ترك برس
ذكرت صحيفة العربي الجديد أن وجهات نظر تركيا ومصر والولايات المتحدة الأمريكية أصبحت متقاربة في الفترة الأخيرة حيال القوات الموجودة في ليبيا، لاسيما المرتزقة.
وبحسب الصحيفة، تتحدث مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، وأخرى مصرية مطلعة على الملف الليبي، عن "تنسيق مصري تركي أميركي في ليبيا جرى أخيراً بشأن الحد من قوة مرتزقة فاغنر الروسية، التي تتمركز في بعض القواعد العسكرية شرقي ليبيا، بتنسيق مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر".
ونقلت عن دبلوماسي غربي، قوله إن "تقارباً كبيراً في الرؤى، خلال الفترة الراهنة، ظهر بين الأطراف الثلاثة (واشنطن والقاهرة وأنقرة) بشأن القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودين في ليبيا".
وتحدث المصدر عن لقاء جرى الأسبوع الماضي بمشاركة مسؤولين استخباريين من الدول الثلاث، تم خلاله بحث مجموعة من التصورات الخاصة بضمان استقرار الأوضاع في ليبيا، وعدم تدهورها، كنقطة انطلاق نحو إجراء الانتخابات، وضمان عدم توقف الحقول النفطية في الفترة الراهنة. وأوضح أنه "جرى خلال اللقاء، التباحث بشأن قوات فاغنر الموجودة في شرقي ليبيا، والداعمة لحفتر، والقوات التركية، ومجموعة الدعم السورية العاملة تحت إدارتها".
فرصة مواتية لتحجيم "فاغنر"
وأشار الدبلوماسي إلى أن أنقرة "أبدت مرونة بشأن حجم المقاتلين الموجودين في غربي ليبيا، وخفض أعدادهم، في مقابل الحد من قوة وسيطرة مجموعات فاغنر في شرقي البلاد". وتابع أن "هناك توافقاً بشأن استغلال التطورات الجديدة في العلاقة بين زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية التمرد الأخير للمجموعات التابعين للشركة"، مؤكداً أن "هناك توافقاً بين الأطراف الثلاثة، وغيرها من الأطراف الأوروبية المؤثرة في المشهد الليبي، واتفاقاً على أن الفرصة مواتية لإنهاء وجود فاغنر في ليبيا".
وحول الضربة الجوية المجهولة على قاعدة الخروبة، جنوب شرقي بنغازي، الموجود فيها عدد من قوات فاغنر، ليل الخميس الماضي، قال الدبلوماسي الغربي إنه "لا يستبعد أن تكون تلك الضربة ضمن الترتيبات الجارية بشأن مستقبل ليبيا"، مضيفاً أن "اختيار التوقيت، ربما جاء لإدراك من نفذ تلك الضربات، بأن موسكو ستغض الطرف بسبب التوتر البالغ مع زعيم فاغنر".
من جهته، أكد مصدر مصري مطلع على الملف الليبي، وجود "توافق بين القاهرة وواشنطن وأنقرة بشأن المرحلة المقبلة في ليبيا". وقال إن "الأطراف الثلاثة، باتت متوافقة على القواعد الرئيسية المرتبطة بالمشهد الليبي، وفي المقدمة منها: دعم حكومة غرب ليبيا، باعتبارها الأقدر على الترتيب لمرحلة الانتخابات".
دلالات استهداف قاعدة الخروبة
وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبد الشافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "استهداف قاعدة الخروبة التي تسيطر عليها قوات فاغنر، يمكن أن يكون مؤشراً للتقارب بين مصر وتركيا والولايات المتحدة".
وأضاف عبد الشافي: "من الوارد بدرجة كبيرة إمكانية حدوث تنسيق، بضغوط وتوجيهات أميركية بامتياز، في ظل حرص الطرفين المصري والتركي على تهدئة الأوضاع في ليبيا لأهداف اقتصادية".
وتابع: "النظام في مصر يريد أن تكون له حصة كبيرة من عمليات إعادة الإعمار، وكذلك تركيا، خصوصاً أن ليبيا من الدول الغنية وعملية إعادة الإعمار تحتاج لمئات المليارات من الدولارات". ولفت إلى أن "تركيا خلال الفترة الماضية كان لها حضور اقتصادي واضح في بنغازي بشرقي ليبيا، وهذا الحضور لم يكن ليتم من دون تنسيق أو على الأقل توافق وقبول من الطرف المصري".
من جهته، قال مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية شريف عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "الترتيبات الأخيرة التي تحدث بين مصر وتركيا والولايات المتحدة، تخص ترتيب الوضع العام في ليبيا وإخراج قوات فاغنر من المنطقة".
وأضاف أن "نقطة الخلاف الكبيرة التي كانت بين مصر وتركيا، هي استمرار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأعتقد أنهم وصلوا إلى نوع من التفاهم بخصوص هذه الجزئية، وهو تفاهم للمجتمع الدولي ككل، للوصول إلى نوع من استمرار حكومة الوحدة الوطنية حتى الوصول للانتخابات".
وبرأي عبد الله، فإن الولايات المتحدة "بحاجة لوجود حكومة واحدة تفرض سيطرتها على جميع الأراضي الليبية، بحيث تستطيع مساندتها في محاربة فاغنر وإخراجها من ليبيا أو التضييق عليها بقدر الإمكان"، مشيراً إلى أن "معظم اللاعبين الدوليين يستبعدون فكرة تشكيل حكومة ثالثة لإدارة مرحلة انتقالية، إلى جانب أن الدبيبة نجح في تسويق نفسه للمجتمع الدولي على أنه اللاعب المهم ووجوده في صالح الجميع، ولذا فالتفاهمات الأخيرة من أجل استمرار حكومة الوحدة الوطنية، والسعي إلى إيجاد حكومة واحدة، نظراً لعدم إمكانية حصول انتخابات في الوقت المنظور، بسبب الانقسام الحاصل".
واتفق مع ذلك الباحث المختص في الشأن الليبي محمد السنوسي، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن حكومة الدبيبة "نجحت إلى حد كبير في إقناع الفاعلين الدوليين والإقليميين بقدرتها على أن تكون شريكاً فاعلاً وموثوقاً، بالأخص أن حالة الرضى المحلية السائدة بين مختلف شرائح المجتمع الليبي شهدت تطوراً ملحوظاً، وذلك بعد استخدام المال في صنع حالة من الاستقرار في العاصمة طرابلس ومعظم مدن الغرب الليبي".
وتابع: "في المقابل زادت الهوة اتساعاً بين رئيس البرلمان عقيلة صالح وخليفة حفتر، الذي أقدم على محاولة إقالة صالح، عن طريق ابنه بلقاسم الذي طلب صراحةً من نائب الرئيس الهادي الصغير عقد جلسة لإقالة الرئيس، وقد رفض الأخير ذلك، ما دفعه للاستقالة ثمناً لذلك، ثم تدخّلت مصر ورفضت أي خطوة في اتجاه إقالة رئيس البرلمان، واعتبرت إقالته خطاً أحمر".
وأضاف السنوسي: "هذا إلى جانب تورط خليفة حفتر في دعم قوات الدعم السريع السودانية، وبعض أطياف المعارضة التشادية، وهذا يتعارض مع المصالح الاستراتيجية لمصر، ما دفع القاهرة إلى إعادة تقييم علاقتها بحفتر ومدى نجاح فكرة المراهنة عليه للوصول إلى السلطة في ليبيا".
وأشار إلى أنه "في ظل ذلك، قام الدبيبة بالتقارب الفعّال مع الحكومة المصرية، ووقّع العقود معها، وجعل مصر ترفض أي فكرة لإعادة إقفال الحقول والموانئ النفطية، لأن ذلك سيؤثر على التدفقات المالية للدولة الليبية، وبالتالي سينعكس على الوفاء بالتزامات حكومة الوحدة الوطنية تجاه الشركات المصرية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!