ترك برس

شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جلسات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة في ولاية نيويورك، وألقى خطابا أمام الحضور.

رحب الرئيس أردوغان في مستهل كلمته برؤية ممثل فلسطين الصديقة والشقيقة في مكانه الذي يستحقه بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وذلك بعد كفاح طويل في هذا الصدد، سائلا الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الخطوة التاريخية المنعرج الأخير على طريق عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.

وأردف بالقول، "كما أدعو الدول الأخرى التي لم تعترف بفلسطين حتى الآن إلى الوقوف على الجانب الصحيح في صفحات التاريخ في هذه الفترة الحرجة للغاية والاعتراف بدولة فلسطين في أقرب وقت ممكن".

"قطاع غزة تحوّل إلى أكبر مقبرة للأطفال والنساء في العالم جراء الهجمات الإسرائيلية"

تطرق الرئيس أردوغان، إلى الأحداث في غزة، وقال: " لقد تحوّل قطاع غزة إلى أكبر مقبرة للأطفال والنساء في العالم جراء الهجمات الإسرائيلية. حيث كان أكثر من 17 ألف طفل أهدافا للرصاص والقنابل الإسرائيلية. لقد كانت هند رجب تبلغ من العمر 6 سنوات فقط. وقامت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على السيارة التي كانت تقلها مع أقاربها في الوقت الذي كانوا يبحثون فيه عن ملاذ آمن. لقد انتظرت مد يد العون لمدة 12 يوما وهي تستنجد وتقول: "هل ستأتون لإنقاذي؟ أنا خائفة". ورغم المستوى الذي وصل إليه عالمنا والتكنولوجيا التي أصبحت متاحة لنا ورغم منظماتنا ذات الميزانيات الضخمة التي يعمل تحت سقفها آلاف الموظفين، إلّا أننا كأسرة بشرية مكونة من 8 مليارات نسمة للأسف الشديد لم نتمكن من إنقاذ فتاة تبلغ من العمر 6 سنوات تكاد تكون أشبه بعصفور صغير جريح كان يصارع الموت أمام أعيننا".

ولفت إلى أنه حتى الآن مات مئات الأطفال في غزة لأنهم لم يتمكنوا من العثور على لقمة خبز يابسة، أو رشفة ماء، أو طبق حساء، وما زالوا يموتون، وقال: "لا يقتصر الموت على أطفال غزة فحسب؛ ففي الوقت نفسه، تموت منظومة الأمم المتحدة أيضا، والحقيقة تموت، والقيم التي يدّعي الغرب الدفاع عنها تموت، وآمال الإنسانية في العيش في عالم أكثر عدلا تموت الواحدة تلو الأخرى".

وتابع: " وأنا هنا أتساءل بكل وضوح وصراحة.. يا منظمات حقوق الإنسان! أليس الذين يعيشون في غزة والضفة بشرا؟ أليس من حق الأطفال في فلسطين أن يدرسوا ويعيشوا ويلعبوا في الشوارع؟ يا مؤسسات الإعلام الدولية! أليس الصحفيون الذين قتلتهم إسرائيل على الهواء مباشرة واقتحمت مكاتبهم زملاء لكم؟ يا مجلس الأمن الدولي! ما الذي تنتظره لوضع حد للإبادة الجماعية في غزة، وإيقاف هذا الظلم والهمجية؟ ما الذي تنتظرونه لوقف شبكة المجازر التي تعرض حياة مواطنيها إلى جانب حياة الشعب الفلسطيني للخطر، وتجر المنطقة برمتها إلى الحرب من أجل مستقبلها السياسي فقط؟ يا من يدعمون إسرائيل بلا قيد أو شرط! إلى متى ستحملون عار الوقوف موقف المتفرج والمشاركة في هذه المجزرة؟".

"يجب إيقاف نتنياهو وشبكة القتل التابعة له من قبل تحالف الإنسانية"

قال الرئيس أردوغان: " يجب إيقاف نتنياهو وشبكة القتل التابعة له من قبل "تحالف الإنسانية"، مثلما حدث قبل 70 عاما وتم إيقاف هتلر من قبل تحالف الإنسانية. أنا على ثقة تامة بضرورة تقديم الجمعية العامة في هذه المرحلة توصية باستخدام القوة كما ورد في "قرار الاتحاد من أجل السلام عام 1950". أنا أريد أن ألفت انتباهكم إلى أنه تم تدمير 70% من موارد المياه و75% من المخابز في غزة، كما تعرضت 95% من المراكز الصحية إلى أضرار جزئية أو كلية، وتم تدمير 150 ألف منزل بشكل كامل و200 ألف منزل بشكل جزئي، وأصبح 80 ألف منزل غير صالح للسكن. إن الأمراض المعدية لاسيما شلل الأطفال والتهاب الكبد تتزايد بشكل كبير. ولا يستطيع سكان قطاع غزة الحصول إلا على ربع المساعدات التي يحتاجونها. ومن خلال إرسالنا مساعدات تتجاوز 60 ألف طن، تعتبر تركيا الدولة التي قدمت أكبر قدر من المساعدات إلى غزة".

وشدد على ضرورة أن يدفع الجناة فاتورة الأضرار التي لحقت بالمدن المدمرة التي تحوّلت إلى ركام وتقدر بمليارات الدولارات، مضيفا: " نحن ندعم الدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، لضمان عدم إفلات إسرائيل من عقوبة الجرائم التي ارتكبتها. كما سنبذل كل ما في وسعنا حتى لا تذهب هدر دماء ابنتنا عائشة نور إزغي إيغي التي قتلت برصاصة في رأسها على يد الجنود الإسرائيليين خلال مظاهرة سلمية في نابلس. ورغم أن هناك حاجة ملحة لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية. إن إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أمر مهم للغاية. أود أن تعلموا أننا نتابع عن كثب الهجمات المتصاعدة على قبلتنا الأولى المسجد الأقصى والحرم الشريف".

"نحتاج في هذه الأيام أكثر إلى القيم التي يمثلها شعار العالم أكبر من خمسة".

قال الرئيس أردوغان: " نحن في هذه الأيام نحتاج أكثر إلى القيم التي يمثلها شعار "العالم أكبر من خمسة". إننا نرى أن السلام والأمن الدوليين مهمان للغاية بحيث لا يمكن تركهما لأهواء الدول الخمس صاحبة الامتياز. والمثال الأكثر دراماتيكية على ذلك، هو المجزرة المستمرة منذ 353 يوما في غزة. حيث قتل أكثر من 41 ألف فلسطيني في الهجمات الإسرائيلية المستمرة دون انقطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. لقد تم حرمان 41 ألف شخص معظمهم من الأطفال والنساء من حياتهم بشكل وحشي. كما لا يعرف مصير أكثر من 10 آلاف من سكان قطاع غزة معظمهم من الأطفال. وبالمثل، هناك نحو 100 ألف شخص مصاب أو معاق. وقتل 172 صحفيا أثناء محاولتهم تأدية عملهم في ظل ظروف صعبة للغاية. كما قتل أكثر من 500 موظف صحة كانوا يعملون على إنقاذ أرواح الناس. وقتل أيضا أكثر من 210 من موظفي الأمم المتحدة العاملين في مجال المساعدات الإنسانية الذين كانوا يقدمون المساعدة إلى سكان غزة الذين يعانون من الجوع والعطش. لقد قصفوا 820 مسجدا و3 كنائس، التي تعتبر دور عبادة لا يجوز المساس بها حتى في الحرب. كما قصفوا عشرات المستشفيات ومئات المدارس وأكثر من 130 سيارة إسعاف كانت تحمل المرضى والمصابين. لقد مزقوا ميثاق الأمم المتحدة من على منصة الأمم المتحدة، وبلا خجل تحدّوا العالم أجمع وجميع الأشخاص ذوي الضمائر من على هذه المنصة أيضا".

"أحيّي من أعماق قلبي إخوتي الفلسطينيين الذين يضحون بأرواحهم للدفاع عن وطنهم"

أشار الرئيس أردوغان، إلى أن الفلسطينيين الذين تم اغتصاب حريتهم واستقلالهم ومعظم حقوقهم الأساسية، يستخدمون بشكل طبيعي "حقوقهم المشروعة في المقاومة" ضد هذا الاحتلال وفعاليات التطهير العرقي التي يمارسها، وأضاف بالقول: " أنا أحيّي من أعماق قلبي إخوتي الفلسطينيين الذين يضحون بأرواحهم للدفاع عن وطنهم. ولكن مع الأسف الشديد، في الوقت الذي يقتل فيه الأطفال في قطاع غزة ورام الله ولبنان ويموت فيه الرضّع في الحاضنات، يقدم المجتمع الدولي اختبارا سيء للغاية. انظروا إلى ما يحدث في فلسطين، إنه مؤشر لانهيار أخلاقي كبير. أنا على ثقة بضرورة قيام جميع شعوب العالم وقادة الدول والمنظمات الدولية بالتفكير في هذا الوضع المؤلم. إن المقاومة المحقّة للشعب الفلسطيني ضد من يحتلون أرضه هي مقاومة نبيلة ومشرّفة وبطولية لدرجة أنه لا يمكن اعتبارها غير مشروعة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!