علي أبو هميلة - الجزيرة مباشر

مخزن سلاح قديم أقرب إلى مغارة من مغارات القرنين السادس عشر والسابع عشر، في أطراف إسطنبول عاصمة دولة الخلافة، يتسلل إليه أربع شخصيات منهم 3 شخصيات يهودية، أبرز مفكري الصهيونية وصاحب إنشاء دولة صهيونية في الأراضي الإسلامية (فلسطين) ومنها إلى دولة اليهود الكبرى من النيل إلى الفرات ثيودور هرتزل، ومعه صديقه وتوأمه إيمانويل كاراسو، وماركو رجل العقل المدبّر لانهيار دولة الخلافة باروس أحد أهم وأكبر الشخصيات الصهيونية، أما الشخصية الرابعة فكان محمود باشا العثماني الذي يتحالف مع الصهاينة لهدم خلافة عبد الحميد شقيق زوجته والاستيلاء على السلطنة.

يدخل الرباعي حاملا كل منهم مشعل إضاءة، تتجمع المشاعل الأربعة لترسم “نجمة داود” شعار الدولة الصهيونية على علمها، وعلى أرضية المخزن القديم رُسمت خريطة توضح أماكن النفط في بقاع الأمة الإسلامية، فإذا أشعلت الأرض ظهرت الخريطة، ومن خلف مغارات وأنفاق المخزن يأتي صوت باروس ليحدد للصهاينة الثلاث والخائن العثماني محمود باشا أعمدة دولة الخلافة الأربعة وكيفية هدمها.

يقول باروس “دولة الخلافة تقوم على أربعة أساسات رئيسية، ولكي نحقق القوة في العالم ويتحول حلم الدولة الصهيونية التي يدعو إليها هرتزل حقيقة علينا هدم الأساسات الأربعة، وهي الحكومة التركية، فإذا كانت الخلافة العثمانية ممتدة في أرجاء العالم فهي دولة يحكمها الأتراك وتديرها الحكومة التركية. إيمانويل كاراسو عليه القضاء على أكثر الوزراء والباشوات الذين يثق بهم السلطان، والطواقم الذين يعتمد عليهم، وإنشاء شبكة بديلة لهم تعمل لصالح اليهود، وبعد عشر سنوات إن كان عبد الحميد حيا فلن يبقى رجل واحد خلفه”.

“العمود الثاني الذي يبقي الدولة صامدة هي الخلافة العثمانية، فهناك اعتقاد لدي العامة أن آل عثمان قد بشروا بالخلافة. محمود باشا وظيفته القضاء على هذه الخلافة بالقضاء على أبناء السلطان عبد الحميد، أخواته، ونسائه، وآل عثمان جميعا، وعليك أن تبدأ بالحلقة الأضعف الأمير عبد القادر محب الحرية والمعجب بالغرب الأوروبي ومدنيته، ثم يأتي الدور على باقي الأسرة العثمانية، وبعدها تصبح سلطنتك مهيمنة على الأمور”. ويضيف باروس العقل المدبر، الممول الرئيسي لهدم الدولة ” ليس مهما من يحكم المهم من يختاره”!

“الأساس الثالث للخلافة والدولة العثمانية هي العاصمة، فإذا سقطت العاصمة سقطت الدولة، فبعد فتح إسطنبول قيل إنه لا موت لهذه الدولة، الآن نستطيع هدم الدولة دون أخذ العاصمة. ماركو عليك القضاء أولا على حراس العاصمة، ثم افتعال فوضى في المدينة، أريد أن أرى الدماء في كل مكان في العاصمة”.

“الأساس الرابع للدولة الذي يبقها قوية هو السلطان عبد الحميد، فطالما بقي عبد الحميد لن يرى الصهاينة دولة لهم تكون عاصمتها القدس أبدا، علينا التخلص من السلطان والخليفة عبد الحميد. هرتزل إذا كنت تريد أخذ القدس فعليك القضاء على حارسها، الخلافة ليست بقوة تغيير الدولة التركية بل تغيير العالم، ودون القضاء عليها يصبح تأسيس الدولة الصهيونية مجرد حلم”.

هذه تفاصيل المشهد قبل الأخير في الحلقة الثانية من الموسم الثاني للعمل الدرامي التركي “عاصمة عبد الحميد”، وقد ظهر فيه ثلاث شخصيات صهيونية، أبرزهم ثيودور هرتزل صاحب نظرية المواجهة مع الخلافة وشراء أراضٍ في فلسطين، وقتل السلطان عبد الحميد، وظهرت محاولات القتل في الموسم الأول عن طريق تجنيد فتاة ودخولها القصر لتسميم الخليفة.

الشخصية الثانية إيمانويل كاراسو صاحب نظرية اختراق الدولة من خلال المدراس والمساجد والصحف، وإغراء الشباب بمظاهر الحضارة الغربية من حريات، الاختلاط، حرية المرأة، الخروج إلى الأماكن العامة، التخلص من القيم والأخلاق الإسلامية، وخلق أجيال جديدة تتخلص من إرث الخلافة وقيمها، وخلق النزعات الوطنية والقومية، والتخلي عن المسؤولية تجاه باقي دول الخلافة والأمة الإسلامية.

كأننا نرى الحال الآن وقد خُطط له بعناية شديدة منذ منتصف القرن الثامن عشر، ليس في تركيا وحدها بل امتد في التاريخ نفسه إلى أضلاع القوة في الخلافة الإسلامية، مصر التي سبقت الجميع منذ تولى الخديوي إسماعيل الخلافة، وانبهاره التام بالدول الأوروبية وحلمه بجعل مصر قطعة من أوروبا، ثم إيران التي وصل تجليها في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، والشام أيضا.

الشخصية اليهودية الثالثة التي كان صوتها محرك المشهد السابق باروس، وهو السيد الخفي الذي لا يراه إلا قلة قليلة حتى هرتزل وكاراسو لا يعرفان شكله، وهو صاحب صك منح الصهيونية لليهود، العقل المدبر للحركة وممولها الرئيسي، المسيطر على بنوك العالم وأموالها، وبالتالي شركاتها، ومصانع وتجارة الأسلحة.

يستطيع باروس تحريك جيوش وإيقافها، يسلح دولا وينزع عنها القوة، كل مصارف العالم تحت قيادته، حاول عن طريق أتباعه التخلص من عبد الحميد قتلا فلم يستطع، وهو الذي يحدد لكل شخص دوره في العالم، لا أدري ربما كان يمثل إدارة العالم أو اليهود المتحكمين في أموال العالم.

يخطط باروس للسيطرة على منابع النفط في أراضي دولة الخلافة الإسلامية، بعد ظهوره في بداية القرن العشرين، حتى أنه يظهر منتحلا شخصية رجل معادن ألماني صديق للسلطان عبر المراسلات ليكون شريك عبد الحميد في شركة التنقيب عن البترول.

الجميع لا يعرف وجهه، والسلطان كان صديقا للألماني فيرغورت بالمراسلة، وكما يسيطر باروس على الرجال بالمال والقوة، فإنه يسيطر على تاجر السلاح الألماني زوخاروف الذي يعيش في إسطنبول عن طريق المال.

نظرية زوخاروف أنه لا يستطيع أن يخسر اليهود المسيطرين على بنوك العالم من أجل تسليح الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد، وفي الخلفية تاجر السلاح الألماني يدين بالوفاء للصهاينة، وواحد منهم يُظهر ذلك في تعامله مع الشخصيات الصهيونية وعملائهم في العاصمة.

ظهور شخصيات يهودية أخرى في مسلسل السلطان عبد الحميد، كما شهدنا في الجزء الأول منه، مثل شخصية زار هيدايا المرأة الحسناء التي أحبها كاراسو في الجامعة، وأُغرم بها باروس، وكانت المرأة الوحيدة التي تقابله وجها لوجه.

كانت مهمة زار هيدايا تجنيد الشباب الأتراك بمساعدة هرتزل للتخلص من السلطان، فجندت صباح الدين بن محمود باشا، وأحد الصحفيين الشبان وأخته التي دخلت قصر الخلافة من أجل قتل السلطان، واستمالة الأمير عبد القادر عن طريق صباح الدين، وأيضا ظهر من المتعاونين معها هيرام القاتل بالأجر والمتخفي في زي كاهن مسيحي في العاصمة.

عن الكاتب

علي أبو هميلة

إعلامي مصري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس