ترك برس

تناول تقرير لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، التساؤلات القائمة حول ما إذا كان اتفاق أنقرة بين الصومال وإثيوبيا سيسهم في تحقيق استقرار دائم في منطقة القرن الإفريقي.

وقالت الوكالة إنه في خطوة قد تمهد لتهدئة التوترات، تم التوصل في ديسمبر 2024 إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا للبدء في محادثات فنية لحل النزاع الدبلوماسي الذي نشأ بسبب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الساعي للانفصال، وهوما أثار غضب الصومال واعتبرها انتهاكا لسيادته.

وأوضحت أن هذا النزاع يعد جزءا من التحديات المستمرة في منطقة القرن الإفريقي التي تتمتع بموقع استراتيجي، حيث تتشابك القضايا السياسية والأمنية مثل النزاع على المياه والموانئ والتهديدات الأمنية المستمرة.

وبينما يعتبر هذا الاتفاق في أنقرة خطوة أولى نحو تهدئة الأوضاع، يبقى التساؤل قائما حول ما إذا كان سيسهم في تحقيق استقرار دائم في المنطقة. وفقا للوكالة.

وجاء في التقرير:

يقصد بمنطقة القرن الإفريقي -جغرافيا- ذلك الجزء الممتد على اليابسة الواقع غرب البحر الأحمر وخليج عدن على شكل قرن، وهو بهذا المفهوم يشمل أربع دول هي الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، بينما تتسع المنطقة أكثر عند النظر لها من زاوية سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.

واتسمت العلاقات بين دول منطقة القرن الإفريقي بالتوترات المستمرة، وهو ما تجسد بشكل واضح في يناير من العام الماضي، عندما اندلعت أزمة دبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا بعد أن وقعت الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الذي يطالب بالانفصال.

وبموجب هذه المذكرة تحصل إثيوبيا على منفذ بحري يتضمن ميناء تجاريا وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاما، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال دولة مستقلة، إذ سبق أن أعلن الإقليم الاستقلال من جانب واحد منذ عقود دون أي اعتراف دولي.

ومنذ ذلك الحين يتهم الصومال إثيوبيا بتقويض سيادته ويهدد بطرد قوات حفظ السلام التابعة لها.

وبعد عدة أشهر من التوترات والوساطات الدولية، اتفق الصومال مع إثيوبيا في 11 ديسمبر الماضي، بعد محادثات برعاية تركية في أنقرة، على العمل معا من أجل تسوية النزاع والبدء في مفاوضات فنية بحلول نهاية فبراير المقبل.

وتتويجا للاتفاق، جاءت زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى إثيوبيا يوم السبت الماضي ولقاء رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتكون إشارة على تحسن العلاقات بين البلدين الجارين.

وقال الرئيس الصومالي في بيان نشر على منصة إكس قبل بدء الزيارة إن المناقشات مع القيادة الإثيوبية تهدف لتحسين العلاقات الثنائية والنهوض بالأولويات المشتركة، واستئناف التعاون وبدء عهد جديد بين الصومال وإثيوبيا، بينما ذكر بيان مشترك صدر عن حكومتي البلدين أن الرئيس الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا "اتفقا على عودة العلاقات الثنائية وتعزيزها من خلال التمثيل الدبلوماسي الكامل في عاصمتي البلدين".

كما جاءت الزيارة أيضا بعد زيارة وفد حكومي صومالي، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية، علي بلعد إلى أديس أبابا، الشهر الماضي؛ بهدف متابعة تنفيذ "اتفاق أنقرة" وتعزيز العلاقات.

وتعهد البلدان في الاتفاق الذي رعته تركيا، بفتح باب محادثات جدية خلال فبراير المقبل، يفترض أن يتوج باتفاق نهائي خلال مدة لا تزيد عن 4 أشهر، للتغلب على مسائل شائكة عدة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ذلك الوقت: إن الاتفاق سيتيح لإثيوبيا منفذا بحريا، إلا أنه لم يذكر بنود آلية التنفيذ، فضلا عن أنه لا يعرف حتى الآن مصير الصفقة المبرمة بين إثيوبيا و"أرض الصومال.

وقد خلف "اتفاق أنقرة" صدى عند بقية دول المنطقة، فخلال لقاء عقد السبت الماضي في القاهرة، وجمع بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا، قال بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري: إن "أمن البحر الأحمر مرهون بإرادة الدول المتشاطئة وقاصر عليها"، معربا عن رفض بلاده أي حضور عسكري أو بحري لغير تلك الدول.

وفي الآونة الأخيرة، توطدت العلاقات بين مصر وكل من الصومال وإريتريا حيث شكلت الدول الثلاث تحالفا خلال قمة في العاصمة الإريترية أسمرة.

وسبق أن اتفقت مصر مع الصومال على مشاركتها في مهمة حفظ سلام جديدة للاتحاد الإفريقي من المقرر نشرها هذا الشهر، تسمح بنشر 5 آلاف جندي مصري في الصومال.

وتعاني إثيوبيا أزمة الدولة الحبيسة وافتقارها لأي منفذ بحري، وهو ما أفقدها جزءا مهما من حيويتها الجيوسياسية، ورغم استخدام إثيوبيا لموانئ جيبوتي وبعض دول الجوار لما يقرب من 30 عاما وإقامة خطوط للسكك الحديدية بمبلغ 4 مليارات دولار، إلا أن حكومة أبي أحمد عملت جاهدة على الوصول المباشر إلى البحر الأحمر بما يضمن لها التحرك الدولي لتجارتها ومواردها الاقتصادية.

وقد شرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة عام 2011 بهدف إنتاج الكهرباء، وبدأت بملء السد على مراحل، ما أثار قلق كل من مصر والسودان اللتين طالبتا بإبرام اتفاق قانوني ملزم، ينظم قواعد تشغيل السد، ويؤمن حصتيهما من مياه النيل، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

وقد شكلت قضيتا مياه النيل وسد النهضة مساحة كبيرة من الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وقد شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مؤخرا على "رفض بلاده للتصرفات الأحادية فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة".

وتتداخل المصالح بين دول منطقة القرن الإفريقي، حيث تواجه إثيوبيا تحديات جيوسياسية واقتصادية بسبب افتقارها لمنفذ بحري، في حين يشهد الصومال توترات مع جيرانه على خلفية قضايا السيادة.

ومع استمرار الخلافات حول مياه النيل وسد النهضة، تظل المنطقة تعاني من صراعات سياسية وأزمات إنسانية، إضافة إلى الجفاف، مما يهدد استقرارها ويفرض تحديات مستمرة على شعوبها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!