ترك برس
قال الكاتب والخبير التركي عبد الله مراد أوغلو إن القرن العشرين لا يزال يهيمن على أحداث العالم في القرن الواحد والعشرين، مشيرًا إلى أن التبعات الناتجة عن الحربين العالميتين لا تزال تلاحقنا حتى اليوم.
وأضاف أوغلو في تقرير تحليلي بصحيفة "يني شفق" أن العديد من الأزمات الحالية حول العالم، مثل الحرب الروسية-الأوكرانية، الإبادة الجماعية في فلسطين، والأزمة السياسية في لبنان، وقضية تايوان، تعود جذورها إلى تلك الحقبة التاريخية.
وأشار أوغلو إلى أن الحربين العالميتين كانتا نتيجة للأزمات التي نشأت من النظام الرأسمالي الغربي، مؤكدًا أن تفكك الإمبراطورية العثمانية كان نقطة محورية في تكوين الشرق الأوسط الحديث، وأن التاريخ يعيد نفسه بشكلٍ ما في الصراعات العالمية الحالية. وتابع قائلاً: "إذا لم نفهم نتائج الحربين العالميتين وآثارهما على الوضع العالمي، فلن نتمكن من تحديد مستقبلنا".
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، أشار أوغلو إلى أن سعيها للحفاظ على هيمنتها في النظام العالمي قد يؤدي إلى إشعال سباق تسلح جديد، مؤكداً أن هذا السلوك ليس بجديد، فقد شهدته أوروبا قبل الحربين العالميتين. وحذر من أن التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه بنفس الطريقة، مشيرًا إلى مقولة المؤرخة الأمريكية باربرا توكمان في كتابها "مسيرة الحماقة" التي تحدثت عن أخطاء القادة على مر العصور.
وفي سياق متصل، تحدث أوغلو عن تراجع النظام الدولي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي فشل في منع الإبادة الجماعية في فلسطين، مشيرًا إلى أن هذا النظام أصبح يظهر بوضوح تصدعاته. كما شدد على الأزمات المتزايدة في العالم الغربي، مثل "البريكست" والارتفاع المستمر في مظاهر الشعبوية، التي تشير إلى أن أوروبا فقدت قدرتها على تقديم قيادة فعالة وسط التحديات الراهنة. وأوضح أن الحرب الروسية-الأوكرانية عمقت الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، وتسبب في انهيار الحكومات في بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا.
أما على الصعيد العالمي، أشار أوغلو إلى أن العالم يشهد تحولات ديموغرافية واقتصادية عميقة، حيث ارتفعت معدلات الشيخوخة في أوروبا والصين وروسيا واليابان، مما يعكس أزمات اجتماعية واقتصادية تتصاعد من قضايا الهجرة إلى التحديات السياسية. وأضاف أن العالم يعاني من اضطرابات أمنية عميقة، وخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالفات عسكرية ضد الصين.
وأبرز أوغلو أن العالم الإسلامي يمتد من البوسنة إلى الصين، ومن ألبانيا إلى إندونيسيا، وأن مستقبل السلام العالمي يعتمد على الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية. وأكد أن القوى الإمبريالية الغربية قد سعت منذ عام 1918 إلى تفكيك العالم الإسلامي وعرقلة وحدته، وأن نتائج تلك السياسات تتكشف اليوم في الأزمات الحالية.
وفي الختام، شدد على ضرورة أن ينظر العالم إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية على أنها قضية وجودية تتعلق ببقاء الإنسانية. وأكد أن هذه المنطقة الجغرافية لا يمكن تجاهلها، وإذا لم تتم معالجة قضاياها بعناية، فإنها ستجبر الجميع على الاهتمام بها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!