صلاح الدين تشاكرغيل – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
تعد النظرة التي قدمتها الكتب السماوية عن الإنسان واضحة تمامًا: إذ ينحدر البشر جميعهم من سيدنا آدم وحواء. ولكن في الآونة الأخيرة وجدت فرضيات بشكل طبيعي وتدريجي لا طائل منها بالرغم من الاعتقاد بأنها ادعاءات علمية تتسائل عن "وجود أشخاص قبل آدم صفي الله"، ومحاولة البعض جعلها الموضوع الأساسي حاليًا.
حيث قال إسماعيل كهرمان رئيس البرلمان التركي يوم أمس، عقب سؤاله عن "أي منكم يعرف 5 أو 7 أو 10 جذور لأسلافه القدماء؟"، أنا أعرف أكثر من أي شخص آخر آلاف الجذور لأجدادي القدماء. ولا أحد يستطيع مجاراتي بذلك... كما أنحدر من آدم وحواء".
وهنا يكمن جوهر المسألة.
لأن الجميع سواء أكان ذليلًا أم جليلًا عربيًا، وتركيًا، وكرديًا، وروسيًا، وبريطانيًا، أو من هؤلاء القوم أو أولئك... أو كانوا من العرق الأسود، والأبيض، والأصفر، أم الهنود الحمر... قد خلقوا من التراب نفسه بالنسبة إلى العنصر المادي. ولكن الموضوع الأساسي هو إمكانية الخروج من ذلك التراب... لأنه لا يوجد فرق في البقايا المادية لأحدهم عن الآخر، وحتى أكثر محبيه يبدؤون بالقبض على أنوفهم عقب وفاته ببضع ساعات.
إذن كيف يمكن تطوير نظرية تفوق أو انحطاط بوجود مادي كهذا؟ مع احتمال أن تكون الخصائص الفطرية متقدمة قليلًا وفق شروط التغذية، والمناخ، والتعليم.
وكدليل على ذلك يقدم القران الكريم معيارًا أساسيًا في الآية التالية: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات-13).
ولكن لماذا تعاد هذه المعلومات؟
كان التأثر السلبي للعناصر العرقية الأخرى الموجودة داخل الدولة، أمرًا لا مفر منه، مع التأكيد باستمرار على ادعاءات تفوق القوم التركي، وفق المفهوم الايدولوجي الرسمي العلماني – الكمالي – القومي التركي الذي واصل هيمنته طوال قرن من الزمن... ولكن، ظهر انحراف "قومي مضاد" مخيف على شكل قومية كردية. وفد تفاجئنا كلنا عند ظهوره... في حين أنكر العثمانيون، الطرف الأقوى، طوال مدة حكمهم قرابة 6 قرون، تفوق أو انحطاط أي عنصر عرقي. لأن أي تمييز يعتمد على العرقية ليس موضع نقاش بين المسلمين الذين يشكلون الأمة الإسلامية المجتمعة حول "كلمة التوحيد"...
ولكن، الآن...
ازدادت الكارثة الكردية، كنتيجة لا مفر منها للكارثة التركية في الذكرى المئوية...
وبالتالي من المستحيل إلى حد ما، درء هذه الكارثة من دون معارضة هذا الخطاب الايدولوجي الرسمي...
ومع استمراركم بالتأكيد على أنكم أتراك، فإن أشخاصًا آخرين سيؤكدون على أنهم أكراد على سبيل المثال... أي أنها مسألة فعل ورد فعل...
وبما أن كل شيء مبرر، لصالح حماية دولة الأتراك الكمالية؛ فإن ذلك يعني تمسك الأكراد بفكرة العلم الوطني المقدس، وإقامة دولة عرقية مقدسة أيضًا لصالح الشعب الكردي. وفي حال صنعتم أعلامًا في مسائل تؤكد على الوثنية، سيسعى الآخرون بالمقابل إلى صنع أعلام مقدسة جديدة. إن أصدرتم أقوالًا شعرية كالقول إن "ما يجعل العلم علمًا حقيقيًا هو الدماء التي عليه"؛ سيتحدث الآخرون بالمقابل عن أعلامهم الجديدة ودمائهم عليها.
في الحقيقة، لقد تأسست الدولة باضطهاد العرق التركي بفكرة إقامة دولة وطنية لصالح الشعب قبل 100 عام، وبالتالي فإن حديثهم عن نظام جديد يتضمن "القول بأننا أكراد، مع استمراركم بالقول بأنكم أتراك"... لا يعد خطأ؛ وإن واجهوا كل خطأ، بخطأ آخر...
وبجميع الأحوال فإنهم يسعون حاليًا إلى ترميم بقايا الانحرافات العرقية في الذكرى المئوية الأولى...
وبالرغم من ذلك، لم يتمكنوا من رؤية تعديلات الإصلاحيين التي نفذها العديد من الأتراك والأكراد اليوم، والهوية الإسلامية بالأمس... وبعض الأقوال التي تتحدث عن الحاجة إلى دستور مسؤول على أعلى المستويات، بالإضافة إلى إظهارهم الاتهامات كدليل، بما فيها من حقد وكراهية...
أما الاقتراح على مثل هؤلاء الأشخاص فهو: دعوتهم إلى العودة إلى المسلمين مجددًا بدلًا من إثارة العداوات من خلال تعداد أخطاء مجموعات عرقية أخرى، وكشط الجرح أكثر؛ وأن يسعى الجميع إلى تصحيح أخطاء المجموعة العرقية التابع لها من ناحية إسلامية. وكذلك تخريب ألاعيب الشيطان.
وفي النهاية علينا أن لا ننسى بأننا مسلمون من ملة واحدة؛ هي ملة إبراهيم، بغض النظر عن العرق و القوم الذي ننتمي إليه...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس