مصطفى كارت أوغلو – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
إنه لمن المفيد للجميع أن لا نلقي السمع لأولئك الذين ينقرون على وتر أن الاتفاق التركي- الإسرائيلي هو تراجع/ خيانة، انحناء/ تذلل.
إذا كنتم تظنون أن أفكاركم مهمة فلا بد لكم من الحصول على معطيات دقيقة وتجميع معلومات صحيحة وأن تعطوا لذلك الوقت والجهد اللازم وبذلك ستكون وجهات نظركم حقيقية وتكون أفكاركم ذات قيمة.
لا أعرف كيف يمكنك فعل ذلك لكن لا بد لكم من متابعة الأحداث التي وقعت منذ خروج قافلة مافي مرمرة وحتى هذه اللحظة ثم تحليل الأحداث بدم بارد وموضوعية... هذه مهمة تقع على عاتقكم أما ما يقع على عاتقي هو أن أقدم لحضراتكم تحليل لما يحدث اليوم وإشارات لما يمكن أن يحدث أو لا يحدث غدا.
***
إن اللقاءات والمحادثات التي تجمع تركيا وإسرائيل ليست وليدة اللحظة ولا هي جديدة البتة وإنما بدأت مباشرة عقب الهجوم على سفينة مافي مرمرة. لأن تركيا ومنذ اليوم الأول لم تكتفِ بردة الفعل وإنما أتبعتها "بشروط المصالحة".
هذه الشروط الثلاثة تتعلق بشكل أو بآخر بقطاع غزة:
- الاعتذار الإسرائيلي لتركيا هو بمثابة اعتراف إسرائيلي بأن الهجوم هو عملية قرصنة في مياه غزة.
- التعويضات (وإن كانت إسرائيل تسعى إلى استخدام ألفاظ ومصطلحات أخرى بحيث تتهرب من هذا الاعتراف) تحمل في طياتها نقل للمسألة إلى المستوى "الحقوقي".
- رفع الحصار عن غزة، وهو شرط يؤثر مباشرة على حياة الغزيين ويخلصهم من الظلم الإسرائيلي.
إسرائيل رفضت ذلك تكرارا وقالت: "سنقوم نحن بتصريح إعلامي وستقبلون أنتم بدوركم الاعتذار" ومقابل التعويضات ستقوم تركيا بإغلاق مكتب حماس في تركيا وطالبت إسرائيل كذلك بإسقاط الدعاوى القانونية المرفوعة ضدها. أما بخصوص تسهيل حياة الغزيين وتقديم الاحتياجات الإنسانية الضرورية لهم قدمت إسرائيل اقتراحات لتتم الأمور تحت مسميات أخرى.
لكن أنقرة رفضت ذلك...
هذا الإصرار الذي شهد عليه رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما منذ ثماني سنوات خلت ليقدم على إثرها مبادرات - تخلو في الغالب من الدبلوماسية - لم يكتب لها النجاح. ففي أثناء زيارته لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تحدث معه فأجلسه في غرفة وأسمعه الكثير من الكلام ثم اتصل هاتفيا بأردوغان وقال له "إن نتنياهو سوف يعتذر منك الآن"، وأعطى سماعة الهاتف لنتنياهو الذي بدوره قدم الاعتذار عما حصل. أوباما خطف سماعة الهاتف ثانية وقال "أظن أن الموضوع قد انتهى الآن". أردوغان بدوره أجاب: لا لم ينتهِ، الأمر ليست تطمين تركيا وإرضاء غرورها بقدر ما هو تسهيل حياة الغزيين والتأثير الإيجابي على حياتهم.
يبدو أن اتفاقية الأمس هي أفضل ما تم تحقيقة في إطار التأثير الإيجابي على حياة الغزيين. لا بد أنكم قرأتم التفاصيل في الصحف، فالغذاء، ومواد البناء، والاحتياجات اليومية، والماء والكهرباء كله سيتم إدخاله بتدخل ومشاركة تركية، إسرائيل بدورها تقول نحن نقوم بذلك فعلا، لكن وعلى سبيل المثال لا تقول "كم شهر" يلزم المواد التي تصل لميناء أسدود لتدخل إلى غزة. منذ الآن هذه العملية وهذه الفترة الزمنية ستكون تحت رقابة تركيا وتحت كفالتها.
***
فترة المفاوضات هذه ليست مقتصرة على إسرائيل فحسب وإنما ستطال جميع الدول التي تجمعها مع تركيا بعض الخلافات. في الثاني من شباط/ فبراير وفي مقالة تحدثت فيها عن الدلائل على أهمية الشراكة السعودية التركية، كنت قد كتبت أن حلقات سلسلة الصلح ستشمل الإمارات العربية المتحدة الداعم الأساسي للانقلاب في مصر وإسرائيل ومصر ولم أتحدث عن روسيا وقت ذاك إذ إنه لم تكن قد حدثت الأزمة التركية الروسية بعد.
هذه الملاحظة التي كنت قد حصلت عليها حينها من مسؤول رفيع المستوى أكدتها تصريحات محلل آخر سمعته البارحة في أثناء متابعتي للتعليقات المختلفة إذ قال: "إن المصالحة مع روسيا تحتل أولوية وأهمية اكبر من المصالحة مع مصر"، الأمر الذي أثبت ملاحظة المسؤول السابقة والتي تحمل رسالة بأن المصالحة ستشمل جميع دول الخلاف.
فكما تدعم السعودية وبعض دول الخليج العربي المصالحة مع مصر يدعم لوبي المهاجرين الروس في إسرائيل المصالحة مع روسيا، أضف لذلك تاثيرهم على الأوليغارشيين وتأثير الأوليغارشين على بوتين.
هدف حزب العمال الكردستاني هو البرزاني لا داعش
الأوضاع في سوريا تسير بشكل عجيب. فبمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت وحدات حماية الشعب/ حزب الاتحاد الديمقراطي فرض سيطرتها على منطقة غرب الفرات وأن تصل الرقة بالموصل. طوال هذه الفترة السابقة كان حزب العمال الكردستاني يدير مسعود البرزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق من خلال تعليمات قادمة من جبل قنديل. وفي ذات الفترة فتحت دائرة النقاش حول رئاسة البرزاني، لتقدم فيما بعد حركة غوران التحررية على محاولة انقلاب بمشاركة عناصر حزب العمال الكردستاني.
يستشعر حزب العمال الكردستاني الحاجة إلى عاصمة لإدارة الأراضي التي منحت له، البرزاني بدوره لا يرغب في "قوة سياسية وعسكرية" تستهدف المناطق الواقعة تحت سيطرته.
وكلاهما لا يرغب بكردستان ذات رأسين ويسعى إلى التخلص من الآخر.
إن استهداف حزب العمال الكردستاني نظام البرزاني بالسلاح والعون الذي حصل عليه من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ونظام الأسد لن يكون غريبا أو مستهجنًا.
على تركيا أن تكون أكثر قربا من أربيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس