أورهان مير اوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أدرك الشعب الكردي الحقيقة، وأدركنا كذلك أن الشعب الكردي وضع يده على جوهر الحق. فالأكراد وبعدم انصياعهم لأولئك الذين يسعون لجرهم إلى الحرب مرة أخرى يكونون قد أفسدوا على هؤلاء المتآمرين راحة بالهم وسكينتهم. فنراهم يتساءلون ما هذه الشبيبة؟ لماذا لا تقوم شبيبة ديرسم وشبيبة موش بحفر الخنادق؟ لماذا لا يخرجون إلى الشوارع ولماذا لا يقاتلون؟
والجواب: لأن الشبيبة الكردية والشعب الكردي رأى الحقيقة.
فمن جهة، فالشعب يدفع منذ ثلاثين عامًا مقابل الحرب من أرواحه ودمائه وقد طفح به الكيل ولسان حاله يقول: يكفي إلى هذا القدر فأنا لن أكون شريكًا في هذه الحرب من جديد، لأنه وببساطة رأى نور الحق. رأى وأدرك أن هذه الحرب المفروضة عليه ليست بحربه وإنما حرب بالنيابة. هذه الحرب التي بقيت محصورة في منطقتي نُسيبة وصور، ولم تستطع أن تخطو خطوة واحدة إلى الإمام، فتقدمها أصلا ضرب من المستحيل لأن شعب مدينتي صور ونُسيبة رأى الحقيقة وأدركها. أما المتأمرون على الشعب فأمامهم يوم يجزون فيه سوء صنيعهم.
فزعيم حزب الشعوب الديموقراطي ومن على متن طائرة ديار بكر صرح بأن المواطنيين يطالبون بمحاكمة ومحاسبة المسؤول عن الضحايا التي فقدناها في السادس والسابع من تشرين الأول/ أكتوبر، الآن ومن على متن نفس الطائرة هناك من يطالب بمحاسبته ومقاضاته لمسؤوليته عن الضحايا التي فقدناها نتيجة سياسة الخنادق.
أدرك الشعب الكردي أنه يقف على حافة الهاوية ورأى في ضوء التركيبة الاجتماعية لإيران وسوريا ومع الأخذ بعين الاعتبار المحادثات التركية بخصوص الانضمام للاتحاد الأوروبي حجم المصيبة التي يحاولون جره إليها.
فرؤساء البلديات والذين حاول المتآمرون أن يفرضوا عليهم وبالقوة إعلانات الاستقلال، وحاولوا أن يجبروهم على إعلان دعمهم لحفر الخنادق رجحوا الرحيل عن مدنهم وبلداتهم. فبعد ثلاثين عامًا نشهد موجة هجرة جديدة ولنفس الأماكن القديمة، إلى المدن التي يعيش فيها إخوانهم الأتراك. كأنهم يلجؤون من بحر جهنم إلى موانىء الأمان. فهنا وإن كانت الأوضاع المعيشية أكثر صعوبة إلا أنهم يجدون رائحة الحرية ويتذوقون طعم الأمان، فبإمكانهم أن يتجولوا في الشوارع والأزقة بكامل حريتهم ورؤوسهم مرفوعة بعزة من غير أن يتعرضوا للإهانة أو التحقير.
هذا الشعب الذي تعرض في أعوام التسعينات وعلى أيدي حزب العمال الكردستاني لكسر كبير بحيث أصبح من الصعب إعادة تصليحه أوترميمه نراه يتعرض مرة أخرى لكسر جديد على يد حزب العمال الكردستاني/ حزب الشعوب الديموقراطي هذه المرة. هؤلاء الذين يحاولون أن يلقوا بقميصهم الوسخ على الشعب الكردي ويريدون من الشعب الكردي أن يلبس ثياب الجنون والحماقة مثلهم.
فبعد مرور ثلاثين عامًا لا يمكن أن ننسى أو ينسى التاريخ قدر الضرر والظلم الذي ارتكبته أيدي من ينظرون إلى المستقبل من عدسة الإرهاب والتطرف. هؤلاء الذين يسعون وبكل ما أوتوا من قوة إلى تخريب شعور الانتماء إلى تركيا الوطن والأرض وإلى قطع حبال الأمل عند الشعب الكردي، لكن لم ولن تنجح مساعيهم ولم ولن يصلوا إلى مرادهم!
هؤلاء الذين يريدون أن يحكموا المنطقة وفي يدهم سلاح وفي الأخرى قاذفة صواريخ ينتظرون من شعب عاش عصورًا أشدّ من يوم القيامة ومن شعب ذاق مرارة ألف تجربة ومحنة ينتظرون منه أن يحني الرقاب ويسلم الزمام! لكنهم وبكل أسف مخطئون، وسيقوم هذا الشعب بمحاسبتهم على خطئهم وعلى ما اقترفته أيديهم. هذا الشعب الذي رأى الالم الذي تسببوا به ورأى كذلك محاولتهم لاستثمار هذا الألم سياسيا وأدرك سوء نواياهم لن ينحنى لهم. فالدعوات المستمرة لخروج الشعب الكردي والشبيبة الكردية إلى الشوارع والأزقة ما هي إلا عبث لا فائدة ترجى منه!
في الشرق الأوسط قد يحقق الإرهاب والتطرف مكسبًا ماليًا وقد يكون عدم امتلاك السلاح يعني عدم القدرة على التأثير أو حتى الكلام...
لكن هنا تركيا.
لا مكان آخر يمكن للأتراك أو الأكراد أن يذهبوا إليه، لا وطن آخر، فلكلا الشعبين هنا الأناضول نقطة بداية العالم ونقطة نهايته.
ولقد أدرك الشعب الكردي هذه الحقيقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس