ترك برس

استعرض تقرير للكاتب والإعلامي المصري علي أبو هميلة، تطور تمثيل اليهود في الدراما التركية خلال العقد الأخير، حيث برزت فكرة السيطرة اليهودية على العالم الصليبي كموضوع مركزي في عدد من الأعمال التاريخية البارزة.

ويرى الكاتب أن أعمالا مثل "خير الدين بربروس" و"عبد الحميد" و"فاتح القدس" قدمت صوراً تاريخية مشوقة للتأثير اليهودي على الأحداث السياسية والاجتماعية في المنطقة، مبرزة النفوذ الاقتصادي والسياسي للشخصيات اليهودية ودورهم في تحريك الأحداث وتوجيهها وفقاً لمصالحهم.

ويشير التقرير إلى أن الدراما التركية لعبت دوراً رئيسياً في تعزيز الصور النمطية حول اليهود في العالم الإسلامي، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والثقافية. من خلال استخدامها للتاريخ المحلي والديني، نجحت هذه الأعمال في استعراض مختلف أوجه النفوذ اليهودي والتأثير على الشؤون الإقليمية، مما يجعلها موضوعاً مثيراً للنقاش حول التأثير الثقافي والسياسي للدراما التركية الحديثة.

وفيما يلي نص التقرير الذي نشره موقع الجزيرة مباشر:

ظهرت فكرة السيطرة اليهودية على العالم الصليبي ومحاولة السيطرة على ضعاف النفوس من أبناء البلاد الإسلامية في عديد من الأعمال الدرامية التاريخية التي قدمتها الدراما التركية خلال السنوات العشر الماضية.

ظهر ذلك بوضوح جلي في أعمال خير الدين بربروس بجزئيه الأول والثاني، وإن جاء الجزء الثاني أكثر شمولا بتقديم أصل الفكرة. وقد سبقه إلى ذلك دراميًا مسلسل عبد الحميد الذي قدم في أجزائه الخمسة صراع الحركة الصهيونية من أجل تأسيس وطن لليهود في القدس. وشهد الموسم الدرامي الماضي مسلسل فاتح القدس في الجزء الأول تأكيدا على فكرة السيطرة على العالم الغربي والمسيحي من خلال نفوذ المال والثروة.

تفاوتت المساحة الزمنية للظهور اليهودي في الأعمال الدرامية التركية حسب الحقبة الزمنية التي يتناولها العمل، فكلما كان هناك صراع إسلامي/صليبي حول القدس، ظهرت الشخصيات اليهودية بمساحة أكبر خاصة مع الحملات الصليبية التي شنها الغرب على العالم الإسلامي وبلغت 12 حملة عبر التاريخ.

الأعمال الثلاثة السابقة كانت المساحة المتاحة في العمل الدرامي كبيرة، وأكبر مساحة زمنية كانت في عاصمة عبد الحميد، أما باقي الأعمال مثل أرطغرل، والمؤسس عثمان، عاكف فقد جاءت الشخصيات ثانوية ولكنها مؤثرة على الأحداث ومحركة لها.

شخصية أفرام في مسلسل صلاح الدين من الشخصيات المؤثرة في العمل والأحداث، وهي معادل لشخصية باروس المقدمة في عاصمة عبد الحميد، وكانت صلب المقال السابق في سلسلة مقالات الشخصية اليهودية في الدراما التاريخية التركية.

منذ الظهور الأول لشخصية أفرام في فاتح القدس مع احتلال الصليبين لعسقلان تتضح أهدافه، إذ جاء لإقامة مملكة اليهود الممتدة من النيل إلى الفرات وعاصمتها القدس، وينتظر أفرام تابوت العهد المقدس القادم مع كهنة الدين اليهودي إلى القدس ليكون قوته في إثبات الأحقية اليهودية في أرض المملكة اليهودية.

أفرام لا يمتلك قوة مسلحة لهزيمة المسلمين والخلافة الإسلامية، لكنه يستخدم نفوذ المال للسيطرة على الصليبين في القدس المحتلة، عسقلان، وفي غزة، وبوضوح يكشف السر لسيمون تابعه من خلال الكشف أيضا عن صناديق الذهب.

يظهر تحكم اليهودي أفرام في ملكة القدس (فيكتوريا)، وقادة جيوش الصليبين، وعلى مدار ما يقارب من 15 ساعة درامية في فاتح القدس يستمر صراع أفرام، ,القادة الصليبين، والملكة فيكتوريا مع صلاح الدين للاستيلاء على مدن فلسطين، وتابوت العهد اليهودي.

شخصية أخرى مؤثرة تنتمي لليهود ظهرت في مسلسل خير الدين بربروس في جزئه الثاني، وهي شخصية لونا من تجار اليهود في إسطنبول، وصاحبة العلاقات النافذة مع كافة العائلات اليهودية الذين يشكلون عصب عالم المال في العالم.

هي إحدى أبناء أربعين مصرفي في العالم يتحكمون في كافة أموال العالم، ويحركهم كبار اليهود أو مجلسهم الأعلى للسيطرة على الغرب المسيحي وإنهاء الخلافة الإسلامية في عهد سليمان القانوني.

بربروس قدم قصة المتحكمين اليهود في العالم من خلال السيطرة على مصارف العالم، وقصة عائلات رجال المصارف اليهود والذين سيطروا عليهم، فأصبحوا المتحكمين في دول وإمبراطوريات العالم من خلالها، ويقودون الحملات الصليبية من خلف الأسوار، وقد ظهرت شخصيات يهودية في الجزء الأول أيضا من هذا العمل وجندوا رجالا من المماليك في مصر بعد فتح سليم الأول والد سليمان القانوني في 1517، وفي بدايات عصره الذي امتد 46 عاما.

ظهرت شخصية لونا ومساعديها في الجزء الثاني للعمل الدرامي بربروس في مساحة زمنية معادلة تقريبا للبطل خاصة أنها ترتبط مع بربروس عاطفيا قبل أن يتم تهديدها من اليهود بعائلتها الموجودة في جزيرة لويزا مع أبناء عائلات المصرفيين اليهود.

في هذا العمل ظهرت العصابات اليهودية، وبعض اليهود الذي يحاولون التغلل في مفاصل دولة الخلافة من خلال بعض الشخصيات في بلاط الخليفة، كان أهمهم إبراهيم البرغالي الصدر الأعظم لسليمان القانوني، و(شاهنسوار) شقيقة أهم وزرائه التي تحاول مقابل المال تجنيد باشوات من الوزراء.

فكرة السيطرة على أموال العالم من اليهود ظهرت في أغلب أعمال الدراما التاريخية التركية، فهم في  أرطغرل تجار يهود موجودون في أنحاء الدولة العباسية، ويسيطرون على بعض قصور الخلافة في الشام، ويتحكمون في تجارة المسلمين من خلال أكبر تجارتهم، ويجندون ناصر وزير أمير حلب ودمشق، ويحاولون قتل الأمير ليصبح رجلهم صاحب الحكم، وينقذه أرطغرل ويكشف له شبكة الجواسيس في قصره. وفي مسلسل عثمان موجودون في هيئة علماء ورجال صوفيون، وتجار من الأماكن البعيدة في أراضي الخلافة، يخربون في الأماكن والقلاع التي يفتحها.

لا يتركون حلمهم في هدم الدولة الإسلامية من خلال توغلهم، حتى في قبيلة أرطغرل يختبئون في زي إسلامي ويمارسون شعائر الإسلام ويخططون لقتل ارطغرل وعثمان، وأولادهم، ويجندون شقيق أرطغرل (دنددور) عن طريق الأغراء بالمال وتسهيل حصوله على السلطة.

الأفكار الأربعة أو الأساسات الأربعة التي أشار إليها باروس وتقوم عليها الدول القوية ومحاولة هدمها حاول كتاب الدراما التركية إبرازها من خلال الأعمال التاريخية الدرامية.

مجرد ظهور قوة سيحاولون عمل خلطتهم السرية في القضاء على منابع تلك القوة، أيضا السيطرة على الثروات كالبترول والغاز الطبيعي، المعادن والرمال المستخدمة في التصنيع سيحاولون الحصول عليها بأقل الأثمان، “سنخنق حضارة كاملة مع مستقبلها بداخل البترول سنضع نظام يجبر من يملكون النفط تحت الأرض أن يبقوا بقدم عارية فوق الأرض” فكر في التعبير وأنظر حولك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!