رداد السلامي - خاص ترك برس
مسألة مواجهة إيران وروسيا والغرب وإفشال مخططاتها وطموحاتها تعتمد على مدى استعداد دول عربية وبالخصوص دول الخليج الثرية بالنفط والمستهدفة أساسا التخلي عن النهج القومي الذي بات يعزل الخليج عن العرب أنفسهم بوصفهم حسب ما يعتقدون قومية متميزة تنام على بحيرات الطاقة، هذا النهج الضيق غير المرتبط بدور "رسالي" و"برؤية استراتيجية" واضحة هو الذي جعل سياسات هذه الدول تؤثر مع المدى على كيانها الوجودي وتقع في أخطاء استراتيجية قاتلة.
زاد من قدرة إيران في التغلغل في المنطقة وزرع أذرعها الطائفية القوية والمسلحة ذات النفس الاستئصالي الخطير، والدخول مع تركيا القوية المسلمة في حلف شامل ومنظم ومنسق ومستمر يعضد من دور دول المنطقة ككل بحيث تصب جهودها في سياق موحد يهدف إلى بناء دول المنطقة بناء قويا وفقا لخيارات شعوبها وإرادتها في الحرية والنهضة والقوة، ويحقق مجمل تطلعاتها المشروعة.
إن المملكة العربية السعودية مثلا هي هدف القوى الدولية القذرة كروسيا وأمريكا وأوروبا وجميعها تقوم بتوصيفها عبر إعلامها وجل مسؤوليها بأنها منبع الإرهاب، تماما كما ترى في تركيا خطرا بوصفها دولة عادت إلى قيمها الاسلامية كهوية ثقافية وتاريخية وحضارية وطاقة انطلاق قوية، وبه تحققت نهضتها وقوتها الحديثة اليوم لترسي دعائم نظام ديمقراطي قوي ومستقر يضمن الشعب من خلاله حريته في اختيار الإرادة الوطنية المشروعة التي تمثله وتحقق طموحاته المشروعة، إن الذين يقولون "لا دخل لنا بتركيا" من العلمانيين والليبراليين والقوميين في المنطقة العربية ودوّل الخليج خصوصا يغفلون مسالة تاريخية وجيبوليتيكية هامة مفادها أننا وتركيا نقع في سياق جغرافي واحد يؤثر ويتأثر ببعضه وإنه إذ لم نعمل معا فإننا سنكون لقمة سائغة يتقاسمها الشرق والغرب بعد ان تكون قد طبختها بواسطة ايران على نار هادئة، كما أن تركيا جزء لا يتجزء من المنطقة العربية والإسلامية بل وأهم جزء حيوي ومؤثر فيها.
إذ إن مفتاح بقاء الإسلام الحديث كان ولا يزال بيد الأتراك حد تعبير المجدد الإسلامي التركي الكبير بديع الزمان سعيد النورسي صاحب "كليات رسائل النور".
إن الانقلاب الذي حدث في تركيا كان بمثابة محاولة مستميتة من قبل الغرب لكسر أهم وآخر حواجز الصد القوي المممانع لسياساته في المنقطة تلك التي تتغيا فوضوة وتقسيم دولها وإعادة ترسيمها وفقا لمصالحها وأجندتها الاستعمارية، ولو كان نجح ذلك الانقلاب فإن إيران التي تتحرك بوعي إمبراطوري وآخر أداتي ستكون قادرة على ابتلاع دول الخليج لتنال حصصها في سياق المسعى التقسيمي الذي يستهدفه الغرب ككل، لتبقى قطر كليا والسعودية نسبيا هي أكثر دول الخليج وعيا بالسياسات الغربية وأهدافها القذرة والخطيرة تلك التي أوجدت كل هذه الفوضى وحالت دون إرادة الشعوب وأجهضت ثوراتها التي حققتها بوعي التحرر من الاستبداد ونظم الفساد والتبعية والطائفية التي سلبتها حريتها وحقوقها ومقومات وجودها الإنساني الكريم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس