ترك برس
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن مناطق المعارضة السورية تشهد تنافسا بين الجماعات المؤيدة لتركيا وتلك التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة، وحتى هذه هناك فرق بينها، هناك من تدعمه المخابرات الأمريكية (سي آي إيه)، وتلك التي يتم دعمها عبر برنامج (درب وسلح)، الذي تشرف عليه البنتاغون.
جاء ذلك في تقرير نشرته فايننشال تايمز لكل من الكاتين "إريكا سولومون" و"جيف داير"، ويتحدث عن التنافس الشديد بين القوى التي تواجه تنافسا حادا فيما بينها في العراق، حسبما أوردت صحيفة "عربي 21" في ترجمتها لنص التقرير.
ويحذر الكاتبان من حرب طويلة تترك تداعيات على المنطقة، وتترك الملايين في العراق وسوريا دون مأوى، في وقت ترغب فيه الدول الأوروبية برؤية عدد أقل من اللاجئين يتجهون نحو أوروبا، كما أنها تعقد من عمليات التوصل إلى حل.
ويورد التقرير نقلا عن المسؤولين الأمريكيين قولهم إن الخطط لاستعادة الموصل كانت صعبة، حيث إن هناك الكثير من النزاعات السياسية التي تجعل من محاولة استعادة الموصل أمرا مضرا وليس مفيدا، خاصة أنها ستؤدي إلى مفاقمة المشاعر الطائفية ذاتها، التي أدت إلى بروز تنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي بارز قوله: "يمكننا التحرك بشكل أسرع، إلا أننا لا نريد تحقيق انتصار اليوم، ونكتشف بعد شهر أننا زرعنا بذور تنظيم دولة جديد".
ويرى الكاتبان أن نجاح الحملة ضد تنظيم الدولة يعتمد على استعادة ثلاث مناطق، وهي: الموصل والرقة ومنبج، مشيرين إلى أن كل واحدة منها تعبر عن مصالح متداخلة من الصعب التقريب بينها.
وينوه التقرير إلى أن "مدينة الموصل تعكس الخلاف بين السنة والشيعة والأكراد الذين يحلمون بالاستقلال، لكن الخلاف الكردي الكردي هو الذي يعبر عن هذا التوتر، ويعكس حربا بالوكالة بين تركيا وإيران".
وتذكر الصحيفة، بحسب عربي21، أن مدينة الموصل تقع في محافظة نينوى، وهي جزء من مناطق يطلق عليها بالمتنازع عليها، حيث يحاول إقليم الحكم الذاتي في كردستان والحكومة المركزية في بغداد تقوية سلطتهما فيها، لكنهما في تحالف غير مريح ضد تنظيم الدولة.
وينقل الكاتبان عن مسؤول كردي قوله إن "الولايات المتحدة تقوم بعمليات التعبئة، وتقود الجهود من أجل بناء قوات مقبولة لكل من بغداد وإربيل وللأطراف جميعها"، ويستدرك قائلا: "لا أعرف كيف سيفعلون هذا؟".
ويفيد التقرير بأنه يتم خوض المعركة على خلفية الأزمة السياسية والاقتصادية في بغداد، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يعيش أزمة بين متظاهرين يطالبون بملاحقة الفساد، ونخبة مترددة بالتخلي عن نظام المحاصصة الطائفية الذي أغناهم منذ الغزو الأمريكي عام 2003، حيث قام متظاهرون بمداهمة المنطقة الخضراء، وعبثوا بمحتويات البرلمان في نيسان/ أبريل. وأدت المواجهات يوم الجمعة إلى مقتل أربعة من المحتجين، فيما قاطعت الأحزاب الكردية البرلمان، الذي تعده غير قانوني.
وتلفت الصحيفة إلى أن حكومة إقليم كردستان تستقبل 5 آلاف جندي عراقي على تردد، مشيرة إلى أن الأكراد لا يراقبون هذه القوات إلا نادرا، عندما فشلت في محاولات التقدم، وهناك جماعات أخرى راغبة بالتدخل مثل الحشد الشعبي.
ويذكر الكاتبان أن "القوات الكردية تعمل على تعزيز قواتها بقاعدة عسكرية شمال الموصل، وهو ما أثار غضب بغداد وراعيتها إيران، وكانت الموصل مركز نشاط تجاري وأمني قبل سيطرة تنظيم الدولة عليها، حيث إن وجوده يعطي أنقرة موطئ قدم في المناطق التي يعمل منها حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة تنظيما إرهابيا، لكن التنظيم لديه قوس نفوذ من شمال العراق عبر الحدود السورية مع تركيا".
ويضيف الكاتبان أن المليشيات المحلية الموالية لـ"بي كي كي"، والمدعومة من إيران، تبحث عن دور لها في عملية الموصل، مشيرين إلى أن هذه التحركات تثير مخاوف أنقرة وإقليم الحكم الذاتي في كردستان، حيث يخشيان من قيام "بي كي كي" بالسيطرة على منطقة سنجار شمالغرب الموصل.
ويورد التقرير أنه وسط الفوضى السياسية، تحذر الباحثة رشا العقيدي، وهي من الموصل، المخططيين للحرب من عدم تناسي السكان في المدينة، وتقول: "أحبوا أم كرهوا، فإن الموصل مرتبطة بتركيا، وهناك تقع جذور السكان، ولا أقول إنهم أكثر ولاء لتركيا، لكنهم في الوقت الحالي يعيشون أزمة هوية، ويشعرون بالقرب من حلب وأنقرة أكثر من البصرة"، لافتا إلى أن هذا كله يجعل من السيطرة على مدينة الموصل في عام 2016 تفكيرا متفائلا، حيث يقول المسؤول الكردي: "لو كانوا محظوظين، فإن السيطرة على المدينة ستتم العام المقبل".
وتنوه الصحيفة إلى أن التوتر في سوريا يتركز في المنطقة القريبة من منبج، وهي شريط من الأرض طوله 90 كيلومترا قرب الحدود التركية السورية، ويمتد من بلدة الراعي إلى جرابلوس وإلى الجنوب باتجاه منبج، مشيرة إلى أن المنطقة تقدم بوابة نحو أوروبا؛ لأن الجهاديين فقدوا المعابر مع تركيا.
وينقل الكاتبان عن أرون ستين من المجلس الأطلسي، قوله: "منبج هناك لمن يسيطر عليها، وهو السبب الذي لا تزال منبج وجرابلوس في أيدي تنظيم الدولة"، لافتين إلى أن المشكلة تنبع من التنافس بين قوات التحالف وشركائهم، حيث إن تركيا والتحالف دعما في الأسابيع القليلة الماضية المعارضة السورية لاستعادة بلدة الراعي، مستدركين بأن النصر لم يستمر حيث استعاد الجهاديون البلدة تحت وابل من النار، وأرسلوا آلافا من اللاجئين نحو الحدود التركية.
ويذكر التقرير أنه لدى القوات الغربية حليف هو قوات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لـ"بي كي كي"، حيث أخرج التنظيم الكردي تنظيم الدولة من مناطق الأكراد القريبة من الحدود مع تركيا، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تقول إنها حاولت استقطاب المقاتلين العرب للعمل مع الأكراد تحت مظلة "قوات سوريا الديمقراطية"، إلا أن معظم المقاتلين العرب المرتبطين بتركيا خائفون من العمل حتى لا تتم معاملتهم بطريقة دونية من الأكراد.
وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي تواجه فيه تركيا حزب العمال الكردستاني على أراضيها، فإن التحالف الأمريكي الكردي يؤثر في التعاون التركي في الحرب ضد تنظيم الدولة، وفي الوقت ذاته تركز معظم فصائل المعارضة جهودها لمواجهة نظام الأسد وليس تنظيم الدولة.
وينوه الكاتبان إلى أن "مناطق المعارضة تشهد تنافسا بين الجماعات المؤيدة لتركيا وتلك التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة، وحتى هذه هناك فرق بينها، هناك من تدعمه المخابرات الأمريكية (سي آي إيه)، وتلك التي يتم دعمها عبر برنامج (درب وسلح)، الذي تشرف عليه البنتاغون، ويقول قيادي في المعارضة إن (النتيجة هي عدم التنسيق بين هذه الجماعات، فكيف يمكنها الاتفاق على النقطة ذاتها في الدفاع أو الهجوم؟)".
ويجد التقرير أن التنافس بين العرب والأكراد يبدو واضحا في جهود استعادة الرقة، مستدركا بأنه رغم توقعات السكان بقرب الهجوم على المدينة، إلا أنهم يقولون إن قوات التحالف قامت برمي ملصقات تدعوهم للرحيل عن المدينة، بالإضافة إلى أن التنظيم أعلن في خطبة الجمعة عن نصائح للسكان بالرحيل إلى ريف المدينة.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن معظم سكان الرقة هم من العرب، لكن القوة المؤهلة للسيطرة عليها هي تلك التي يسيطر عليها الأكراد "قوات سوريا الديمقراطية"، ويقول مسؤول أمريكي بارز: "لو تحدثنا عن المدن، فإن استعادة الرقة أسهل من استعادة الموصل، لكن المشكلة هي إعداد قوة للحفاظ عليها، ولا أجد من المنطق استعادة المدينة ثم تركها، فقد تعلمنا هذا في الماضي في العراق وأفغانستان".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!