أفق سانلي - موقع المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
خلال العقد الأول له في سدة الحكم حظي الرئيس أردوغان باحترام واسع كوسيط يعمل على حل القضايا الدولية. نجح إلى حد كبير في تسوية مشاكل تركيا مع جيرانها، ودعم القيم الديمقراطية، وأدار دفة الاقتصاد النشط مستفيدا من الشهرة التي نالها. منذ عام 2002 وحتى عام 2012 ارتفعت صادرات تركيا أربعة أضعاف من 36 مليار دولار إلى 152 مليار دولار، وتعزز الازدهار الاقتصادي وزادت فرص العمل.
في السنوات الأخيرة تحولت الأمور، فمشاكل أردوغان مع جيران تركيا دقت ناقوس للصادرات التي انخفضت إلى 144 مليار دولار. كانت التوقعات الحكومية في البرنامج الاقتصادي المتوسط الأجل الذي أعلن عنه في نهاية 2015 أن تصل الصادرات إلى 155 مليار دولار، لكن بيانات الأشهر الأربعة الأولى لعام 2016 تظهر أن هذا الهدف ليس إلا حلما، حيث يتوقع أن تقل مبيعات الشركات التركية للأسواق الدولية هذا العام مقارنة بعام 2015. ووفقا للبيانات الصادرة عن اتحاد المصدرين الأتراك فقد انخفضت الصادرات خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير وحتى نيسان/ أبريل بنسبة 8.4% أو 4.2 مليار دولار مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ورغم ذلك فإن هناك قطاعا يبرز خارج هذا الصورة القاتمة، وهو قطاع الصناعات الدفاعية والطيران،حيث بلغت صادرات الشركات العسكرية التركية 556 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، أي بزيادة قدرها 23%، مقارنة ب 460 مليون دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لاتحاد المصدرين الأتراك.
وقال لطيف أرال رئيس اتحاد مصدري الصناعات الدفاعية والطيران للمونيتور "أعتقد أننا سنتخطى هذا العام 2 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز الرقم القياسي في جميع الأوقات." ارتفعت إيرادات شركات الصناعات الدفاعية التركية من 800 مليون دولار إلى 1.6 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية.
ويضيف أزال "إن الصناعات الدفاعية التركية توفر مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات من أنظمة الأقمار الصناعية المتقدمة إلى الأحذية العسكرية. وزاد الاستثمار في هذا القطاع من تنوع المنتجات، وبفضل هذا الاستثمار أضيفت عناصر جديدة للتصدير كمنتج ثانوي. ونحن قادرون على دخول أسواق جديدة بسهولة أكبر مستفيدين من هذه المجموعة الواسعة من الممنتجات."
يصنف معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام تركيا- التي تملك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو- سابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، والدولة رقم 17 في مبيعات تصدير الأسلحة. تتراوح واردات تركيا من الأسلحة بين 2 و2.5 مليار دولار سنويا. وقبل 15 عاما كانت تركيا تنفق أكثر من ذلك بكثير على وارداتها من السلاح. وقد أدت الحملة الشاملة لتوسيع الصناعات الدفاعية المحلية منذ مطلع العقد الماضي إلى انخفاض كبير في الإنفاق على استيراد الأسلحة والمعدات الأجنبية.
في الثلاثين من أبريل وخلال مراسم الاحتفال ببناء أول سفينة هجومية في تركيا وهي سفينة الأناضول الهجومية متعددة الأغراض، قال أردوغان " إن اعتمادنا على الواردات الدفاعية انخفض إلى نحو 40% من 80% في عام 2002 ، وهدفنا الوصول بهذا الرقم إلى الصفر في الذكرى المئوية للجمهورية 2023. لن نلبي احتياجاتنا فحسب، بل سنكون المورد الرئيس للدول الشقيقة والصديقة."
اعتمدت الصناعات الدفاعية التركية على خارطة طريق بسيطة في سعيها للحد من الإنفاق على الواردات وانتاج الأسلحة والمعدات الضرورية محليا. فبدلا من شراء الأسلحة، تم انتاجها في تركيا عندما يكون ذلك ممكنا، فإن لم يكن ممكنا تضمن تركيا نقل التكنولوجيا عبر الإنتاج المشترك للأسلحة.
وقد تعاونت شركات الصناعات الدفاعية التركية مع نظيراتها الإيطالية لإنتاج طائرات مروحية، ومع نظيراتها الإسبانية لإنتاج طائرات شحن وسفن هجومية، كما تجري محادثات مع شركات أمريكية وأوروبية للحصول على أنظمة للدفاع الجوي. وقد نجح قطاع الدفاع التركي بالفعل في إنتاج سفينة حربية محليا، ويستعد لإنتاج دبابة قتالية، وتم بنجاح اختبار بندقية مشاة محلية الصنع، وطائرة بدون طيار ويعرضان في المعارض الدولية.
وتضع البيانات الولايات المتحدة على رأس قائمة عملاء شركات الصناعات الدفاعية التركية، حيث تدفع أمريكا 30 دولارا للشركات التركية عن كل 100 دولار من مكاسب الصادرات. بلغت الصادرات الدفاعية التركية إلى الولايات المتحدة 500 مليون دولار في العام، في حين تقف الواردات الدفاعية التركية من الولايات المتحدة عند 1.5 مليار دولار. وعلى ذلك يمكن أن تكون أنقرة راضية بالكاد عن الوضع الحالي للتجارة مع الولايات المتحدة. وتكاد الصورة تكون هي نفسها مع الدول الغربية الأخرى مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي تشتري منها تركيا أكثر مما تبيع. ووفقا لبيانات عان 2015 اشترى الحلفاء الغربيون أكثر من نصف صادرات تركيا الدفاعية، في حين استوردت منها تركيا جميع احتياجاتها في القطاع العسكري.
تمثل أذربيجان وباكستان وجمهوريات أسيا الوسطى ثاني أكبر مجموعة من عملاء تركيا. تقع هذه الدول في منطقة تمزقها الصراعات، ونفقاتها الدفاعية مرتفعة للغاية، وهي تميل بطبيعة الحال إلى تفضيل المنتجات التركية الأرخص على نظيراتها غربية الصنع.
وفي الوقت نفسه عزز الصراع والتوتر الذي أعقب الربيع العربي من مبيعات الأسلحة التركية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب بيانات اتحاد الصناعات الدفاعية التركية. وفي هذا الصدد تعد المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ولبنان أكبر عملاء تركيا في الشرق الأوسط، في حين أن تونس هي أكبر شريك تجاري لتركيا في البحر المتوسط.. تملك الدولة شركة أسلسان للصناعات العسكرية، وشركة روكيتسان، وشركة الصناعات الكيماوية، وشركة بي إم سي لإنتاج العربات المدرعة التي تملكها مجموعة سانجاك المقربة من عائلة أردوغان، وهذه الشركات جميعا برزت بين الفائزين من تداعيات الربيع العربي.
تمثل أفريقيا سوقا أخرى استهدفتها شركات الصناعات الدفاعية التركية في الآونة الأخيرة. وتكشف بيانات اتحاد المصدرين الأتراك عن مبيعات تركية لافتة للنظر من الأسلحة والمعدات إلى البلدان الأفريقية على أساس موسمي.
يوما بعد يوم يزداد عدد أصحاب شركات الصناعات الدفاعية ومدراء الشركات الذين يرافقون أردوغان في رحلاته الخارجية. وبما يتمتع به من شخصية كاريزماتية وعلاقات قوية يفتح أردوغان الطريق لشركات الأسلحة إلى أسواق جديدة، ما يعطي دفعة قوية للاقتصاد التركي. ويبقى من غير الواضح إذا كانت مبيعات السلاح أقوى علاج للاقتصاد التركي من السلام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس