سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
تُعد تركيا من بين الدّول التي أبدت امتنانها وسعادتها حيال التوصل إلى اتفاق بين إيران ودول الـ (5+1) المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا، بخصوص الملف النووي الإيراني، حيث أفضى هذا الاتفاق إلى تخلّي إيران عن أنشطتها النووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين هذه الدّول انعكس على الداخل التركي، لا سيما أنّه أنعش آمال العديد من الأطراف في تركيا وخاصّة أولئك المهتمون بالأمور الاقتصادية. ومما لا شك فيه أنّ تخلّص إيران من قيود الحصار الاقتصادي المفروض عليها، يجعلها تتبوأ موقعًا هامًا في عالم التجارة، فقد وجدنا أنّ العديد من الدّول الكبرى بدأت تطمع في إقامة علاقات تجارية مع هذه الدّولة. ذلك لما تتمتع به من إمكانيات تجارية ضخمة.
لم ترتقِ العلاقات التجارية بين إيران وتركيا إلى المستوى المطلوب خلال الأعوام الأخيرة. والسبب في ذلك معلوم وواضح، وهو الحصار الاقتصادي المفروض على إيران. لكن هناك العديد من الجهات لدى كلا الطرفين، تتوقّع حدوث ثورة في هذه العلاقات، لا سيما بعد رفع الحصار عن إيران. فمن المتوقع أن يقوم المستثمرون الأتراك باستثمارات ضخمة في العديد من المجالات داخل إيران.
لكن في المقابل: صحيح أنّ مثل هذه الفعاليات ستكون جيدة وستعود بالنفع على كلا الطرفين، إلا أن التنفيذ العملي لهذه المشاريع والمخططات لن يكون سهلًا. فمن الممكن لتركيا أن تكون شريكة تجارية أساسية لإيران، لكن هذا الأمر لن يحدث في القريب العاجل وذلك لأسباب منها.
1 – إنّ العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران لن تُرفع بشكل كامل وبنفس اللحظة. فقد تمّ الاتفاق على رفع هذه العقوبات على مراحل، وهذه العملية ستستغرق عدّة سنوات حسب البرنامج المتفق عليه بين الأطراف.
2 – مما شكّ فيه أنّ إيران ستدخل مرحلة النمو خلال المرحلة القادمة. وستكون الدّول العظمى مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا على رأس الدّول المتنافسة على دخول السوق الإيرانية. لذلك على المستثمرين الأتراك الاستعداد لمنافسة هذه الدّول وعليهم أن لا يُخدعوا بكونهم قريبين جغرافيًا من إيران.
وإذا ما نظرنا من الجانب السياسي لهذه الاتفاقية، فإنّنا نجد للوهلة الأولى أنّ هذه الاتفاقية ستؤدّي إلى تقارب بين أنقرة وطهران. لكن هناك عددًا من المصاعب التي من المحتمل أن تعيق هذا التقارب. منها ما يلي:
1 – إنّ طهران تطمع لأن تكون قوة إقليمية فاعلة في منطقة الشرق الأوسط، بل إنّ إيران تطمع في أن تكون الدّولة الأقوى في هذه المنطقة وتتحكم في مقاليد الأمور فيها. وقد رأينا كيف أنّ المرشد الأعلى لإيران "علي خامنئي" صرّح قبل عدّة أيام أنّ إيران ستلتزم بسياساتها المُتّبعة تجاه قضايا المنطقة وخاصة في سوريا والعراق واليمن. بالمقابل فإنّ الدّولة التركية أيضًا تطمع في أن تكون من أقوى دول المنطقة. ولا ننسى أنّ سياسة الدّولتين حيال قضايا المنطقة تتعارض وخاصة فيما يخص القضية السورية.
2 – إن التقارب الإيراني الغربي على المدى البعيد، من شأنه أن يغير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط. وهذا من شأنه أن يجعل من إيران منافسًا لتركيا من الناحية الاستراتيجية.
لكن في المقابل، تمتلك تركيا ميزات استراتيجية تجعلها تتفوق على إيران بهذا الخصوص، خاصّة وأنّها عضو أساسي في حلف الناتو ولديها ارتباطات وثيقة مع العالم الغربي. بالإضافة إلى ذلك فإنّ نظام الحكم في تركيا، نظام ديمقراطي وعلماني. وإذا ما استطاعت تركيا الحفاظ على هذا النظام، فإنها ستتفوق على منافسيها في هذه المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس