أورهان مير أوغلو – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أقولها الآن كما سأقولها في المستقبل إن طريق الأكراد نحو منطقتهم المستقلة بما يسمى روجافا لن يكون فقط عبر روسيا وأمريكا ونظام الأسد بل يجب أن يمر كذلك من أنقرة، وأضيف هنا أيضا أن أخطاء سياسات أنقرة لم تكن هي التي دفعت بحزب الاتحاد الديمقراطي إلى حضن الأسد وإنما من دفعه هي المصالح الخاصة بإيران وحزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في المنطقة، أي أن من عقد الاتفاقات بين الأكراد والأسد هي سياسة إيران وجلال طالباني، وكانت شروط الاتفاق أن يقوم الأسد بتسليم المناطق المتفق عليها لحزب الاتحاد الديمقراطي في مقابل قمع الحزب لكل التحركات المناهضة للأسد، وتم في موجب الشرط الثاني قتل وتصفية كل القيادات والعناصر المناهضة لنظام الأسد بعدما تم سحب أسلحة أكثر من 2000 عنصر.
بعد هذا الاتفاق انقلبت وجوه حزب العمال الكردستاني وذراعه السياسي حزب الشعوب الديمقراطي عن مباحثات السلام وبدؤوا يقولون إن السلام في قاموسهم يجب أن يمر من روجافا وإن لم يحصل فهو لن يمر من تركيا... لكن حقيقة الأمر أنه لا يمكن أن تكون كذلك في السياسة العقلانية، إذ أن مصالح الأكراد لا ينبغي أن تكون عند بشار الأسد بل يجب أن تكون في تركيا. ومع اختلاف الحسابات السياسية في سوريا وتركيا ما زال حزب العمال الكردستاني مصر على نظرته ومطلبه بحكم محلي في نصيبين وجيزرة وسور كما هو الحال في كوباني!
يُعرّف حزب العمال الكردستاني نفسه على أنه صاحب حق وممثل الأكراد، لكنه في الحقيقة لا يمثل كل الأكراد، ولو كان يُطالب بتمثيل الأكراد فهذا شيء آخر، فمطالبة الأكراد بالعدالة والمساواة في هذه الأوضاع السياسة المضطربة التي تعصف بالشرق الأوسط هي مطالب طبيعية وحق لهم، فرغم وجود سياسيات معادية لهذا الحق منذ أيام أوزال إلا أن تركيا اليوم غيرت من هذه السياسيات وبنت علاقات وطيدة مع أربيل لا مثيل لها في المنطقة. والسؤال هنا: كم كردي سوري يرضى بأن يُحكم بحكم ومنطق حزب العمال الكردستاني؟ وكم من كردي في تركيا يقبل بهذا أيضا؟ وحتى وإن أرادوا فهم سيغيرون آرائهم بعدما حوّل الحزب سياساته إلى حرب الخنادق.
المشكلة هنا في حزب العمال الكردستاني في كونه انسلخ عن قضية الأكراد الكبرى كما انسلخ من قبل عن مستقبل علاقات جيدة مع تركيا، فبعدما كان مسار الأزمة متجهًا نحو الحل بالرؤية السياسية التي أعطتهم 80 مقعدًا في البرلمان وبنت حوارًا بنّاءً مع أوجلان وحزب الشعوب الديمقراطي، رموا كل هذا وراء ظهورهم وأخذوا بدلًا عنه السلاح لينفذوا أجندات الآخرين في الساحة السورية!
في المقابل كان باستطاعة الحزب الاستمرار في مباحثات السلام وترك السلاح والقتال من أجل مناطقهم المحررة ضد الأسد، وفي نفس الوقت دعم المعارضة المعتدلة التي ستشاركهم في حكم تلك المناطق، كما كان بإمكانهم بناء علاقات جيدة مع أربيل ودهوك. ولو كان الحزب على هذه الشاكلة ما كانت أنقرة لتسد طريقه في الساحات الدولية. لكن الحزب أظهر وبشكل جدي مخالفته لكل هذه السياسات العقلانية بتصرفاته وقراراته غير المسؤولة، فاخذ يطلب من الشعب مساعدته في تنفيذ أجنداته الخاصة لا الأجندات الكردية، ليضرب بهذا جرس نهايته الذي بتنا نسمعه في كل المدن الكردية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس