ترك برس - سيتا
في 28 يوليو 2023، خلال لقاء مع الزعماء الأفارقة في سانت بطرسبرغ في روسيا، أعرب البطريرك الروسي كيريل عن رغبته في توسيع الكنائس الأرثوذكسية الروسية في أفريقيا. يتناول باتوهان أجا في بوليتيكس توداي التوسع السياسي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إفريقيا على مدى العامين الماضيين.
ويشير المقال أنه قد فتحت أكثر من 200 أبرشية في 25 دولة أفريقية بالرغم من أن الولاية الأرثوذكسية التقليدية في إفريقيا تنتمي إلى بطريركية الإسكندرية، بمصر. ويدعي البطريرك كيريل أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ملزمة بفتح كنائس جديدة للمؤمنين في إفريقيا حيث يؤكد أن بطريركية الإسكندرية فقدت شرعيتها من خلال المناورات السياسية.
ووفقا للمقال تأتي تأكيدات كيريل مدفوعة بقرار الإسكندرية الاعتراف باستقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. كما أصدر البطريرك ثيودور الثاني من الإسكندرية بيانًا ضد البطريرك كيريل. وأشار إلى أن كيريل كان يقسم المؤمنين من خلال تصريحات سياسية قاسية وأنه لا يحق له “تضليل أتباع المسيح بشأن القضايا السياسية”.
ويشير المقال أن الصدام بين كيريل وثيودور الثاني متجذر بعمق في أحداث الماضي القريب حيث انفصلت بطريركية كييف عن موسكو في عام 2019 لأسباب سياسية، وهي خطوة لاقت غضبًا في موسكو. وفي نفس العام، اعترف البطريرك ثيودور الثاني بطريركية كييف وكان لاعباً رئيسياً في دعم الاستقلال الروحي لأوكرانيا، وهكذا لفت انتباه البطريرك كيريل.
ووفقا للمقال فإن نطاق سلطة ثيودور الثاني له أهمية خاصة بالنسبة إلى كيريل حيث يحمل الأول لقب “بابا وبطريرك مدينة الإسكندرية وليبيا وبنتابوليس وإثيوبيا وكل مصر وأفريقيا”.
ومع وجود أكثر من مليون من المؤمنين الأرثوذكس الشرقيين في القارة الأفريقية، تمتد سلطة ثيودور الروحية من النيجر إلى جنوب إفريقيا، في حين أن سلطته القضائية تجتذب الصراع وتكون عرضة للتلاعب السياسي.
في غضون ذلك، يعتقد البطريرك كيريل أن زيادة نفوذه ممكن فقط من خلال التدخل في اختصاص ثيودور الثاني. وهو يدين علانية بطريركية الإسكندرية باعتبارها فاسدة ومنحطة، ويدعي أن بطريركية الإسكندرية تحرم الأفارقة من الإرشاد الروحي. وبذلك، يضفي الشرعية على الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وتزويدهم بالإرشاد الروحي.
ويرى الكاتب أنه من دون حصر التوجيه بشروط دينية، يسعى البطريرك كيريل إلى توجيه العلاقات الروسية الأفريقية من خلال الكنيسة أيضًا. وهو يطلب من الكهنة والمؤمنين الأفارقة تغيير ولاءاتهم من الإسكندرية إلى موسكو ويعدهم بالرعاية الاجتماعية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات.
ويفسر المقال هذا النهج بالسعي إلى استغلال احتياجات ورفاهية الشعب الأفريقي حيث تعد الكنيسة الروسية بالمساعدة في ظل ظروف سياسية قاسية، مثل قطع العلاقات مع الدول والمؤسسات الغربية.
إن اتباع القيادة الروحية لموسكو يعني أيضاً قبول الأجندة السياسية للكرملين حيث يدعي كيريل أن بطريركية الإسكندرية ستقود جماعة المؤمنين إلى مجال النفوذ الغربي.
((1))
طموح موسكو
ويوضح المقال أنه على العكس من ذلك، فإن أجندة كيريل الخاصة تعزز طموحات موسكو في أفريقيا وتؤكد أنه من خلال السعي إلى إقامة علاقات وثيقة مع بطريركية موسكو، يمكن للدول الأفريقية حماية نفسها من الضغوط الخارجية. كما يخصص البطريرك ثيودور الثاني أموالاً من كنيسته لأفريقيا، للمساعدة في إنشاء المدارس والكنائس. تعمل مثل هذه الإجراءات على تلبية الاحتياجات الروحية للمجتمع الأرثوذكسي الأفريقي ولا ترتبط بالخطاب السياسي.
وفيما يتجنب ثيودور الثاني أي جهود لتسييس العقيدة الأرثوذكسية فإنه في أحد تصريحاته الأخيرة، حذر العالم الأرثوذكسي من خطر طموحات موسكو السياسية في إفريقيا.
((2))
المساعدات الروسية من خلال التأثير الديني
يرى المقال أنه يمكن لجمهورية أفريقيا الوسطى أن تكون مثالاً على نهج بطريركية موسكو تجاه أفريقيا. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، قام أحد كبار رجال الدين بتحويل ولاءه من الإسكندرية إلى موسكو، وكافأه الكرملين ذلك بسخاء بمدارس وبنية تحتية جديدة. وبسبب عدم رضاها عن الغرب وسعادتها بتلقي المساعدات الروسية، أنشأت جمهورية أفريقيا الوسطى تعاونًا أمنيًا مع الشركات العسكرية الروسية الخاصة، أي قوات المرتزقة.
((3))
مخاوف البطريرك ثيودور الثاني سياسية
يخشى ثيودور الثاني أن ينتشر النفوذ الروسي من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى بلدان أخرى بها مؤمنون أرثوذكس حيث انتهى الأمر بجمهورية أفريقيا الوسطى مع تدخل روسيا في بيروقراطيتها وإعلامها واقتصادها وسياستها.
وتعمل الأرثوذكسية كأداة لروسيا لتحقيق نفوذها في أفريقيا، مما يؤكد حقيقة أن الدين لا يزال من الممكن أن يخدم كأداة للقوة الناعمة. ومع ذلك، لا يزال يتعين على روسيا أن تهزم كنيسة الإسكندرية إذا كانت تريد توسيع نطاق نفوذها في أفريقيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!