ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمحللين الأتراك حيال استبعاد بلادهم من الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة في الهند والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط.
وأثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن الممر الاقتصادي الجديد، انزعاجا تركيا، فيما شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أنه لن يكون هناك ممر بدون بلاده، ما يثير التساؤلات حول تأثير الممر الجديد على تركيا.
وبحسب تقرير لصحيفة عربي21 الإلكترونية، فإن طرح "ممر بايدن" يأتي في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى أن تكون مركزا حيويا للنقل، عبر مشروع "طريق التنمية" عبر العراق، وتفعيل "الممر الأوسط" الذي يمتد عبر آسيا الوسطى وجنوب القوقاز وتركيا ليربط بين آسيا وأوروبا عبر البر.
وأشارت الصحيفة إلى أن "ممر بايدن" يذكرنا بمشروع خط أنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي من شرق المتوسط إلى أوروبا، والمعروف بتكلفته التي تفوق 5- 6 مرات تكلفة الخط القبرصي التركي، وكان هدفه الوحيد تهميش تركيا، وقد توقف بعد انسحاب الولايات المتحدة من دعمه.
ونقلت عن الخبير التركي مراد يتكين، قوله إن أردوغان منزعج من "ممر بايدن"، لأنه سيسهم في تغيير قواعد اللعبة، في الوقت الذي يطرح فيه الرئيس التركي ممر النقل الإماراتي القطري العراقي إلى أوروبا عبر تركيا، والذي لا يعتبر بديلا لمشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
ويرى يتكين في مقال له أن تركيا تم إبعادها من المشروع الممتد من الهند إلى أوروبا، أسوة باستبعادها من مشروع المقاتلة "أف35"، بسبب شراء أنقرة للمنظومة الصاروخية "أس400" من روسيا.
وعند النظر إلى الخريطة، فإنه من الممكن ربط الطريق من ميناء حيفا إلى ميناء مرسين مع ميزة الحماية الإضافية التي توفرها قاعدة الناتو في إنجرليك، ومن ثم أوروبا بمسافة حدودية وتكاليف أقل بكثير.
الخبير الأمني التركي "مته سوهتا أوغلو"، قال لـ"عربي21"، إنه من الواضح أنه يتم عدم مشاورة أنقرة بشأن المشاريع الدولية، وفي هذا المشروع تم استبعادها بالفعل.
وأضاف، أن خريطة العالم مليئة بالطرق والقطارات وخطوط الأنابيب التي تتبع طرقا مكلفة وطويلة نسبيا، وليس الطرق المباشرة التي تكلفتها أقل، والسبب في ذلك التفضيلات الجيوسياسية والرغبة في تجاوز بعض البلدان.
وشدد على أن هذه المشاريع تسهم في تقسيم دول المنطقة سياسيا، وعلى إثرها سيتم إعادة إنشاء التحالفات، وتاريخيا فإن شبكة المصالح الاقتصادية لها دور بذلك.
واتفق سوهتا أوغلو مع الكاتب يتكين، بشأن ممر النقل الإماراتي القطري العراقي إلى أوروبا عبر تركيا، بأنه لا يمكن أين يكون بديلا لمشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وعلى الرغم من إعلان تركيا عن إنشاء مركز للغاز الطبيعي منذ نحو عام، إلا أن اليونان أعلنت منطقة "دادا أغاتش" لتكون مركزا للغاز الأمر الذي لقي قبولا غربيا، ناهيك عن التقارب بين تركيا وروسيا الذي يتم انتقاده، وهي أسباب تسهم في إبعاد أنقرة عن مشروع الممر الاقتصادي.
المحلل السياسي التركي أومر توغاي يوجال، رأى في حديث لـ"عربي21"، أن إدارة بايدن التي لديها مواقف عدائية مع تركيا من قبل، تقلل من احتمالية إدراج تركيا في هذا المشروع مستقبلا.
وأوضح أن المشروع الأمريكي الذي يريد استبدال الصين بالهند ويجلب الزخم الاقتصادي إلى أوروبا، لديه أجندة معادية لبكين ويستبعد أنقرة.
وأشار إلى أن صناع القرار في الولايات المتحدة، على الرغم من أن الطريق الأنسب هو عبر تركيا، يقودون مشروعا يصعب تحقيقه مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفته والمشاكل المحيطة به، مستبعدا أن يتم تنفيذه.
وأضاف أن إدراج "إسرائيل" واليونان وقبرص اليونانية بدلا من تركيا في المشروع، هدفه المساهمة في تطبيع تل أبيب مع دول المنطقة، ودعم الأطروحات اليونانية ضد تركيا، وتوجيه ضربة للاستثمارات الصينية في أثينا.
واستبعد الخبير التركي يوجال، تسبب مشروع الممر الاقتصادي لبايدن، أي ضرر لتركيا، مشيرا إلى أن تكلفته دون تركيا ستكون عالية، وسيقل تأثيره لأن بناءه سيحتاج وقتا طويلا.
وتابع بأنه بالتزامن مع الزمن الطويل لبناء ممر مشروع بايدن، فإن الكثير من الدول سترغب بزيادة ممرات النقل المتعددة الخاصة بها حتى تقلل اعتمادها على دولة أو قوة عظمى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!