رابح بوكريش - خاص ترك برس
وسط اهتمام وترقب إعلامي كبير من قبل الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية ووسائل الإعلامية الدولية وتتبع للرأي العام التركي والعالمي الانفجار الذي وقع في ميدان السلطان أحمد في وسط المدينة، ويعد هذا الموقع نقطة جذب للسياح الأجانب. وأفادت السلطات بأن المنفذ شخص أجنبي ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وأنه قدم من سوريا قبل فترة دون أن يكون على لوائح المشتبه بهم.
هناك تساؤل في أذهان البعض عن توقيت العملية واستهداف المنطقة التي تعد نقطة جذب للسياح الأجانب. إن العملية ودقتها لم تترك المجال لأي التباس أو غموض أي أن العملية من وراءها عمل مخابراتي كالذي حدث للراحل الحريري!!؟؟ وهذا معناه أن التحقيق في العملية سيطول. وبوصف أدق فإن خصوم تركيا هم المستفيدون من هذه العملية، وذلك لتطويع الوضع في المنطقة لمصلحتهم، لاقتناص أكبر قدر من الفوائد والأرباح. أما الخاسرون فهم حلفاء تركيا. لقد أصبح من العسير جدا تجاهل النوايا الخبيثة التي تخالج منفذي العملية الإرهابية إزاء تركيا ويمكن لنا أن نلاحظ ان تركيا تحولت في المدة الأخيرة إلى مركز فاعل ومؤثر في أزمة سوريا. إنه مما لا شك فيه أن ذلك خلق أزمة كبيرة لروسيا التي تريد أن تكون هي المحرك الأساسي في الأزمة السورية.
وقد جاء الدور التركي في المنطقة في وقت أصبحت فيه واشنطن لا تستطيع التعامل بمفردها في الأزمة السورية. وقد استغل هؤلاء القتلى الحملة الرئاسية الانتخابية الأمريكية لتنفيذ عمليتهم الإرهابية. روسيا التي يهمها إلحاق الخسارة بتركيا بعد أن أسقطت طائرتها تبدو ملتزمة بسقف معين لا يمكنها تجاوزه في علاقتها مع تركيا. ومع ذلك يجب ألا يغيب عن الأذهان، أن روسيا، شكلت مؤخرا نقطة إرباك للسياسة التركية في المنطقة.
والحقيقة الواضحة تماما هي أن روسيا شعرت في الفترة الأخيرة بأن المنطقة الإسلامية في آسيا تشهد مدا قويا من التشدد الإسلامي، مما يضع موسكو أمام احتمالات يصعب تقديرها "وتعتقد أن تركيا تقف وراء ذلك". وعلى تركيا الآن إعادة دراسة حساباتها جيدا، لمواجهة العمليات الإرهابية القادمة، خصوصا إذا بقيت أسعار النفط على حالها واستمرت العقوبات الغربية على روسيا. وإذا فشلت في ذلك، فتستمر العمليات الإرهابية وينعكس الوضع كله على مستقبل السياحة في تركيا، وتصبح الصراعات الداخلية متداخلة مع النزاعات الإقليمية. وهذا الوضع يمكن أن يسود ويغرق تركيا في حمام دم كبير، وهذا ما يهدف إليه منفذو العملية الإرهابية. إن العاصفة التي تواجهها تركيا لا يمكن أن تتغلب عليها إلا إذا اعتمدت على نفسها واتكلت على عزائمها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس