محمد زاهد جول - أخبار تركيا
في الأيام الحاسمة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في تركيا كانت المخططات الإسرائيلية المعادية تشن حربها على اكثر من جبهة وفي اكثر من اتجاه ولأكثر من هدف إجرامي خبيث، لم تكن الحرب العدوانية على غزة هي المعركة الوحيدة التي تشغل القيادة التركية، فقد كانت المخططات الإسرائيلية تخطط وتنفذ خططها السرية والعدوانية لمهاجمة الأراضي التركية في عملية إجرامية وإرهابية جريئة، خطط لها الموساد الإسرائيلي لدخول الأراضي التركية عبر الحدود السورية التركية، في اوج مرحلة الحملات الانتخابية لرئاسة الجمهورية، وإنشغال الحكومة التركية بها.
لقد كان المخطط الإسرائيلي أن تقوم مجموعة من الموساد الإسرائيلي تقدر بخمسة عناصر بدخول الأراضي التركي والاتصال بعناصر في داخل تركيا، بهدف تنفيذ عمليات اغتيال لسياسيين أتراك، من المرجح ان يكونوا من حزب العدالة والتنمية، بهدف إحداث اضطرابات سياسية وامنية داخل المجتمع التركي، وذلك قبل موعد الانتخابات التي كانت مقررة في العاشر من شهر آب 2014.
هذه المحاولة التخريبة للموساد الإسرائيلي لم تكن خاصة بالموساد فقط، وإنما كان هناك عناصر من خارج تركيا أيضاً ومن داخلها تتعاون معها لتنفيذ العلمية الإرهابية، وضمن مخطط يتم متابعته بعمليات تخريبية أخرى، وبأعمال إعلامية تضخم من الأحداث بحيث يبدو الشارع التركي غير آمن ولا تتم فيه الانتخابات الرئاسية بسهولة وأمن، وهذا المخطط الإرهابي كان خطوة إضافية للخطوات التخريبية التي قامت بها جهات تركية في إفساد حملات الانتخابات البلدية السابقة، وكذلك العمليات الإرهابية التي كانت تهدد الاستقرار التركي في السنوات والعقود الماضية، وبالأخص من قبل العناصر أو التيارات التي تهدف إلى تخريب مشروع الحكومة التركية الأردوغانية في المصالحة الداخلية مع أبناء القوميات التركية الأخرى.
ولذلك فإن المخطط كان يستهدف العديد من المحافظات والبلدات التركية وليس في المدن الكبرى، وإيقاع تفجيرات كبيرة فيها، ثم اتباعها بعمليات اغتيال لكي يبدو المجتمع التركي وكانه في صراع داخلي، ومن ثم التحريض على عمليات تصفية متعاكسة ، يعقبها مظاهرات واحتجاجات من الجهات التي لها ضحايا، او تدعي بانها مستهدفة من قبل جهات أخرى.
هذه الخطة الإسرائيلية الإرهابية استطاعت المخابرات التركية كشفها عن طريق زرع أحد رجالها في الداخل في إحدى الخلايا التي تتواصل مع المخابرات الإسرائيلية، وكانت القوات الخاصة التركية بانتظار قدوم الخلية الإرهابية التي سيرسلها الموساد الإسرائيلي، وحتى هذه اللحظة لا يعلم تفاصل الأحداث في الساعة التي وصلت فيها المجموعة الإرهابية من الموساد الإسرائيلي إلى الحدود التركية السورية من جهة ولاية هطاي التركية، إذ تم تصفيتها من قبل القوات الخاصة التركية على الأراضي السورية، ومن الممكن أن الخلية الارهابية الإسرائيلية علمت بانكشاف أمرها، مما اوقع معركة بينها وبين القوات الخاصة التركية، تم فيها تصفية العناصر الخمسة من الموساد الإسرائيلي.
وحتى هذه الساعة لم يصدر عن الحكومة التركية ما يؤكد هذه الأخبار التي نشرتها صحيفة “تقويم” التركية، وكذلك لم يصدر شيء من قبل الموساد أو الحكومة الإسرائيلية، التي في الغالب آثرت السكوت والصمت على فشلها الذريع في هذه العملية، فإذا كانت الحكومة التركية معذورة في إخفاء أخبار هذه العملية في ظروفها التاريخية والسياسية ولأسباب امنية أيضا، او لاحتمال الكشف عن الجهات المرتبطة بهذه الخلية الإسرائيلية، فما هو العذر الذي يمنع الموساد الإسرائيلي الإعلان عن مقتل خمسة عناصر من جهازه، إلا إنكار الفشل لأهم واكبر جهاز استخباراتي في العالم كما تدعي الدعاية الإسرائيلية الواهمة، التي ثبت فشلها في هذه العملية، كما ثبت فشلها في التجسس على أنفاق غزة وصواريخها وقدراتها العسكرية.
لقد قامت القوات الخاصة التركية بتصفية عناصر فريق الموساد الإسرائيلي وترك جثثهم على قارعة الطريق داخل الحدود السورية، ولعل القوات الخاصة التركية أرادت بذلك ان لا تدخل الحكومة التركية في أزمة علاقات مع إسرائيل لو تم القتل على الأراضي التركية، أو تم اسرهم ، او تم الاحتفاظ بجثثهم على الأراضي التركية ، فهذا سوف يؤثر على العلاقات التركية الخارجية مع أمريكا والدول الإسرائيلية، وفي نفس الوقت لم يكن ممكنا ان تتم المراهنة على دخولهم الأراضي التركية ثم تعقبهم وألقاء القبض عليهم، مع احتمال فقدان أثرهم إذا وجدوا ملاذاً آمناً داخل الأراضي التركية من قبل العناصر التي تنتظرهم، فكانت افضل الردود بتصفية خلية الموساد على الأراضي السورية، ودون أن يلحق الحكومة التركية أي عواقب دولية.
ولا شك ان الحكومة الإسرائيلية في ازمة كبرى وخسارة عظمى، فمن الصعوبة ان تعترف الحكومة الإسرائيلية امام شعبها وامام العالم بهذه العملية التخريبة الفاشلة، بل هي لو استطاعت ان تنكر العملية من أصلها، وأن تنكر القتلى أيضا، فلن تتوانى عن ذلك، ولكنها امام مسؤولية مجتمعها وبرلمانها الذي سوف يحاسبها عن هذه العملية الإرهابية الفاشلة، حيث أنها ستكون محسوبة في رصيد الفشل لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إضافة إلى رصيده الكبير في الفشل الأمني والاستخباراتي في حربه العدوانية على قطاع غزة.
ومرة اخرى تتكشف حقيقة هذه الحكومة الإسرائيلية، وعقليتها الإرهابية التخريبية ، واستهدافها المواطنين الآمنين في تركيا كما استهدفتهم في غزة وفلسطين ولبنان وغيرها، ولعل من أكبر مسؤوليات الحكومة التركية القادمة كشف تفاصيل هذه المؤامرة الإرهابية التي خطط لها الموساد الإسرائيلي واستهدف فيها الشعب التركي مباشرة، وما لا بد منه ان يتم كشف الجهات الداخلية التي تعاونت مع هذه الخلية الإرهابية الإسرائيلية، بغض النظر عن قوميتها أو مكانتها السياسية، او إن كانت تنتمي إلى هذا الكيان السري، او الحزب السياسي، او غيره، فامن المجتمع التركي هو الغاية الكبرى لكل الأجهزة الأمنية التركية الوطنية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس