ترك برس
صادف أمس الأحد، مرور 6 أشهر على الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا فجر السادس من شباط/ فبراير 2023.
الزلزال خلّف وراءه أرقاماً مرعبة إذ ما لا يقل عن 50 ألف ضحية، و 214 ألف مبنى منهار أو آيل للسقوط، و11 مدينة مدمرة ، بالإضافة إلى ملايين الأشخاص الذين فقدوا منازلهم ونزحوا من أماكن إقامتهم.
السلطات سارعت منذ الوهلة الأولى لتضميد جراح المنكوبين، عبر عمليات مكثفة للبحث والإنقاذ في بداية الأمر، ثم تأمين مأوى للمنكوبين، وبعدها انتشال الأنقاض والبدء في إعادة الإعمار.
بدوره، تابع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المستجدات على أرض الواقع، حيث أوفد أغلب أعضاء حكومته من الوزراء إلى المنطقة، فيما زار هو الآخر المناطق المنكوبة 21 مرة منذ وقوع الكارثة، بعض هذه الزيارات كانت لتسليم شقق سكنية تم إنشاؤها حديثاً لمن فقدوا منازلهم جراء الزلزال.
وصنّف زلزال قهرمان مرعش كأحد أقوى الزلازل في تاريخ المنطقة، وأكثرها إماتة. وهو ما أكده الرئيس أردوغان، بقوله أن بلاده لم تعرف مثل هذا الدمار منذ زلزال 1939. فيما يرجع خبراء الدمار الحاصل إلى القوة التدميرية الكبيرة للزلزال، وقرب بؤرته من سطح الأرض.
ماذا حدث تحت أرض قهرمان مرعش؟
تنقسم القشرة الأرضية إلى 20 صفيحة تكتونية، منها سبع كبرى، تطفو فوق صهارة صخرية. فيما يجمع علماء الجيولوجيا، على أن 15 من أصل 20 من هذه الصفائح متحركة، وفي احتكاك بعضها ببعض تنشأ الزلازل والبراكين.
أحد نقاط هذه الاحتكاكات، هو صدع شرق الأناضول بالأراضي التركية، والذي يمثل التقاء الصفيحة العربية بالصفيحة الأوراسية. وتتحرك الصفيحة العربية نحو الشمال الغربي، بينما الأوراسية نحو الشرق، ما أدى إلى انزلاق واحدة تحت الأخرى، ومع تراكم التوتر جرّاء هذا الاحتكاك حدث زلزال قهرمان مرعش المدمر بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر.
وهو ما يوضحه أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية، الدكتور نجيب أبو كركي، في حديثه إلى TRT عربي، قائلاً: "الحدود بين سوريا وتركيا هي أيضاً حدود صفائح تتصادم فيما بينها، وبالتالي تبني الضغوط بشكل سريع، وهو ما يفسر حدوث الزلازل هناك بشكل متكرر وعلى فترات متقاربة نسبياً، مقارنة بمناطق أخرى من العالم".
ويضيف الدكتور نجيب أبو كركي، بأنه "دائماً في مثل مناطق التقاء من هذا النوع من الصفائح التصادمية، تحدث زلازل عنيفة (...) هذه هي الحال على تلك الحدود (التركية-السورية) وهي حدود تصدم الصفيحة الأوروبية الأسيوية، ومنها تركيا وإيران والقوقاز، والصفيحة العربية التي تشمل معظم شبه الجزيرة العربية".
وكانت البؤرة الأولى لزلزال تركيا وسوريا على عمق قريب نسبياً من سطح الأرض، وهو ما يفسر أيضاً القوة التدميرية التي اتسم بها. ووفق ديفيد روثيري، عالم جيولوجيا الكواكب البريطاني، فإن: "الهزات الأرضية الأقرب من سطح الأرض دائماً تكون أشد من تلك التي تحدث في نقط أعمق".
ماذا بعد الهزات الارتدادية؟
عادة تتلو الزلازل التي بشدة ما وقع في تركيا وسوريا، هزات ارتدادية متفاوتة الشدة، تستمر لوقت بعد الهزة الأولى القوية. وبعد 11 دقيقة من الهزة الأولى في قهرمان مرعش، تعرضت المناطق المحيطة لهزة ارتدادية بلغت قوتها 6.7 درجة على مقياس ريختر.
ووقعت بعد ذلك بساعات هزة ارتدادية بقوة 7.5 درجة على مقياس ريختر، تلتها هزة أخرى بقوة 6 درجات في اليوم التالي في فترة ما بعد الظهر.
ويتوقع العلماء أن تستمر هذه الهزات الارتدادية لفترة من الوقت إذ ينتشر النشاط الزلزالي الآن إلى الصدوع المجاورة. وفي هذا السياق شهدت الأراضي الفلسطينية الثلاثاء هزة بلغت قوتها 4.8 درجات على مقياس ريختر، وعمق بؤرتها 10 كيلومترات.
وبهذا الخصوص، يوضح أستاذ علم الزلازل الأردني نجيب أبو كركي، أن "هذه الهزات ستستمر لوقت، وعندما تنتهي، سيبدأ بناء إجهادات جديدة وضغوط جديدة (بين الصفائح) وزلزال قادم، إنما بعد فترة الله أعلم بها، لكن بالتأكيد ستقاس بالسنوات وربما بالعقود".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!