن يصل إلى بلدنا. هذا ليس عدلاً. في الوقت الحالي أصدرت المفوضية حوالي 200 ألف بطاقة، لكن هذه هي البداية فقط".

وأضاف: "هذه هي أكبر مشكلة أواجهها مع المفوضية".

وقال زين الدين، إن وكالة التسجيل الوطنية الماليزية هي "الوحيدة" المخولة بإصدار بطاقات الهوية.

وأوضح أن القضية المتعلقة بالروهينغا هي "أكثر من تحديد هويتهم".

وأشار زين الدين، إلى أنه "خلال الثمانينات من القرن الماضي، عندما اندلعت حرب فيتنام، فر الكثير من أبناء البلد إلى ماليزيا".

وقال: "في ذلك الوقت، سمحنا للمفوضية بأن يكون لها مكتب مؤقت، لكنهم بقوا لسنوات عديدة".

ولفت زين الدين، إلى أن ماليزيا "تود أن ترى كيف تمكنت تركيا من إدارة هذا النوع من المشاكل، ولهذا السبب أجريت مناقشة مع أخي العزيز سليمان صويلو (وزير الداخلية التركي)".

وأضاف: "إذا كانوا يستخرجون بطاقة هويتهم الخاصة، فسيستخرجون جواز سفر خاص بهم".

ونوه زين الدين، إلى أن ماليزيا كانت أول دولة في العالم "تصدر جوازات سفر إلكترونية" في عام 1998.

ولحل قضية الروهينغا دعا الوزير الماليزي إلى "تحديد اللاجئين الحقيقيين، ثم المضي قدما في الطريقة الدولية للتعاون بين ميانمار وماليزيا، لقبول عودتهم".

وقال: "يمكننا التحدث معهم (ميانمار)، وربما نطلب من الأمم المتحدة قبول عودة الروهينغا إلى بلادهم".

وحول ما إذا كانت منظمة "آسيان" (رابطة دول جنوب شرق آسيا) التي تضم ميانمار، قد فشلت في المساعدة في حل قضية الروهينغا، قال الوزير الماليزي إنه "لا يمكننا إصدار أي حكم في الوقت الحالي".

وتساءل: "إذا قلنا إن الآسيان فشلت في هذه القضية، فينبغي أن نقول أيضا أن الأمم المتحدة فشلت في العديد من القضايا الأخرى".

وأضاف زين الدين: "الفشل هو عندما تعرف الوقت المحدد الذي يُمنح لأي دولة أخرى لحل هذه الأنواع من القضايا".

وقال: "يجب السماح للآسيان بالتحدث إلى ميانمار وإخبارها أن قضية اللاجئين ليس مشكلة داخلية فقط، لكنها مشكلة اجتماعية للدول المجاورة أيضا مثل ماليزيا".

كما حث آسيان على "تعيين مبعوث خاص للذهاب إلى ميانمار والتحدث مع مسؤوليها".

وأكد زين الدين، أن الأمر "أصبح مشكلة أمنية، ليس فقط لماليزيا، ولكن لكل دول آسيان أيضا".

** الدول الإسلامية

وفي إشارة إلى الدول ذات الأغلبية المسلمة قال زين الدين: "يجب أن ننظر في جميع الدول الإسلامية ونوع المشاكل التي يواجهونها. فهناك أزمة في القيادة والاستقرار السياسي والقطاعات الاقتصادية".

وأضاف: "يمكن لعدد قليل من بلداننا، أن نتولى زمام المبادرة، ونعيدها (الدول الاسلامية) إلى مستوى معين، حيث يجب أن يكون الجميع أكثر سعادة في هذا العالم، خاصةً عندما يصبح العالم أكبر من حيث القيم والثقافة والمواقف التي من شأنها أن تجعل العالم أفضل".

وحول تطور البيئة السياسية في ماليزيا قال زين الدين: "أنا إيجابي ومتفائل للغاية بأن ماليزيا يمكن أن تصل إلى مستوى آخر، خاصة عندما يجلس كل منهم (القادة السياسيون)، وينسون مشاكل الماضي، ويعطون الأولوية للشعب".

وأضاف: "الأهمية القصوى بالنسبة لأي بلد هي عدم وجود أزمة في القيادة، ولتحقيق ذلك، يجب على جميع القادة الجلوس والقول إنه يجب الآن على أحدنا أن يتولى القيادة".

وتابع زين الدين: "يمكننا أن نصل إلى مستوى آخر، إذا جلس الجميع واتحدوا، والتضامن مع ماليزيا لنتجاوز ما لدينا اليوم".

وفي إشارة إلى التغيرات الجيوسياسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قال الوزير الماليزي: "سياستنا فيما يتعلق بالجغرافيا السياسية هي العمل مع الجميع".

وأضاف: "الشيء الأكثر أهمية هو فهم طريقة العمل معا من أجل الجميع، ينبغي أن ينظر إلى العالم ككتلة واحدة".​​​​​​​

وأوضح أن ماليزيا تود أن تلعب دورا في مشاركة كل ما لديها "لنتعلم من بعضنا البعض"، مؤكدا أن ما نحتاجه هو أن يكون لدينا "عالم آمن يعيش فيه الجميع معا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!