جلال سلمي - خاص ترك برس

كما جرت العادة، ألقت تركيا من جديد بثقلها الدبلوماسي على الطاولة للتوسط بين الأطراف المتنازعة، هذه المرة في الصومال، حيث سعت تركيا لإعادة إحياء المفاوضات بين الحكومة الصومالية وحكومة صومالي لاند المستقلة ذاتيا، التي انقطعت منذ عام 2014.

وحسب موقع الجزيرة ترك، تمت دعوة الأطراف إلى تركيا بشكل غير رسمي، في 18 نيسان/ أبريل المنصرم، وأدار اللقاء نائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة بورصة "كاني تورون"، وأكدت جهات مطلعة أن أجواء توافقية سادت اللقاء، وتم الاتفاق بين الطرفين على إعادة اللقاء في 31 أيار/ مايو الجاري، في أنقرة، تحت شعار "التوحد من جديد"، ووسط حضور تركي ودولي رفيع المستوى.

ويُذكر أن إقليم صومالي لاند الواقع في شمال غربي الصومال أعلن استقلاله الذاتي عن الحكومة المركزية عام 1991، تحت اسم "جمهورية أرض الصومال"، ولكنه لم ينل الاعتراف الدولي الذي يؤهله ليكون دولة مستقلة، إذ اعترف المجتمع الدولي به على أنه إقليم مستقل فقط. تبلغ المساحة الكلية للإقليم 137 ألفا و600 كيلومتر مربع، أي ما يقارب 21.5% من المساحة الكلية للصومال. ويبلغ عدد سكانه 3.5 مليون نسمة، ويتحدث سكانه باللغات الصومالية والعربية والإنجليزية.

ومنذ عام 1993 وهناك مفاوضات جادة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، لإرساء نظام قانوني توافقي بينهم، ولكنها تعطلت عام 2014.

بداية التحرك التركي

لاحظت تركيا توقف عملية التفاوض بين الطرفين في شباط/ فبراير الماضي، فقررت التدخل لإعادة المفاوضات وتغليفها بهيكلية حلول ناجحة تمكن الطرفين من حل الأزمة العالقة منذ عام 1991، ولوضع حجر الأساس في إعادة عملية التفاوض أرسلت الحكومة التركية نائبها عن مدينة بورصة "كاني تورون" إلى الصومال، بعد تلقيها دعوة من الحكومة الصومالية لمراقبة الانتخابات والتوسط.

وافق الطرفان على الالتقاء بأنقرة بشكل غير رسمي، ووفرت وزارة الخارجية بيئة مناسبة لاجتماع الطرفين، ولكنها لم تنضم إلى أي من المشاورات التي جرت بينهما، لكي يتمكنا من الحصول على فرصة أكبر لمناقشة الخطط المستقبلية للتوافق.

وفي إطار لقائه مع قناة الجزيرة، قال النائب تورون فيما يتعلق بلقاء 31 مايو إن "الطرفين سيعودان إلى أنقرة من جديد للتفاوض، وسيقومان بتحديد خارطة التوافق المستقبلية بشكل مستقل، وسيكون لتركيا دور استشاري وتحفيزي فقط، أما أطر خارطة التوحد من جديد فسيتم إعدادها من قبل الطرفين بشكل مباشر."

من الدولة الفاشلة إلى إعداد الدستور

خضعت الصومال في السابق للاستعمارين الإنجليزي والإيطالي لفترة طويلة، وفي عام 1960 تمكنت من إعلان استقلالها، ولكن منذ استقلالها وحتى عام 1991 لم تتمكن من تأسيس حكومة ناجحة تساهم في تطويرها واستثمار ثرواتها.

وبينما تقطن في شمال الصومال غالبية صومالية، يقطن في جنوبها الكثير من الأقليات التي تعود إلى أصول مختلفة، وقد تسببت المناوشات الجارية بين الأطراف الصومالية إلى نشوب حرب أهلية عام 1991، وعلى إثر ذلك تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية لإطفاء شعلة الحرب، ولكنها فشلت في ذلك واستمرت الحرب الأهلية، وحتى عام 2011 والصومال توصف بالدولة الفاشلة من قبل المجتمع الدولي.

تأسست الحكومة الصومالية المؤقتة عام 2000، وبفضل التدخل الأثيوبي عام 2006، تمكنت الحكومة من فرض سيطرتها على قسم كبير من الأراضي، وقد دعمت تركيا التدخل الأثيوبي دبلوماسيا وسياسيا. وفي عام 2007 بدأت بتزويد الصومال بدعم اقتصادي.

قُبل الدستور الصومالي عام 2012، ودعمت تركيا الحكومة التي تولت مقاليد الحكم عقب إعلان الدستور ورفعت من مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي المتبادل.

تعاني الصومال اليوم من هجمات حركة الشباب التي تسيطر على مساحات جغرافية كبيرة في الصومال، ومن الأقاليم المستقلة مثل أرض الصومال وبونت لاند الذي أعلن استقلاله الذاتي عام 1998.

تركيا والصومال

ساندت تركيا الحكومة الصومالية في كافة تحركاتها الرامية إلى إعادة لم شمل الدولة الصومالية، وقد زار رئيس الوزراء التركي الأسبق "رجب طيب أردوغان" الصومال عام 2011، وحرص خلال زيارته على تعزيز التعاون التجاري والدبلوماسي بين بلده والصومال.

وعقب زيارة أردوغان للصومال أرسلت الحكومة التركية الكثير من كوادر منظمات الإغاثة الإنسانية والمؤسسات الحكومية لإعادة تأهيل الصومال إنسانيا واقتصاديا وإداريا.

منذ عام 2012 وتركيا تلعب دورا هاما في التوسط بين الأطراف المتنازعة في الصومال، وسعت تركيا، من خلال تنظيم لقاءات متبادلة بين رئيسي البلدين في أبريل 2013، إلى رفع مستوى الصداقة والتعاون بينها وبين الصومال لأعلى مستوياته. وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 72 مليون دولار في عام 2015، بعدما كان نصف مليون دولار عام 2001.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!