ترك برس

في ظل احتمالات الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا، تتخذ تركيا خطوات لتعزيز أمنها القومي عبر استراتيجيات جديدة تهدف إلى سد الفراغ الأمني المتوقع، حيث تركز أنقرة على دعم سلطة مركزية قوية في سوريا لمواجهة المخاطر المحتملة من التنظيمات المسلحة، إلى جانب تقليص تأثير ميليشيات "واي بي جي/ بي كا كا" الإرهابية، والتي ترى فيها تهديدًا لأمن حدودها الجنوبية.

وفي هذا الإطار، يرى سونير جابتاي مدير البرنامج التركي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في سلسلة أبحاث حول الدور التركي في سوريا والعراق، أكبر مخاوف أنقرة تتمثل في انسحاب أميركي من شمال سوريا على غرار الانسحاب غير المنظم من أفغانستان، مما قد يخلق فراغًا أمنيًا يؤدي من ناحية إلى موجات من هجرة اللاجئين السوريين مرة أخرى إلى تركيا، ومن ناحية أخرى يشجع عناصر هيئة تحرير الشام المتحالفة مع تنظيم القاعدة في شمال غرب سوريا للقيام بهجمات إرهابية سواء في الداخل التركي، أو ضد قواتها في الشمال السوري.

وإذا جئنا إلى الشمال الشرقي من سوريا، فإن الإستراتيجية التركية تقوم على أساس دعم الأسد في السيطرة مرة أخرى على المناطق التي تتحكم فيها وحدات حماية الشعب الكردية، وقوامها قوات سوريا الديمقراطية، وذلك لقطع الطريق على التواصل بين تلك القوات في سوريا، وعناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بحسب ما نقله موقع "ميدان الجزيرة".

وفي سبيل ذلك تسعى لإقناع النظام السوري بمنح بعض صلاحيات الحكم الذاتي لعناصر المعارضة السورية غير المسلحة، بما في ذلك بعض المنظمات الكردية غير المنضوية تحت مظلة قوات حماية الشعب.

مما سبق يتضح أن الإستراتيجية التركية في سوريا والعراق تقوم بشكل عام على أساس دعم السلطة المركزية في كل من بغداد ودمشق لبسط السيطرة الأمنية على كامل أراضي الدولتين من خلال تقديم حزم اقتصادية وأمنية بغرض ملء الفراغ الإستراتيجي الذي قد يتسبب فيه الانسحاب الأميركي المتوقع.

ترى تركيا أن وجود حكومات مركزية قوية ضرورة أمنية؛ لأنها هي فقط القادرة على أن تحمي حدودها الجنوبية من العناصر الإرهابية والمليشيات المسلحة التي من المحتمل في أي وقت أن تكون أداة تهدد الأمن القومي التركي إذا توسع الصراع في الشرق الأوسط.

وعلى ذلك، يتضح أن الدولة التركية تواجه تحديات ربما جاءت عملية أنقرة الإرهابية لتشير إلى شدتها، وإلى رغبة أطراف ما في عرقلة توجه أنقرة نحو ضمان استقرار الإقليم من جهة، وسلامة أمنها القومي من جهة أخرى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!