عثمان أتالاي - صحيفة يني عقد - ترجمة وتحرير ترك برس
ربما كانت العلاقات التركية السعودية على أعلى مستوى لها في تاريخ العلاقات بين البلدين إبان حُكم الملك عبد الله، لكن مع بدء الثورات العربية، ووقوف تركيا الصارم ضد انقلاب السيسي على الإخوان المسلمين الذين وصلوا الحُكم من خلال انتخابات ديمقراطية، جعل العلاقات التركية السعودية تعيش حالة من الفتور، لأنّ السيسي كان مدعوما بقوة من قبل السعوديين.
وقد كان لوصول الإخوان المسلمين سدة الحُكم في مصر، أثر على علاقة السعودية بالإخوان المسلمين، بسبب خوف النظام السعودي من وصول هذا النموذج إلى السعودية وسائر بلاد الخليج، ولذا قامت باتخاذ سياسة مضادة للإخوان المسلمين.
لكن السياسة السعودية تجاه سوريا كانت متطابقة تماما مع السياسة التركية تجاه هذا الملف، فمع أنّ السعودية وتركيا في معسكرين مختلفين فيما يتعلق بموضوع مصر، إلا أنهما يشتركان تماما في وجهات النظر المتعلقة بالملف السوري.
وفي المقابل، المملكة العربية السعودية غاضبة من سياسة إيران ونفوذها في كل من العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان، ولذلك بدأت السعودية اتخاذ سياسة نشطة وفعالة ضد إيران في المنطقة، وقد كان الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني، وسيلة أخرى لزيادة فعالية السعودية في مواجهة إيران، برغم الأخطار المترتبة على ذلك، وكان الحراك السعودي في اليمن بالتحالف مع دول الخليج والدول الغربية، بمثابة ردع لإيران.
الملك سلمان
يتوقع المراقبون أنْ يتخذ الملك الجديد، سلمان بن عبد العزيز، سياسة واقعية، وأسلوب تقليدي ومحافظ، وما يشير إلى ذلك، علاقاته القوية مع رجال الدين وزعماء العشائر في دولته، وكذلك تمسكه بالحوار والتفاوض.
وهناك إشارات ودلائل إلى أنّ السعودية ستميل إلى تفضيل أنْ يحكم الإخوان المسلمون في اليمن والخليج ومصر، على أنْ يسمحوا لإيران بسياستها التوسعية في المنطقة، وهذا يجعل السعودية تتخذ دورا أكثر نشاطا وفعالية في المنطقة.
ومن المتوقع استمرار النزاعات والتغييرات الجدية الحاصلة في الشرق الأوسط والعالم العربي على المدى المتوسط، ولهذا فإنّ تأسيس علاقات متينة بين السعودية وتركيا، على الجوانب الثقافية والاقتصادية والسياسية، سيكون عاملا لا يمكن الاستغناء عنه في سبيل تحويل هذا الحراك في الشرق الأوسط ليخدم مصالح البلدين.
مصير السعودية وتركيا في الشرق الأوسط مشترك
يجب زيادة التعاون بين البلدين لمواجهة إعادة رسم الحدود في المنطقة، وعلى الطرفين أنْ يدركا أهمية تعميق العلاقات بينهما، وتأسيس علاقات استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد، وعليهم بناء سياسة مشتركة فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
ساهم نجم الدين أربكان، وتورغوت أوزال، بإعادة العلاقات المجمدة مع الدول العربية منذ تأسيس الجمهورية التركية، وساهموا في إعادة الروح مجددا إلى هذه العلاقات، وبعد ذلك ساهمت سياسة حزب العدالة والتنمية المنفتحة على دول الشرق الأوسط والبلقان وإفريقيا، وكذلك الدول العربية، ساهمت في إرجاع العلاقات إلى وضعها الطبيعي، لكن مع بدء الحراك العربي، تراجعت هذه العلاقات نوعا ما.
الفرصة مواتية الآن إلى أنْ تعود تركيا لعلاقاتها التاريخية مع الشرق الأوسط والدول العربية، وعليها السير لتعزيز هذه العلاقات، لتغيير الهيمنة الغربية منذ قرن على العلاقات مع الدول العربية في الشرق المتوسط، والمبنية على أساس خدمة مصالح الدول الغربية الاستعمارية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس